آراء حرةأمجد المصري

أمجد المصري يكتب.. إسكندرية تاني (2)

ينشر موقع هارموني نيوز مقالا جديدا لـ أمجد المصري بعنوان إسكندرية تاني (2)، وإلى نص المقال:

ومازلنا مع حكايات عروس البحر الأبيض المتوسط التى كانت لا تنتهي بين مد وجزر كل ساعه . إنها الأسكندرية مدينة النور والفن والجمال، كنا فى طفولتنا وصدر شبابنا لا نفكر ابدًا فى مغادرتها لأى مدينة أخرى حتي ولو على سبيل التغيير أو الترفيه ، لماذا نغادر مدينتنا العامرة وفيها كل شىء متاح ومتوفر بشكل جذاب خاصة فى فصل الصيف وموسم الزخم الذى ينتظره أغلب أهلها .

 

إن كنت باحث عن عروض المسرح فستجد مسارح الأسكندرية العريقه تحتضن أهم وأشهر نجوم الفن المصرى الذين جاءوا إليها في الصيف ليتنافسوا على حصد قلوب وإعجاب المُشاهد السكندرى العاشق للإبداع والكوميديا الهادفه ، كنا نشاهد فى صيف واحد أكثر من 10 عروض لنجوم الصف الأول أمثال عادل إمام وسعيد صالح وسهير البابلى وسيد زيان ومحمد نجم وفؤاد المهندس وغيرهم كثيرون الي جانب بعض فرق الشباب ومسرح الدوله وعروض وزارة الثقافة.

 

أما عُشاق السينما فكانت عروض دور سينما محطة الرمل مثل مترو وأمير وغيرها عامره دائمًا بأحدث وأرقى الأفلام العربيه والأجنبية مع حفلات خاصه يحضرها نجوم تلك الأعمال ليعرفوا بأنفسهم رأى جمهور الإسكندرية الذواق فى أعمالهم ، كان هؤلاء يعرفون جيدًا أن أهل الثغر هم دائمًا ترمومتر جيد لقياس نجاح أى عمل أو إبداع ، ولذلك كنت تجدهم هنا باهتمام يسيرون فى شوارعنا ليستشعروا بأنفسهم قدر نجوميتهم ودقة بوصلة أعمالهم بين جمهور الأسكندريه الذى يجيد الفرز بمهاره ولا يعرف المجاملة .

 

تبحث عن الحفلات الغنائيه وأنشطة الأوبرا أو معارض الفن التشكيلي أو معارض الكتاب وحتي حفلات وعروض السيرك ، فتجدها منتشره بكثره فى أرجاء المدينه . كل شىء هنا كان حاضرًا وبقوه لعشاق الفن والفكر والثقافه . رائحة التاريخ كانت تفوح من شوارعنا القديمه فى كوم الدكه وغيرها، كنت تشعر إنك فى متحف فني مفتوح للجمهور أسمه الأسكندريه، لا شىء يعيق تمتعك بمدينتك الساحره فلا ضجيج ولا صخب ولا زحام .

 

كانت مدينتنا حتى بداية الألفيه الثالثة أو بعدها بسنوات قليله جاذبه لكل عشاق ومتذوقى الفن حتي غابت شمسها منذ عقد أو يزيد ، لم نعد نميز مدينتنا كثيرًا عن بقية المدن ، الهدوء أو فلتقل الخمول الفني والفكرى يضرب كل مكان حتى الأسكندريه مهد الحضارة ، الكل يسقط تحت وطأة موجات التغيير وسرعة الحياة وسيادة الأنترنت وبرامجه اللعينه .

 

حراك ضئيل هنا أو هناك يحضره نخب متكرره بلا إنتشار حقيقى بين الجماهير ، لا رائحه تفوح فتجذب الهائمين بحثًا عن الإبداع ، حاله من السكون الإبداعي تصاحبها حاله من النزوح الغير عادي لأهل الجنوب وسكان الدلتا تجاه مدينتنا لتتحول تركيبتها الديموغرافيه التى كانت تميزها عن بقية مدن العالم ، حتي اللغة تتغير وتكاد أن تختفي تلك اللكنه السكندرية التي كان الناس يتغنون بها من شدة تميزها.

ما زالت مدينتي تنتظر من يعيد إستخراج اللالىء من بين أصدافها كي تعود لمجدها وعهد بريقها المفقود ، ليس تحيزًا لمدينتي التي أعيش فيها وتعيش في وجداني منذ عقود ولكنها حقًا تستحق ، فمن يمنح عروسنا قُبلة الحياة ؟ ويظل لنا مع الأسكندريه حديثٌ آخر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى