عيدا عالميا للعمال نحتفي به سنويا في الأول من مايولأهميته بالنسبة لنا جميعا… كيف نشأت الفكرة؟؟
منذ منتصف القرن التاسع عشر، كانت الولايات المتحدة تعيش بداية الثورة الصناعية، وكان العمال الأوروبيون المهاجرون إليها يمثلون الشريحة الأكبر في القوة العاملة بهاونظرا لظروف العمل الصعبة والأجور متدنية وساعات العمل طويلة، وأصبحت الإضرابات العمالية في العقد الثامن من القرن التاسع عشر شائعة جداً. وكان من بين قادة الحركة العمالية الأمريكية عدد كبير من الاشتراكيين والشيوعيين وغيرهم من اليساريين الذين كانوا يؤمنون بضرورة القضاء على النظام الرأسمالي من أجل إنهاء الاستغلال. وكان العديد من هؤلاء القادة مهاجرين من أصول ألمانية…في عام 1886، دعا اتحاد نقابات العمال في الولايات المتحدة إلى إضراب في الأول من مايو أيار للمطالبة بثماني ساعات عمل يومياً. وشارك في الإضراب أكثر من 300 ألف عامل في المصانع التي يعملون فيها في جميع أنحاء البلاد….في 3 مايو أيار، قتل عدد من العمال المضربين في مدينة شيكاغو، أحد مراكز حركة الاحتجاج، على أيدي الشرطة….وفي اليوم التالي، انفجرت قنبلة في ختام تجمع عمالي وأدت إلى مقتل 7 من رجال الشرطة وعدد من العمال المضربين في ساحة هيماركيت في مدينة شيكاغو….تجمع العمال المضربون ذلك اليوم سلمياً، دعماً لمطلب تحديد سقف ساعات العمل اليومي بثماني ساعات واحتجاجاً على مقتل زملائهم قبل يوم على يد قوات الأمن. ألقى مجهول قنبلة على رجال الشرطة عندما كانت تحاول تفريق العمال المضربين في ختام التجمع. وأدى انفجار القنبلة وإطلاق النار الذي تلاه إلى مقتل 7 من رجال الشرطة وأربعة من العمال.وفي أعقاب المحاكمة التي جرت، تم الحكم على ثمانية من القادة النقابيين بتهمة الضلوع في الهجوم، وأعدم أربعة منهم عام 1887، بينما عفا حاكم ولاية إيلينوي عن البقية عام 1893 وندد بالمحاكمة.
عام 1889 كتب رئيس اتحاد نقابات العمال في أمريكا إلى المؤتمر الأول للأممية الثانية الذي عقد في باريس، داعياً إلى توحيد نضال العمال حول العالم لتحديد عدد ساعات العمل بثماني ساعات في اليوم.
وقرر المؤتمر الاستجابة لهذا المطلب عبر الدعوة إلى “مظاهرات حول العالم” في الأول من شهر مايو/أيار في العام التالي أي عام 1890، وأصبح هذا اليوم منذ ذلك العام عيداً للعمال حول العالم.وكان اختيار هذا اليوم بمثابة تكريم لضحايا ساحة هيماركيت في شيكاغو وغيرها من الاحتجاجات والإضرابات العمالية التي شهدتها المدينة عام 1886….و
بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، تغيرت الخريطة العالمية، وأصبحت الانقسامات السياسية والاقتصادية أكثر وضوحاً.
تم الاحتفال بعيد العمال لعقود من الزمن في الدول الاشتراكية مثل كوبا والاتحاد السوفيتي آنذاك والصين، باعتباره أحد أهم الأعياد.
وعادة ما يتم تمييزه بمسيرات ضخمة، مثل تلك التي أقيمت في الساحة الحمراء في موسكو، والتي حضرها كبار مسؤولي الحزب والدولة. كما كان الاحتفال بعيد العمال بمثابة عرض للقوة العسكرية السوفيتية.
