أمجد المصري يكتب.. حتى لا ننسى
صبيحة الثلاثين من يونيو قبل عشرة أعوام مضت يخرج المصريون بأعداد كبيره إلى شوارع وميادين مصر ، مطالبين برحيل الحكم الإخواني الذى وثب إلى السلطه فى غفله من الزمن قبل عام ، لن يحكمنا مرشد أو جماعه هكذا أعلنها أهل مصر صراحة فى كل مكان بعد أن استشعروا الخطر الذى يُداهم مستقبلهم مع هذه التركيبه الإخوانية التى لا يفهمونها، أو يشعرون بالراحه معها . هل كان الأمر مُتعجلاً بعض الشىء ؟ أم اننا قد فعلنا الصواب فى حينه حتى وإن لم نتفق جميعًا على بعض نتائج ما أقدمنا عليه ؟
لم يكن الأمر بسيطًا على الإطلاق ، كنا نرى هؤلاء ونحن نتظاهر إسبوعيًا ضد جماعتهم، تشعر أنهم كائنات مختلفه عنا أو أنهم مسوخ تمت إزالة هويتهم المصريه وغرس هويه أخرى داخل عقولهم المتحجره . كنا طوال عام من حكم الإخوان نحاول أن نفهم هؤلاء القوم . لماذا هم مختلفون عنا ولماذا يرون أنهم أفضل منا ؟ لا أعلم كيف كان يتم إعداد هؤلاء طوال عقود، ولكن الأكيد إنهم كانوا يتدربون جيدًا فكريًا ونفسيًا لهذا اليوم الذى يستولون فيه على السلطه، كان هؤلاء مستعدون دائمًا بهذا الوجه المزدوج ، بين إبتسامة الثعالب حين المصلحه ، وعبوس الأفاعي وقت الإختلاف معهم .
بعد عشر سنوات من إزاحة هؤلاء، ومهما كان الحال اليوم غير مرضى فى بعض الأحيان، ولكنني عن قناعه كامله ما زلت فخور بما فعلناه يومها ، لم يكن هؤلاء ليحكمونا ولم تكن حياتنا لتستمر معهم ابدًا ، ربما لم يمنحنا الوقت فرصه لنرى وجههم الحقيقى حال إذا تمكنوا ودانت لهم السيطره الكامله على مقدرات البلاد ، ولكن كتاب التاريخ وتجاربهم الأخرى فى بلدان مماثله ، وما أظهروه من عنصريه فى إقصاء جميع الفصائل والإنفراد بكل شىء وحدهم كانت عوامل حاسمه فى قرار أغلب من شاركوا فى تلك الإنتفاضة على الحكم الإخواني سريعًا .
لم يكن هؤلاء الذين تستروا تحت مسمى الدين ليكتفوا بما وصلوا إليه من حكم مصر ، ولكنهم كانوا فى طريقهم إلى تغيير شامل لشكل وهوية هذه الأرض الطيبه وناسها كي نُصبح مجرد أتباع لهم و لمرشدهم وجماعتهم . كانوا يستهدفون تحقيق حلمهم الذى طال ، هذا الحلم الذى أنتظروا طويلًا ليُصبح حقيقه . أشعر من تعاملى فكريًا معهم ومتابعة تصريحاتهم حينها إنهم كان لديهم درجه عاليه من شهوة وحمي الإنتقام والمشاعر السوداء تجاه هذا الشعب دون سبب واضح ، لم يظلمهم احد ولكنهم ظلموا أنفسهم طوال تاريخهم من عشرينيات القرن الماضى ففقدوا أى تعاطف من أبناء الشعب الأصليين حين قرر البعض أن يزيحهم من كرسى الحكم … للأبد .
فى الذكرى العاشره لثورة الثلاثين من يونيو أخبروا الصغار بصدق وموضوعيه دون تجميل للتاريخ أن جماعة سوداء أرادت أن تصبغ دنيانا بصبغه عنصريه بغيضه ، فأنتفضنا ضدهم وأقصيناهم من مشهد حياتنا دون تردد، فلم يقدموا ما يشفع لهم فى عقول ووجدان أهل مصر الطيبين ، مجرد ورقة هشه أصابها العطَب سقطت من شجرة بلادنا التى لا تتوقف عن الإزهار منذ آلاف السنين وأنتهى الأمر ، وتظل مصر للمصريين، وتظل مصر أكبر من الجميع.