ابراهيم شارود يكتب.. كليوباترا و مارك انتوني
بعد اغتيال قيصر في روما ذلك انقسمت المملكة بين أعظم قواده اكتافيوس وانطونيوس فقرر اكتافيوس أن يضم مصر إلى الإمبراطورية الرومانية لكن كان امامه الكثير من العواقب ومن أشدها ماركوس أنطونيوس “مارك أنتوني” الذي أراد في أن ينفرد بحكم الإمبراطورية الرومانية ومن ثم فكرت كليوباترا أن تصبح زوجة لماركوس أنطونيوس الذي قد يحكم في يوم ما الإمبراطورية الرومانية حيث جاء مارك انتوني الي مصر وجاءت له كليوباترا خفية لخوفها من ثورات المصريين ضدها وكانت مختبأه في سجادة وخرجت منها امام انتوني كعروس البحر وهي في ابهي صورها ووقع انتوني في حبها
كان مارك انتوني متزوجا من اوكتافيا اخت أوكتافيوس(أغسطس) ومنع علي الرومان التزوج بغير رومانية وهنا ظهرت مشكله ارتباطه بكليوباترا وأصبح حليفا لها بدل من أن يضم مصر للإمبراطورية الرومانية و كان ذلك سببا في العداوة بين أغسطس وأنطونيوس لأن أوكتافيا كانت أخت أغسطس تم تقسيم الإمبراطورية الرومانية إلى شرق وغرب وكان الشرق بما فيه مصر من نصيب انطونيوس وكان طبيعيا أن تصبح كليوباترا تحت سلطة السيد الجديد انطونيوس فلتحاربه بسلاح الحب والجمال ولم تنتظر حتى يأتي إليها في الإسكندرية ولكنها أبحرت على متن سفينة فرعونية ذهبية مترفة من الشواطئ المصرية وكان أنطونيوس قد أرسل في طلبها عام 41 ق.م عندما وصل إلى مدينة ترسوس في كيليكية وذلك ليحاسبها على موقفها المتردد وعدم دعمها لأنصار يوليوس قيصر
أعجبت كليوبترا بأنطونيوس ليس فقط لشكله حيث كان وسيما (على حد قول المؤرخين) لكن أيضا لذكائه لأن كل التوقعات في هذا الوقت كانت تؤكد فوز انطونيوس
فكليوباترا مازالت شابة وقد قررت إعادة التاريخ وقد غُوي أنتوني وفي عام 40 قبل الميلاد أنجبت كليوباترا توءميه كليوباترا سيلين وألكسندر هليوس وبوقت ميلادهما كان أنتوني قد عاد لروما حيث كان سيتزوج من أوكتافيا أخت حليفته وعدوه اللدود أوكتافيان
لم يكن لروما إلا أن يحكمها حاكم واحد وقد تدهورت العلاقة بين أوكتافيان وأنتوني وبالتالي بين أوكتافيا وزوجها الجديد سريعًا وفي عام 37 قبل الميلاد غادر أنتوني روما إلى أنطاكية بسوريا حيث أرسل لكليوباترا وقد وضعا معًا خطة كبرى لتحالف شرقي يرد لمصر بعضًا من مجدها السابق وبفضل أنتوني استعادت مصر بعضًا من أراضيها الشرقية المفقودة
ولسوء الحظ كانت حملة أنتوني البارثية الخطوة الأولى نحو تقوية التحالف الشرقي كارثة ماحقة فبدلًا من حيازة أراضٍ جديدة أُجبر أنتوني من خلال زوجته المنفصلة على أن يتوسل أوكتافيان لمزيد من القوات وقُدم لأنتوني 2000 جندي وهو رقم يبعث على السخرية وقُلل من عددهم أيضًا وانهارت العلاقات بين كلًا منهما وقد أعاد نصر أنتوني اللاحقي في أرمنيا بعضًا من ماء وجهه وقد كانت هناك احتفالات مكثفة في الإسكندرية حيث جلس أنتوني على العرش وتباهى بأبنائه من كليوباترا كملوك لأراضي روما ومصر المحتلة ولم يكن لشيءٍ أن يثير استياء أوكتفيان وأوكتافيا أكثر من ذلك
وفي عام 32 قبل الميلاد طُلقت أوكتفيا وصار أنتوني وكليوباترا زوجين رسميين ولكن أثناء تمتع المحبين بجولة ممتدة في البحر المتوسط الشرقي كان أوكتافيان يتحضر للحرب