واعتقد القادة الشيوعيون أن العيد والاحتفال من شأنه أن يلهم الطبقات العاملة في أوروبا وأمريكا للتوحد في النضال ضد الرأسمالية.
وكانت القصة مماثلة في جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية الاشتراكية، حيث تم إعلان عيد العمال رسمياً عطلة وطنية في عام 1945، وتم الاحتفال به بمواكب ومهرجانات.
وفي أماكن أخرى من العالم، تنظم النقابات والعمال أيضًا مسيرات في عيد العمال للمطالبة بتحسين ظروف العمل.
يأتي العيد تذكره لنا بأهمية العمل في نهضة الأمم وللأفراد… متماشيا مع مبادىء الدين الحنيف الذي حث علي العمل في الكتاب الكريم بقوله تعالى (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين) التوبة: 105… وفي السنة النبوية الشريفة أحاديث كثر عن أهمية العمل والثناء علي صاحبه فعندما أمسك نبينا (صلى الله عليه وسلم) بيد أحد أصحابه فوجدها خشنة من أثر العمل، قال: “هذه يد يحبها الله ورسوله”، وقال (صلى الله عليه وسلم): “خيركم من يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود (عليه السلام) كان يأكل من عمل يده”، وقال عليه الصلاة وأفضل السلام “من أمسى كالا من عمل يديه أمسى مغفورا له”، وقوله: “لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه”. وبالنظر في السيرة العطرة لأنبياء الله عليهم جميعا السلام تجدهم أصحاب مهن وحرف لم يعتمد أي منهم علي أباه أو أمه أو زوجه أو أرث يرثه فمحمد صلى الله عليه وسلم عمل في رعاية الاغنام والتجارة وسيدنا نوح عليه السلام عمل نجاروعمل داوود عليه السلام بالحداده وادريس عليه السلام بالخياطة وموسى عليه السلام برعاية الاغنام والياس عليه السلام نساج وابراهيم ولوط عليهم السلام عملا بالزراعة وعيسي عليه السلام كان يعمل بالطب يبرىء الأكمة والأبرص واسماعيل عليه السلام عمل بالصيد… كانوا جميعا أصحاب أعمال والله لو طلبوا من الله الرزق والمال بلا عمل لأجابهم… وليس العمل فقط ولكنه العمل وبأتقان لنصل إلي الأبداع فيه عن عائشة رضي الله عنها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني… بل والحث عليه حتي قيام الساعة وفى حديث رسول الله “صلى الله عليه وسلم”: “إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها”. أخرجه البخاري!!!!!
أنها التربية النبوية للأنسان… رجل كان أو أمرأة… للتأكيد علي أهمية العمل… يعمل ويجد ويجتهد ليتقن العمل بالعلم بالدراسة حتي قيام الساعة… فالعمل تهذيب للنفس البشرية يكفيه من طلب الحاجة ومد اليد والسؤال… يشغل وقت الأنسان بما ينفع ويفيد ويصرف عنه وساوس الشيطان ومداخله لفعل المحرمات من خلال أوقات الفراغ الطويلة… حتي الشكر لله علي النعم يكون بالعمل… بالطاعة لله وبعمل صالح من صلاة وعبادات… أمتثالا لقوله تعالى أعملوا آل داود شكرا… إيمانا واضحا بأن أعمار الأرض ونهضة الأمم وسلامة الأنسان النفسية لن تتم إلا بعمل أفرادها كل في تخصصه… والأمثلة كثر لدول متقدمة أستطاعت أن تبني نفسها بعد حرب عالمية أتت علي الأخضر واليابس بها… أنه العمل مفتاح من مفاتيح السعادة في الحياة… تهنئة وتحية في يوم عيدكم… وأكبار وأعزاز لكل يد عاملة شريفة حرة صابرة تبحث عن قوت يومها وبتعفف تبنى وتشيد وتعمر الأرض مؤمنة بدورها وبقدرتها علي التغيير والأبداع خلال رحلتها في حياة.