أحمد حسن محمد يكتب.. صَلَّاهُ قَلْبِي رَكْعَتَيْنِ وَثَوْرَةً
صَلَّاهُ قَلْبِي رَكْعَتَيْنِ وَثَوْرَةً
(وهُوَ الإمام… إلى سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب)
شعر أحمد حسن محمد
***
1)……
دَمُهُ عَلَى حِيطَانِ بيْتِ الشِّعْرِ
لا مَسْحُوق حِبْرٍ سوف يُقْنِعُ حُمْرَةً بِتَبَادُلِ الأدْوَارِ
فِي قَلْبِ الْقَصِيدَةِ
وَهْيَ تنزِعُ حَرْبَةَ الذِّكْرَى مِنَ اسْمٍ..
تَفْتَدِيهِ مَعَاجِمٌ بِجُيُوشِ مُشْتَقَّاتِهَا فِي الطِّبِّ أوْ فِي الْحُبِّ أَوْ فِي الْحَرْبِ
حَتَّى يَطْمَئِنَّ الْعَاشِقُونَ عَلَى سَلَامَتِهِ
.
لا أَبْجَدِيَّةَ -مِنْ قَدِيمِ الْحُزْنِ-
بَارِعَةُ الرُّؤَى حَدَّ افْتِدَاءِ اسْمِ الْحُسَيْنِ..
ولا صَنَادِيقُ الْكُنُوزِ مِنَ الْبَلَاغَةِ سَوْفَ تَحْوِي جُرْحَ مَاسَتِهِ
.
أبدًا ولا قَمَرٌ عَلَى رَفِّ المَجَازِ هُنَا ليَغْسِلَ بُقْعَةَ الشَّفَقِ الَّتِي
غَطَّتْ عَلَى شَمْسِ ابْتِسَامَتِهِ
.
“سَـــتُعدِّدُ” النجماتُ -فِي مَعْزَى عُيُونِ النَّاسِ- أَضْوَاءً مُؤَرَّخَةً بِعَيْنَيْهِ اللتَيْنِ الآنَ أغْمَضَتَا
عَجِيبٌ: أَنْ يَزِيدَ الْمَوْتُ أَيْضًا فِي وَسَامَتِهِ
.
الآنَ سَوْفَ تَقُولُهُ أَرْضٌ
-بِكَامِلِ مُصْحَفِ الرُّؤْيَا، بِأَحْكَامِ التِّلَاوَةِ-
مُنْذُ أول “ضمَّةٍ” في حِضْنِهَا رَفَعَتْهُ نَحْوَ اللهِ..
آخِرِ “فَتْحَةٍ” مِنْهَا أَطَلَّ بِعَيْنِهِ حَتَّى يُطَمْئِنَ عَاشِقِيهِ..
وَ”كَسْرَةٍ” لِلرُّمْحِ تَشْكُو رَامِيًا نَذْلاً إِلَى جَسَدِ القَتِيلْ
.
الآنَ تَتْلُوهُ الْقُرَى فِي سِرِّ مَحْصُولٍ سَيَكْتُمُهُ الْفُرَاتُ..
وَلَنْ يُفَسِّرَ طَعْمَهُ بَرَدَى الْوَسِيمُ
وَلَنْ يُفَرِّطَ –فِي أَمَانَةِ طَعْمِهِ فِي الْقَمْحِ- نِيلْ
.
سَيَظَلُّ جِيلاً بَعْدَ جِيلْ
.
يُوحَى بِهِ فِي حَارَةِ الصِّبْيَانِ، فِي لُعَبِ الصَّبَايَا، فِي طُمُوحِ مَدِينَةٍ..
في “خَلوةِ” الثلْجِ التي قد “شيَّخَتْ قُطبًا” جليدًا..
فِي كَرَارِيسِ النَّجِيلِ.. وَفِي نُصُوصِ التَّمْرِ فِي كُتُبِ النَّخِيلْ
.
