أمجد المصرى يكتب..من لا يزرع ، لا يشبع
لا صوت يعلو فوق صوت الأقتصاد، وغلاء الأسعار، وجنون الدولار، وأنين البسطاء . وسط أزمة أقتصادية لا سبيل لإنكارها لابد من التفكير بواقعيه فى أسرع وأفضل الوسائل المتاحة للحصول على العملات الأجنبية، فمع إنخفاض إيرادات قناة السويس بفعل الإضطرابات فى منطقة البحر الأحمر، ومع انخفاض معدلات السياحة وتحويلات المصريين بالخارج، لن يتبقى لنا سوى العودة إلى الأساس والأصل، مصر دولة زراعية كانت وستظل دائمًا هكذا، فلماذا لا نركز بكل قوة على هذا الملف ؟
فى ريف مصر القديم بالدلتا والصعيد ربما يشعر الناس الآن ببعض الأريحية أكثر من أهل المدن بسبب إرتفاع أسعار بعض المحاصيل الزراعية رغم تزايد تكاليف الإنتاج خاصة تلك الحاصلات التى نتمتع فيها بميزة تصديرية مثل البطاطس والبصل والحبوب بمختلف أنواعها، لم يشهد الفلاح المصرى مثل تلك الأسعار من قبل ولم يبع محاصيله هكذا أبدًا ، ولكن يظل الرهان على تعظيم إنتاجية تلك الحاصلات من أجل زيادة التصدير للخارج .
فى الأراضى الجديدة التى تم إستصلاحها ومد الطرق اليها وتزويدها ببعض الخدمات وفى مقدمتها منطقة (الوادى الجديد) وواحات مصر وتلك المساحة الشاسعة فى جنوب غرب البلاد والتى تمثل (44%) من مساحة مصر يحكى بعض من خاضوا تلك التجربة عن نجاحات تمنحنا الأمل، فسعر الفدان هناك لا يعادل سعر قيراط واحد فى الأراضى القديمة فى حين تقترب الإنتاجية من أن تتساوى معها، المياة الجوفية هناك تكفى لزراعة ملايين الأفدنة لسنوات طويلة وهو ما أكدته كل الدراسات، فلماذا لا يكون هذا هو مستقبل مصر وأملها للخروج من الأزمة .
حكى لى أحد المزارعين أنه كان يمتلك هو وأخوته (خمسة) أفدنه فى دلتا مصر ولكنه قرر أن يخرج من الصندوق الضيق والوادى الذى كاد أن يختنق بأهله فباع الأرض منذ عام وأشترى بدلا منها (سبعين) فدانًا بالواحات وقام بإعدادها للزراعة وحفر بئر عميق للرى وزرعها بالقمح هذا العام وسط توقعات بأن يكون موسم الحصاد رائعًا ويحمل الخير الوفير وربما يغطى جزء كبير من تكلفة شراء الأرض وإعدادها للزراعة.
مثل هذه الأفكار والخطوات قادره على إخراجنا من أزمتنا الحالية، فمصر التى عرفها العالم عبر تاريخها الطويل الممتد ستظل دائمًا دولة زراعية فى المقام الأول ، وكما علمنا الأجداد أنه “من لا يزرع لا يشبع” وأن “من لا يملك قوته لا يملك قراره” . فقط نريد تسهيلات ودعم ودعاية جاذبه للشباب كى نشجعهم على خوض تلك المعركة هناك فى غرب مصر وجنوبها لننتج ونحقق الفائض فنُصَدر ونُصبح قادرين على سد فجوة العملات الأجنبية خلال فترة قصيرة … حفظ الله مصر وشعبها . حفظ الله الوطن .