د. وائل فؤاد نجيب يكتب.. اختيارات من ولماذا؟
يولد الانسان وهو لم يختار نوعه ذكرا ام انثي ولم يختار الأسرة التي شهدت ميلاده فيها ولا الاسم الذي كان من اختيار العائلة كما لم يختار المستوى الاجتماعي الذي ينتمي إليه وأيضا لم يختار ثقافة العائلة التي ينتمي إليها ولم يختار طريقة تعاملهم مع المادة والثقافة ولم يختار العادات والتقاليد ولا المنزل ايضا ولم يختار لون بشرته ولم يختار لون شعره ولم يختار ملامحه وطوله أو قصره ولم يختار قدراته العقلية التي يتمتع بها ولا إمكانياته المادية التي نشأ فيها والتي فرضت نوع المدرسة التي التحق بها وحتي لو عجزت امكانيات عائلته المادية فهو عليه أن يخضع للتوزيع الحكومي في المدرسة التي تحددها له الحكومة في الوقت الماضي ومن المحتمل ايضا ان يفرض طول الطالب مكانه داخل الفصل لكي لايعوق رؤية زملائه للسبورة وقد يكون مضطرا أن يكون في الصفوف الأولى في الفصل بسبب قصر قامته او لرغبة المعلم في ارضاء والد الطفل فيجلسه في موقع متميز سلبا أو إيجابا في الفصل ومن المحتمل أيضا أن يكون أهل الطالب مجبرين على السكن في محافظة ما بسبب ظروف عمل الوالد أو بسبب نشأته أو أصول عائلته كما أنه لم يختار مهنة والده ولا والدته ولا طريقتهم في التفكير ولا عاداتهم ولا أيضا أولوياتهم في الحياة ولم يختار ديانته ولا ديانة والديه ولم يختار وطنه ولا موقع وطنه ولم يختار المدرسة التي وافقت على التحاقه بها ولم يختار موقعها ولا امكانياتها ولا مدرسيها ومدرساتها ولم يختار الكلية التي وزعه عليها مكتب التنسيق ولم يختار المواد التي يدرسها ولم يختار اساليب تربية اهله له ولم يختار دوافع أهله في تطبيق طريقة تربية معينة ومعتقدات معينة في التربية والسياسة الإقتصادية التي يطبقها الوطن الذي يعيش على أرضه وإذا ما انهى دراسته ليس بالضروة أن يختار مقر العمل الذي يعمل فيه وأيضا مكان عمله وبالتالي مسؤوليات عمله وإمكانية الترقي أو الاضطرار الي تغيير مقر العمل والوظيفة وأيضا لايعرف على وجه التحديد إذا ما كان سيتم حسن معاملته من عدمه وبما أنه حصل على هذا العمل بصعوبة فانه لن يختار تركه أو تغييره بإرادته لكنه سيكون مضطرا إلى وقت أن يظل في هذا المكان مهما كانت الصعوبات التي يواجهها ولايعرف إلى متي سيكون مجبرا في تحمل شخصية مديره أو رئيسه في العمل ولايختار توقيت مقابلته لشريكة حياته ولا يعلم إذا ما كنت فيها كل ما يتمني ام سيكون مجبرا علي التنازل عن بعض الصفات وقبول بعض العيوب دون غيرها وليس بالضرورة أن يختار توقيت خطوبته وأيضا توقيت زواجه وايضا مستوى العائلة التي سينضم اليها وعليه أن يقبل ما يراه مناسبا ولكن ليس كل ما يتمناه وايضا لايختار ميعاد ان يكون ابا ولم يختار نوع أطفاله ولا مواصفاتهم ولا امكانياتهم ولا قدراتهم ولا مستوى صحتهم الجسدية والعقلية والنفسية ولا مستوى تفوقهم الدراسي ولا رغبتهم في الاستمرار في التعليم من عدمه ولا هواياتهم ولا سمات شخصيتهم ولا رغبتهم في البقاء في وطنهم أو الهجرة منه الى مكان آخر ولا مستوي حبهم لأهلهم ولا تفضيل الاهل لبعضهم ولا استمرارهم في الحياة ولا استمرار والديهم في الحياة من عدمه ولا استمرارهم معا او فراقهم عن بعض
ما يختاره الإنسان هو تصرفه في كل موقف يمر به وعليه أن يتحمل هو بنفسه نتائج أفعاله هو وعليه أن يرسم خطة حياته بالقدر الذي تسمح له الظروف والمسيطر عليها والمتحكم فيها وقد اختلف الكثيرون فيما بينهم عن نسبة تحكم الانسان في قدره وفي أموره ومن هي القوة الأخرى المتحكمة في حياة كل منا ودرس الكثيرون هذة القوة المسيطرة واختلفوا في تحديدها وفي تحديد قوتها وتأثيرها والبعض احبها والبعض كرهها والبعض تملكها والبعض رفض وجودها والبعض الاخر تجاهلها والبعض ارتعب منها والبعض تعبد في محرابها والبعض كتب فيها أشعارا والبعض يسأل نفسه الآن لماذا تم كتابة هذا المقال والإجابة هي متروكة للقارئ