جِسْمُ الْحُسَيْنِ الآنَ تَحْتَ الأرْضِ مَخْطُوطٌ بِحِبْر دَمِ النَّبِيِّ/
الأَرْضُ تُرْسِلُهُ لِكُلِّ مَطَابِعِ الرُّؤْيَا
فَتَنْسخُهُ الْجُذُورُ بِكُلِّ مَا فِي خَطِّهَا مِنْ خُضْرَةٍ
فِي الصُّبْحِ تَقْرَأُهَا عَلَى الشَّمْسِ الحُقُولْ
.
فِيهَا النُّبُوءَةُ بِالدَّمِ القُدْسِيِّ
تَحْكِي عَنْ غَدٍ سَيَجِيءُ بِالْحُلْمِ الصَّدِيقِ الْمُسْتَحِيلْ
.
تَحْكِي لأَرْضِيِّينَ مِثْلِيَ عَنْ مَعَارِجَ فِي سَمَائِهْ
.
حَتَّى أُرَبِّيَ دَمْعَةً أُخْرَى عَلَى أَدَبِ النُّبُوَّةِ فِي رِثَائِهْ
.
وَتَقُول مِرْآتِي عَلَى عَيْنَيَّ:
آخِرُ مَأْتَمَيْنِ..
سُرَادِقَانِ مُدَثَّرَانِ بِسُورِ أَجْفَانِي عَلَى عمْدَانِ أَهْدَابي
بِنَاءٌ كَامِلُ الشَّكْوَى بِصَمْتٍ كمْ سَعَى حُزْنٌ قَدِيمٌ فِي بِنَائِهْ
.
وَالْقَلْبُ لَمْ يُوقِفْ حُسَيْنِيَّاتِ دَمْعِي فِيهِمَا مُنْذُ اصْطَفَيْتَ بِهَذِه الذِّكْرَى دَمِي، وَشَدَدْتَ مِن آلامِهَا خَطَّ اسْتِوَائِهْ
.
سَأُعَلِّمُ الْقَمَرَ الصَّغِيرَ بَيَاضَ عَيْنِكَ يَا حُسَينُ..
فَلَا يَضِيع بِزَحْمَةٍ عَمْيَاءَ أُخْرَى فِي مَسَائِهْ
.
لتُعِيدَ أَيُّ خَرِيطَةٍ فَلَكِيَّةٍ رَسْمَ النُّجُومِ عَلَى مَقَاسِ خُطُوطِ جَبْهَتِكَ الَّتِي يَحتَاجُهَا -لِوُصُولِهِ السَّهْرَانِ فِي صَحْرَاءِ لَيْلٍ- أَلْفُ تَائِهْ
.
سُبْحَانَ مَنْ أَوْحَى لِجِسْمِكَ سُورَةً هِيَ سِرُّ جُرْحِكَ ..
حَيْثُ كُلُّ النَّاسِ تُجرَحُ كَيْ تَمُوتَ؛ وأنت لا..
وَنَذلُّ، لَكِنْ أَنْتَ زِدْتَ بِنَزْفِهِ مِنْ كِبْرِيَائِهْ
.
وَضَّأْتَ تِلْكَ الأَرْضَ مِنْهُ لِكَيْ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَثَوْرَةً للهِ بَارَكَهَا بـ”لائِهْ”
.
مِنْ كَرْبلَائِهْ
.
آمَنْتُ أَنَّ -لِجُرْحِ هَذِي الأَرْضِ أَيْضًا- أَنْبِيَاءَ…
وَلَيْسَ غَيْرُكَ –يا حَبِيبِي، الآنَ- آخِرَ أَنْبِيَائِهْ
.
2)…….
قَلَّمْتُ ظفْرَ تَأَمُّلاتِي مِنْ أَصَابِعِ دَرْسِ تَارِيخٍ عَجُوزٍ
فِي كِتَابِي المَدْرَسِيِّ..
بَكَى عَلَى خَدِّي سُؤَالٌ..
