إبداعات أدبية

إبتسام عبد الرّحمن الخميري تكتب..الدّقائقُ الأخيرةُ

 

 

في تلك اللّحظة المتأخّرة من اللّيل كانت السّاعة تشير إلى منتصف اللّيل إلّا عشر دقائق، انتفضتُ من فراشي و ركضتُ نحو مكتبي الصّغير أبحث عن قلم و بعض أوراق، بيديّ المرتعشتين كانت الأوراق تتطاير هنا و هناك و كان القلب يرتجفُ معها… كنتُ أحسُّ أنّ دقّاته تتسارعُ و تتصارعُ مع الزّمن لكنّ صوتا من أعماقي كان يهتفُ بل يصرخُ بأعلى صوته:

“هيّا يا أحلام انتفضي و انفُضي غبار أزمنةٍ، إنّكِ مجموعة أحلام و لستِ حلمًا واحدا، أليسَ هذا اسمكِ؟

إذنْ، كوني الأحلام الجميلة.”

و في ذات اللحظة كان الفكرُ يربكهُ، يُوقفه، ينهرُهُ…

خرجتْ منّي تنهيدة عميقة أحسستُها أراحتني ممّا بداخلي من صراعٍ فابتسمتُ كما كنتُ منذُ طفولتي و شبابي، ابتسامة أملٍ و إصرار في آنٍ.

ما يزال الوقت يمرّ رتيباـ ثقيلا بل لكأنّه قد توقّف عن المسير، ما تزال منتصف اللّيل إلّا تسعة دقائق، نظرتُ السّاعة الحائطيّة،

-ها قد مرّت دقيقة واحدة، جيّد جدّا.

لأوّل مرّة أسعدُ بتباطؤِ عقارب السّاعة، هكذا هو الإنسانُ يأملُ أن يُطَوّعَ الزّمنَ لخدمته. قلتُ ذلك و أنا ما أزالُ أبعثر الأوراق باحثة عن ورق أبيض..

-الحمد للّه، أخيرا. ها هي مجموعة أوراق.

عند ئذٍ، فتحتُ درج مكتبي الأيمن و الوحيد أخرجتُ ما في جوفه من دفاتر و ملفّاتٍ تحوّل بياضها اصفرارا… بحثت لكن هذه المرّة ليس طويلا. فوجهتي باتت واضحة أمامي تمام الوضوح، أخرجتُ ملفًا كُتب عليه بخطّ غليظٍ أحمرَ: “قصص قصيرة للنّشر”.

وضعته أمامي و قد كانت السّاعة تشير إلى منتصف اللّيل إلّا سبع دقائق… بعض الثّواني فقط و يغلق باب الاشتراك في المسابقة العربيّة… و في هذه الثّواني القليلة توهّج الحلم بداخلي و انتصب صامدا محلّقا في الأفق البعيد… رأيتني صبيّة مرفرفة كفراشة تبتسم لها دروب الحياة…

في هذه الثّواني القليلة سكنني الحلم و هزّني الإصرار و العزيمة فما عادت يديّ مرتجفتين و ما عاد الزّمن يبعدني عنه حلما سكنني منذ أكثر من ثلاثة عقود و هذه القصص بين درج مكتبي:

-لقد حان أوان القطاف، لقد حان فلا تتيبّسي.

رفعتُ سمّاعة الهاتف و أعلنتُ بكلّ عزم:

-أريد الاشتراك في المسابقة.

فجاءني الصّوت ممزوجا بالحلم منغمسا في ذاتي الحالمة على الدّوام…

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى