فجأة، أعلن رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية، (أمان) هارون هاليفي استقالته. وذلك على خلفية فشله في كشف عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023م. وعموما تتكون أنظمة المخابرات الإسرائيلية من ثلاث أنظمة أولا وهي الموساد، وهي التي تشبه المخابرات العامة المصرية أو CIA الأمريكية أو KGP الروسية وهي مسؤولة عن الأمن خارج إسرائيل، ثم منظمة الشباك، وهي المسؤولة عن الأمن الداخلي مثل أمن الدولة في مصر، والـFBI في أمريكا، وتتولى الأمن الداخلي في إسرائيل. وأخيرا، منظمة أمان، وهي شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، المسؤولة عن المعلومات داخل الجيش الإسرائيلي ومهمتها تزويد الحكومة بالتقديرات الاستراتيجية التي على أساسها يتم تقدير التحليلات السياسة والعسكرية لوزارة الدفاع خاصة للجانب الاسرائيلي.
ولقد جاءت استقالة أهارون هاليفي في خطاب أرسله إلى رئيس الأركان (هيرتس هالي) في أن شعبة الاستخبارات الإسرائيلية لم تقم بالمهمة التي أوكلت إليها، ودعا إلى تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الأحداث. التي قادت إسرائيل إلى ما جرى يوم 7 من أكتوبر 23.
ولقد أصدر الجيش الإسرائيلي بيان أعلن فيه أن رئيس الأركان الإسرائيلي ووزير الدفاع قد وافق على الاستقالة المقدمة، وسوف يحال رئيس شعبة الاستخبارات إلى التقاعد فور تعيين خلفا له. وقدم جيش الدفاع الإسرائيلي بيان يوجه فيه الشكر إلى هاليفي على خدمته الممتدة إلى 38 عام كمقاتل وقائد في الدولة. وفي خطاب الاستقالة ذكر هاليفي أن شعبة الاستخبارات تحت قيادتي، لم ترقى إلى مستوى مهمتها. وضاف إن ذلك اليوم الأسود 7 من أكتوبر سوف أحمله على اكتافي إلى الأبد.
ولقد ظهر تقصير هيئة الاستخبارات الأسرائيلية في تلك الحرب من عدة نواحي، طبقا لتحليلي الخاص، أن هيئة الاستخبارات لم تكتشف نية هجوم حماس في ذلك اليوم، وهو خطأ كبير وقعت فيه. أما الخطأ الثاني فإن هيئة الاستخبارات لم تكتشف الاستعدادات والتحضيرات لمثل هذا الهجوم، وخاصة التدريب الضخم التي قامت بين عناصر المقاومة استعدوا للهجوم حيث تسائل الجميع أين كان العملاء التي تتباهى بها إسرائيل بصفة دائمة، وتقول أنها مخترقة كل عناصر المقاومة. أما الخطأ الثالث فهو عدم قدرة هيئة الاستخبارات على الحصول على المعلومات عن الأنواع الجديدة من الأسلحة التي استخدمتها حماس في تلك الحرب، وكمثال الطائرات الشراعية التي عبرت بها الحائط الذي أقامته إسرائيل على طول الحدود مع غزة بطول 65 كم وارتفاع حوالي 10 متر وعمق 25 متر
وجاء الخطأ الرابع ليكون عدم توفر معلومات عن شبكة أنفاق مترو غزة التي أقامتها حماس خلال العشر سنوات الماضية، حيث لم تستطع إسرائيل معرفة أي معلومات عن هذه الأنفاق وأماكنها، وأماكن تشوين الصواريخ داخل هذه الأنفاق. مسير شبكة هذه الأنفاق وأسلوب التهوية والاتصالات.
ثم جاء الخطأ الخامس بعدم اكتشاف أماكن تواجد قادة حماس داخل قطاع غزة، حيث لم تنجح إسرائيل في استهداف أي من هؤلاء القادة، عكس ما حدث في باقي الاتجاهات الأخرى. وتشير التقارير أن هاليفي مدير الاستخبارات العسكرية كان في أجازة في إيلات يوم الهجوم، وهذا يدل أن هيئة الاستخبارات الإسرائيلية لم تكن على العلم بتاتا بهذا الهجوم بل وكانت في نوم عميق .