كُنْتُ طِفْلاً
وَالْقَصِيدَةُ لَمْ تَزَلْ فِي جَيْبِيَ الْخَلْفِيِّ بَعْضًا مِنْ جَنَاحِ فَرَاشَةٍ..
أَخْرَجْتُهُ..
وَمَسَحْتُ دَمْعَةَ كَوْكَبٍ نَزَلَتْ -عَلَى خَدِّ الْمَجَرَّةِ- نَيْزَكَيْنْ
..
وَأَنَا أُرَدِّدُ: “يَا…. حُسَيْنْ؟!”
.
ورَجَعْتُ بَيْتِي نَاقِصًا عَيْنًا.. لِتَسْأَلَنِي الْقَصِيدَةُ: كَيْفَ.. أَيْنَ؟
وَلَمْ تَزَلْ نَفْسُ الإِجَابَةِ: أَنَّها ذُرِفَتْ عَلَى شَرَفِ الْحُسَيْنِ/
الْعَيْنُ تَذْرفُ -فِي فِرَاقِ أَحِبَّةٍ- دَمْعًا..
ولكنْ فِي فِرَاقِ أَحَبَّ مِنْهُمْ تَذْرفُ الدَّمعَاتُ عَيْنْ
.
3)………
لِلْكَوْنِ شُبَّاكٌ هُنَا؛ لِتُطِلَّ منه على البسيطةِ..
أَيُّهَا الْحَيُّ الْمُخيِّمُ فِي الضَّرِيحْ
النَّاسُ أمْوَاتٌ تَزُورُكَ..
كَيْ يَعُودَ مَريضُ شَوْقٍ بَعْدَ قُرْبِكَ، وَهْوَ مَجْذُوبٌ صَحِيحْ
أَنَا لَمْ أَزُرَكَ..
ولن أزورَكَ/ لا يَزُورُ الْمَيِّتُونَ الْحَيَّ!
زُرْنِي؛
إِنَّ طَيْفًا لِلْحِبيب -يَزُورُ مَيِّتَهُ- مُريحْ
4)…….
لا شَكَّ.. وَجْهُكَ ظَلَّ مِرْآةً يَرَى فِيهَا الْمُضَحُّونَ ابْتِسَامَتَهُمْ..
وَمَا تَحْتَاجُ شَمْسٌ كَيْ تُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهَا مِنْ فُرُوضِ الصُّبْحِ
أوْ فَنِّ الْحَيَاةْ
وتُمَرّغ الشُّعَرَا خُدُودَ قَصَائِدٍ كُبْرَى عَلَى عَتَبَاتِكَ الْخَضْرَا..
لِتَعْرِفَ فِي مَحَبَّتِكَ الإِلَهْ
وَتَعُودُ –أَطْفَالاً- جُنَاةْ
وَأَبٌ مَهِيبُ الصَّمْتِ فِي أفْرَادِ أُسْرَتِهِ..
إِذَا مَرُّوا بِجِلْبَابٍ لَهُ، وَقَفُوا –مِنَ الْحُبِّ- انْتِبَاهْ
جَاكَ.. احْتَفَيْتَ بِهِ، فَأَلْقَى حِمْلَهُ مِنْ دُونِ أَيِّ تَحَرُّجٍ؛
لِيَقُولَ: آاااهْ
وَأَنَا.. أَنَا.. طِفْلٌ عَلَى بَابِ الْقَصِيدَةِ تَنْدَهُ الذِّكْرَى مَلاعِبَهُ الْقَدِيمَةْ
تَتَأَقْلَمُ الأَلْفَاظُ أَحْيَانًا..
