أبعاد اختيار السنوار…
مصر القاهرة – وكالات – عمرو عبدالرحمن
لم يكن صدور قرار حركة المقاومة “حماس” باختيارها يحيى السنوار قائدا للمقاومة بالأرض العربية المحاصرة في غزة مفاجئا للمراقبين الدوليين.
ويعتبر السنوار من صقور المقاومة العربية والمسؤول التنفيذي عن عملية السابع من أكتوبر التي هزت يزرائيل والعالم.
وذكرت تحليلات إسرائيلية أن حماس اختارت “أخطر شخص لقيادتها”، وسط دعوات لاغتياله كما تم اغتيال القائد العام للمقاومة ؛ محمد الضيف – وفق ما تعلن تل أبيب.
يمتلك السنوار شخصية عسكرية لا يميل للحسابات السياسية، فجاء اختياره علي غير هوي الجناح السياسي في حركة حماس، وفق مراقبين.
لم يخرج السنوار من بلاده المحتلة، معظم حياته، وأمضى زعيم حماس 23 عاما في السجون الإسرائيلية قبل الإفراج عنه في 2011.
- السنوار والقاهرة
يمتلك يحيي السنوار علاقات قوية بقيادة المخابرات العامة المصرية، ممثلة في السيد اللواء / عباس كامل، الذي التقي برئيس السلطة الفلسطينية “أبومازن” ، ثم زار غزة بتاريخ 31 مايو 2021، واستقبله السنوار تتويجا لانتصار مصر في الحرب علي الإرهاب بسيناء، حيث إعادة هيكلة العلاقات المصرية بالمقاومة الفلسطينية، علي أساس ؛
- المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية.
- إعادة بناء العلاقات المشتركة مع قيادات المقاومة في غزة.
- إعمار مدينة غزة المتهالكة، والمحاصرة منذ عام 2007.
- تثبيت التهدئة ووقف النار مع “إسرائيل”.
وأعلن يومها السنوار: “المصريون ناقشوا مع حماس ملف الإعمار والمنح الدولية لغزة لإعادة الإعمار”، مؤكدا “أننا على موعد قريب لكسر الحصار عن غزة وتوفير فرصة حياة كريمة لشعبنا بالقطاع”.
وقد وضعت حركة حماس مطالبها في عهدة رئيس المخابرات المصرية عباس كامل.. وهي:
- ترتيب البيت الفلسطيني بدءاً من منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة الشراكة الكاملة مع فصائل المقاومة المسلحة، وصولا لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
- إلزام الاحتلال بوقف عدوانه على غزة والقدس الشريف.
- لجم المستوطنين ورفع الحصار عن غزة تماماً.
- تطبيق القرارات الدولية التي نصت على إقامة دولة فلسطينية، وعودة اللاجئين.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية «كان»، إن مصر تسعى إلى المشاركة في إعادة إعمار قطاع غزة وترى في قضية الأسرى خطاً موازياً لخط إعادة الإعمار وليس مرتبطاً.. (وهي نفس رؤية السنوار).
ونقلت القناة عن مصادر فلسطينية لم تسمها، أن المصريين مهتمون بقيادة عملية إعادة إعمار غزة من خلال شركات المقاولات المصرية التي ستنفذ المشاريع الكبرى، واستيراد مواد البناء إلى القطاع عبر معبر رفح بإشراف مصري.
- إعادة الإعمار بقيادة مصرية وسط خلافات فلسطينية سببها تدخل “إسرائيل”
من جانبها طالبت حماس تقليص مشاركة السلطة الفلسطينية في عملية إعادة الإعمار، مقابل إنشاء «هيئة مستقلة» تتولى إدارة تحويل الأموال ومواد البناء، تترأسها شخصية فلسطينية مستقلة لها قبول عند الغرب.
ورد مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية، وفقاً للقناة الإسرائيلية، إنهم في رام الله، يعارضون إنشاء هذا المجلس، «ويجب على حماس الموافقة على أن إعادة الإعمار من البداية إلى النهاية، ستتم من خلال السلطة الفلسطينية».