وكان أهارون هاليفي الذي ولد عام 1967 في حيفا من أبوين مغربيين، والتحق بالجيش الإسرائيلي عام 85، وتطوع في البداية كمظلي في لواء المظليين، ثم أصبح قائد كتيبة المظليين 202 وتولى مناصب عديدة بعدها في جيش الدفاع. إسرائيلي، أهمها منصب رئيس قسم العمليات، وقائد الفرقة 98 المظليين، وقائد مدرسة ضباط الجيش الإسرائيلي. وبعد إعلان مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قراره بالاستقالة، جاءت المفاجأة الكبرى والصدمة الكبرى في اسرائيل. بإعلان قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، الجنرال يهودا فوكس أنه ينوي الاستقالة أيضا من منصبه في أغسطس القادم، والامر الذي شكل ضربة كبيرة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، حيث علق الجميع في إسرائيل أن هذه الاستقالة. أخطر من استقالة رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية.
والغريب أنه طبقا للمصادر المختلفة، أن استقالة الجنرال فوكس قائد المنطقة الوسطى، جاءت لأسباب مختلفة لا تمت بصلة لأوضاع الحرب على غزة، لأنه كان مسؤولا عن أعمال الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية. وليس غزة، حيث يعتبره الفلسطينيين المسؤول المباشر على التصعيد الذي حدث في الضفة الغربية منذ توليه القيادة في أغسطس 2021 حيث فور توليه القيادة قام بتنفيذ خطة كاسر الأمواج. نظم من خلالها تنفيذ حملات اعتقالات ليلية استمرت سنتين، شملت اعتقال كل المشتبه فيهم بالنشاط الإرهابي في الضفة الغربية، وتسببت هذه الاعتقالات عديد من الاشتباكات، حدثت فيها إصابات وتدمير العديد من الأماكن في الضفة الغربية وعلى تجاه الآخر حاول عمل توازن بمنع القرارات الاستطانية في الضفة، وأعتقل حوالي 20 من المستوطنين الامر الذي اضعف قوته أيضا امام اليمين الإسرائيلي.
وعموما، لقد تقدم باستقالته إلى رئيس الأركان. وقرر إنهاء مسيرته العسكرية بعد ست سنوات من ترقيته إلى رتبة لواء، عمل خلالها ملحقا عسكريا في واشنطن لمدة ثلاث سنوات، ثم ثلاث سنوات أخرى قائدا للمنطقة الوسطى وما يخشى رئيس الأركان الإسرائيلي. هليفي في أن تكون هذه الاستقالات بداية لسلسلة استقالات جديدة من كبار ضباط آخرين في الجيش، قبل أن تنتهي الحرب لأنه بعد انتهاء الحرب، ستعقد لجنة البحث في التقصير الذي حدث في الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب، اسوة بما حدث في لجنة إجراءات بعد حرب 73، عندما عينت إسرائيل لجنة. لبحث التقصير في حرب 73 برئاسة شيمون أجرانات، رئيس المحكمة العليا في إسرائيل، وأطلق عليها مجازا لجنة إجرانات التي قضت بعزل رئيس الأركان الجيش الإسرائيلي في حرب 73 ديفيد اليعازر ومنعه من تولي أي وظائف أخرى.
كذلك عزل مدير المخابرات العسكرية الياهو زاعيرا، وقائد الجبهة الجنوبية في سيناء شلومو جونين، وعدد من ضباط المخابرات، ومن هنا يعتقد الجميع أن هذه الاستقالات تم تقديمها حاليا، حتى لا يتم إحالتهم إلى لجنة التحقيق. بعد انتهاء حرب غزة، وقد تم خروجهم من الجيش بسبب استقالة وليس الإقالة بمحكمة عسكرية، وفور سماع زعيم المعارضة الإسرائيلي. ياير لبيد، أمر استقالة مدير هيئة الاستخبارات العسكرية، قال إنه يجب على رئيس الوزراء نتنياهو أيضا أن يحذو حذوه ويستقيل.
عموما فقد أصبح الجميع في إسرائيل يتوقع حدوث استقالات أخرى مستقبلا لأن البعض يصرح. أنه الزلزال الذي سيهز دولة إسرائيل دون انتظار لنهاية الحرب، حيث أن الكل يفضل الاستقالة، خاصة إن حجم خسائر إسرائيل في حرب غزة لم تعلن حتى الآن، وخاصة في الأفراد والمعدات وأيضا ينتظر الجميع، ماذا سيفعل رئيس الشباك رونين بار هل سينتظر إلى نهاية الحرب أم أنه من الممكن أن يقدم استقالته حاليا بدلا من الإقالة في لجنة ما بعد الحرب من هنا أعتقد أن ذلك كله سيكون له أثر كبير على تفكيك القيادة الإسرائيلية مستقبلا، وتأثيره على الجيش الإسرائيلي.