وَيَبْقَى أَلْفُ مَعْنًى لا يَرَى فِي لفظِهِ أبدًا سِوَى زِنْزَانَةِ الرُّؤْيَا الأَلِيمَةْ
مُنْذُ ابْتَسَمْتَ لَهُ عَلى سَطْرِي
وَيَعْرِفُ أَنَّ مَا لِلشَّمْسِ –دُونَ صَبَاحِ وَجْهِكَ- أَيُّ قِيمَةْ
هَلَّا ابْتَسَمْتَ لِذَلِكَ الطِّفْلِ الْمُعَبَّأ بِالضَّيَاعِ؛ لِكَيْ تُعِيدَهْ
طِفْلاً عَلَى بَابِ الْقَصِيدَةْ
هِيَ سَوْفَ تَفْتَحُ حِينَ يَنْدَهْ
إِنْ قُلْتَ أنْتَ بِصَوْتِهِ: “هُوَ لَيْسَ وَحْدَهْ
وَأَنَا.. الْحُسَيْنْ!!”
5) طَبْطَبَة بالنَّظْرَةِ
أ)
تَجَمَّعْتُ عِنْدَ الْبَاب بَعْثَرَةً أخْرَى
فَمدَّ يَدًا أُولَى لِتَفْتَحَ لِي الْقَبْرَا
هُنَاكَ يَقُولُ الْحَارِسُ: الْبَابُ مُقْفَلٌ
دَخَلْتُ، وَرُوحِي الآنَ -مِنْ جَسَدِي- تَعْرَى
فَــــضُمَّ فَتًى فِي دَاخِلِي شَابَ مُرْغَمًا
وَمَا أَنَا مِنْهُ غَيْرُ صُورَتِهِ الذِّكْرَى
حَبِيبِيَ يَا مَوْلَايَ فِي كُلِّ نَظْرَةٍ
وَرَا خَجَلِ الْجَفْنَيْنِ أَنْتَ بِهَا أَدْرَى
ب).
نَادَيْتُ، لَكِنْ صَدَى صَمْتِي اسْتَوَى نَبْضَا
بِطَعْمِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، ولا أرْضَا
فِي قُرْبِكَ الصَّوْتُ بُعْدٌ، مَا احْتجَبْتُ بِهِ
وَزُرْتُ قَبْرَكَ، فِي قَلْبِي مُنًى مَرْضَى
أرْجُو شِفَاءَ الرُّؤَى فِي جِسْمِ قَافِيَةٍ
أَلْقَيْتُهَا في دَمِي بالسَّطْرِ؛ كَيْ تَرْضَى
يَابْنَ النَّبِيِّ الَّذِي سَلَّمْتُنِي بِيَدِي
إِلَيْهِ، وَالدَّمْعِ يَسْقِي وَجْنَتِي الرَّمْضَا
آتِي، لأُولَدَ، يَا وَجْهَ الْحُسَيْنِ عَلَى
يدَيْكَ، بَعْدَ سِنِينِ الْحَمْلِ بِالْفَوْضَى
طَبْطِبْ بِنَظْرَةِ بَدْرٍ سَوْفَ يُخْجِلُنِي
مِنْ أيِّ لَيْلٍ تَبَنَّى أعْيُنِي غمْضَا
ما لِي جَنَاحٌ إِلَى مَولَايَ يُوصِلُنِي
وَلَيْسَ لِي قَدَمٌ تَتْلُو بي الرَّكْضَا
لَكِنَّ قَلْبِي أَذَانٌ يَا حُسَيْنُ، لِكَيْ
أُصَلِّيَ الشَّوْقَ نَفْلاً يُكْمِلُ الفَرْضَا
وَقَدْ أَتَيْتُ، وَبَابٌ مُقْفَلٌ كَدَمِي
فَافْتَحْ لِهَذَا المُرِيدِ الحجَّةَ البَيْضَا (ء)
أَسِلْهُ فِي حِبْرِهِ، أَوْ بينَ أدْمُعِهِ
عَلَى يَدَيْكَ انْجِذَابًا عَاشِقًا مَحْضَا
حَتَّى يُقَالَ لَهُ إِنْ يَبْكِ: لَيْسَ بُكَا…
بلْ مَاءُ حُبٍّ بِهِ المَحْبُوبُ قَدْ وَضَّا
للشاعر الكبير/ أحمد حسن محمد ( أبو إلياس)