وأشرفت السلطة على عملية الإعمار التي كانت جارية منذ انتهاء حرب 2014 ضمن الاتفاق الذي عقد بين الأمم المتّحدة، والسلطة الفلسطينيّة وإسرائيل، لكنها سمحت لإسرائيل بإشراف مباشر عليها، في إخلال بمبادئ الحق الفلسطيني بسيادته علي أرضه.
من جانب آخر، قالت الأناضول إن السلطات المصرية أعتزمت إنشاء مدينة سكنية في غزة ضمن مشاريع إعادة الإعمار، مشيرة إلى أن رئيس المخابرات سيبحث تفاصيلها مع قيادة حماس.
وقال يحيى السنوار رئيس حركة حماس في قطاع غزة أثناء وضع حجر الأساس لمدينة سكنية في الزهراء، أن المدينة ستحمل اسم مصر وبدعم منها.
لاحقا ؛ أعلن السنوار “أعددنا 1111 صاروخا في الرشقة الصاروخية الأولى (نحو إسرائيل)، حين يلزم أن ندافع عن المسجد الأقصى، والرقم 11/ 11 “يشير إلى تاريخ استشهاد القائد ياسر عرفات.
وقال إن “المساس بالأقصى والقدس يعني حربا دينية إقليمية، وعندما يتعلق الأمر بمقدساتنا لن نتردد في اتخاذ أي قرار”.
ومنذ عام 2007، تفرض إسرائيل حصارا بريا وبحريا وجويا على سكان قطاع غزة، البالغ عددهم أكثر من مليوني عربي، نجم عنه تدهور كبير في الأحوال الاقتصادية والمعيشية.
- السنوار بعد 7 أكتوبر
يعد السنوار قائدا منفذا لعملية 7 أكتوبر، ردًّا على «الانتهاكات الإسرائيلية في باحات المَسْجِدِ الأقصى المُبَارك واعتداء المُستوطنين الإسرائيليين على المُواطنين الفلسطينيين في القُدس والضّفّة والدّاخل المُحتَل».
قَتلت إسرائيل خلال عام 2023 ما لا يقلُّ عن 247 فلسطينيًا، واتسعت رقعة الاستيطان وتهجير الفلسطينيين من قراهم وهدمِ منازلهم والاعتقال في ظلِّ حكومة إرهابية وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي طالبَ بـ «إبادة الفلسطينيين عن بكرة أبيهم»..
ووزير المالية بتسلإيل سموتريش الذي يدعمُ الاستيطان بكل قوّة ويضغطُ على الحكومة الإسرائيلية للسماح له بالحصول على مزيدٍ من التمويل لبناء عشرات المستوطنات الجديدة على الأراضي الفلسطينية.
فضلًا عن الاقتحام المتكرّر للمسجد الأقصى وبمئات المستوطنين في حماية الشرطة الإسرائيلية التي تمنعُ الفلسطينيين من دخول الأقصي لأداء مناسكهم وتعتقلهم بالمئات.
الجدير بالذكرِ أنّ عملية 7 أكتوبر تمت بشكل فجائي للأجهزة الاستخباراتيّة الإسرائيلية ونظيرتها الأمريكيّة، حتى أنّ صحيفة هآرتس العبريّة اعترفت بأنّ «الهجوم من غزة شكَّل مفاجأةً كبيرةً للاستخبارات العسكرية»، كما أنّ العمليّة الفلسطينية جاءت بعد يومٍ واحدٍ من الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر.
** من هو يحيى السنوار؟ وكيف كانت مسيرته في “حماس”؟
يحيى إبراهيم حسن السنوار
ولد في أكتوبر 1962، في مخيم خان يونس بقطاع غزة. وشغل مؤخرا منصب رئيس حركة حماس في قطاع غزة منذ 13 فبراير 2017.
والسنوار مؤسس جهاز حماس الأمني (المخابرات) ويدعى “المجد” في العام 1985، وهو الجهاز المخول ملاحقة جواسيس “إسرائيل”.
تعود جذور السنوار الأصلية إلى بلدة مجدل عسقلان داخل الخط الأخضر، حيث لجأت عائلته لمخيم خان يونس في قطاع غزة بعد النكبة.