جرت معركة أكتيوم البحرية الفاصلة غربي اليونان عام 31 ق.م وقررت مصير الحرب وكانت معركة أكتيوم نصرًا لأوكتافيان وأُجبر أنتوني على الهروب بينما عادت كليوباترا إلى الإسكندرية وبدأت في جمع قواتها وحين انضم أنتوني لها بعد عدة أسابيع حوصر الاثنين بشكلٍ فعال خسر أنطونيوس كثيرا من سفنه في محاولته كسر الحصار الذي ضُرب حوله وتسارعت الأحداث وعملت كليوباترا كل ما في وسعها لتفادي الكارثة بعد وصول أنباء الهزيمة إلى مصر تم تجاهل عرض كليوباترا بالتخلي عن العرش لأولادها وبينما كان أنتوني يستعد لخوض معركته الأخيرة بمحاولة يائسة للتصدي لقوات أوكتافيانوس قيصر روما الجديد التي وصلت إلى مشارف الإسكندرية في صيف عام 30 ق.م تحصنت كليوباترا في ضريح استُخدم أيضًا كخزينتها وحين تلقى أنتوني خبر انتحار كليوباترا ألقى بنفسه على سيفه إلا أن خبر موت كليوباترا كان غير صحيح وأُخذ أنتوني الذي كان يحتضر حينها إلى الإسكندرية وسُحب لأعلى حائط الضريح كي يتمكن من الموت بين أذرع كليوباترا
في فجر أحد أيام منتصف أغسطس 30 ق. م قدم أحد خدام الملكة كيلوباترا ثعبان الكوبرا ((يرجح انها كوبرا مصرية)) وسيلة أنتحارها بعد أن سمعت بهزيمة زوجها القائد الرومانى مارك أنطونيوس في الحرب كان ثعبان الكوبرا السامة قد ظل شعار للملكية في العصر البطلمى تعلو هامات الملوك كانت اثنين من الثعابين وقد ذكر بعض المؤرخين أن الكتف الملكية اليسرى هي التي تلقت اللدغة الأولى القاتلة وقال آخرون أنه ثدى كليوباترا الأيسر العارى انتحرت كليوباترا في حالة اليأس هذه بان وضعت حيه سامه على صدرها وكان الغازى الجديد أوكتافيوس قيصر يأمل أن تسير الملكة التي تحكم مصر في موكب نصرته في روما ولكنه سرعان ما وارى جثمانها وأتجه لتنظيم الحكومة فأعلن ضمه مصر لسلطان الشعب الرومانى وجاء إعلانه في جملة قصيرة للغاية لا تضم أكثر من خمس كلمات بعد وفاة كليوباترا قتل الرومان ابنها قيصرون خشية ان يطالب بالإمبراطورية الرومانية كوريث ليوليوس قيصر وولي عهده صورت كيلوباترا السابعة على عملة معروضة في متحف الأسكندرية
لم يعرف أحد على وجه اليقين كيف مات فقد وجدوا فقط ثقوبًا صغيرة في ذراعها وقد افترض البعض أنها جلبت أفعى صغيرة سامة لنفسها…
نفى البروفسور كرستوف شايفر ((أستاذ التاريخ في جامعة ترير غرب ألمانيا))واقعة وفاة كيلوباترا بلدغة ثعبان الكوبرا ورجح انها ماتت لشربها توليفة أو كوكتيلات من العقاقير واستند بما ذهب إلى أن لدغة الافعى كانت ستعرض كيلوباترا لالم شديد ومبرح وطويل قبل الوفاة بجانب التشويه الجسدي الذي كان سيلحق بها وهي المرأة الجميلة والمعتزه جدا بجمالها يُعتقد أن انتحار كليوباترا جاء عقب انتحار ماركوس أنطونيوس بفترة قصيرة وقد كتب المؤرخ القديم “بلوترك” أنهما دفنا بأسلوب ملكي رائع في قبر بالقرب من الإسكندرية ويعتقد البعض أن الضريح أصبح في أعماق البحر بعد الزلزال الرابع في القرن الثامن حيث تغيرت تضاريس الإسكندرية في حين أن يدعي البعض الآخر أن الزوجين قد دفنا بالقرب من تابوزيريس ماجنا وهو معبد قديم يحوي على العشرات من القبور والموميوات
ا. ابراهيم شارود…المؤلف والمؤرخ