المعسكر والسجن والاعتقالات
أول اعتقال للسنوار في العام 1982، وأبقته القوات الإسرائيلية رهن الاعتقال الإداري أربعة أشهر.
وفي العام 1985 اعتقل مجددا ثمانية أشهر بعد اتهامه بإنشاء جهاز “المجد” الأمني.
وفي العام 1988، اعتقل السنوار مجددا وصدر في حقه حكم بالسجن أربعة أحكام بالمؤبد.
أفرج عن السنوار عام 2011 خلال صفقة “وفاء الأحرار”مع أكثر من ألف أسير فلسطيني، في مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
حياته في السجن
خلال سنوات السجن كان السنوار متابعا للمجتمع الإسرائيلي، وواظب على متابعة ما صدر في الإعلام العبري باستمرار، كما اطلع على الكثير من الدراسات المكتوبة بالعبرية التي تناولت الوضع الداخلي الإسرائيلي، وهو ما انعكس كثيرا على أسلوبه وتعاطيه مع المؤسسات العسكرية والمدنية والمجتمع في إسرائيل.
أصبح السنوار أحد كبار مسؤولي حماس في المعتقلات الإسرائيلية، كما أمضى ساعات في التحدث مع الإسرائيليين، وتعلم ثقافتهم وكان متابعا للقنوات التلفزيونية الإسرائيلية، كما يؤكد مسؤول كبير سابق في خدمة السجون الإسرائيلية.
- السنوار بلسان العدو
= تحدث يوسي أمروسي، المسؤول السابق في جهاز “الشاباك” الإسرائيلي، عن تجربته في الماضي مع قائد حركة “حماس” في غزة يحيى السنوار وانطباعاته عنه.
وفي مقابلة مع قناة “i24NEWS“، أوضح يوسي أمروسي قائلا: “لقد قابلته لأول مرة بعد التحقيق معه على خلفية تورطه بقضية توجيه عملية لاختطاف جندي إسرائيلي وتهريبه الى الأراضي المصرية”.
وأشار أمروسي إلى المعلومات التي يعرفها عن السنوار قائلا:
إن “السنوار بنى سيرته ومكانته كقيادي في حماس داخل السجن حيث تحول الى قائد للسجناء الأمنيين والمتحدث باسمهم أمام إدارة السجون بهدف الحصول على شروط أفضل، وانتقل خلال فترة سجنه بين عدة معتقلات إسرائيلية”.
ولفت إلى أنه:” قام بتوجيه نشطاء موجودين خارج السجن لتنفيذ عمليات لخطف جنود إسرائيليين بغرض التفاوض للإفراج عن سجناء أمنيين، وقام بتوجيه خلية بالتعاون مع محمد شرافقة سعت لخطف جندي وتهريبه من نفق في رفح الى مصر، وإدارة مفاوضات تبادل للإفراج عن الجندي مقابل إطلاق سراح سجناء أمنيين، كانت القضية واضحة، وظهر اسم السنوار في التحقيقات، وكان يجب عليه سماع أقواله، وتوجهت لسجن هداريم للحصول على الإفادة”.
وتابع أمروسي: “السنوار أصر خلال التحقيق معه على الإجابة باللغة العبرية، رغم أنه كان يتحدث معه بالعربية، مشيرا الى أن “السنوار درس اللغة العبرية في السجن ودرس تاريخ الشعب الإسرائيلي واليهودي، وذلك من وجهة نظره بهدف التعرف على العدو”.
وتحدث عن صفات السنوار الشخصية وانطباعته عنه قائلا: “كان حادا ويتمتع ببرودة أعصاب، وهو من نوع الأشخاص الذين يقولون إنهم يعرفون ويدركون جيدا ما يقومون به، ويتمتع بثقة كبيرة بالنفس، ويبرز ذلك من خلال إصراره على الحديث بالعبرية، ومن جهة أخرى واجهت شخصا “متطرفا جدا.. لقد صرح للمحققين السابقين في سنوات الثمانين..أنتم الآن تحققون معي، لكنني سأحقق معكم مستقبلا”.
.
المصادر: دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— الشرق الأوسط سكاي نيوز عربية “i24“.
.
حفظ الله مصر والعرب