الأستاذ الدكتور وليد محمد وهبه يكتب..مدى قانونية إلزام المهن الحرة – غير التجارية – فى تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية(٢)
الأستاذ الدكتور وليد محمد وهبه
أستاذ القانون التجارى و البحرى بالجامعة العربية المفتوحة
المطلب الاول
التطبيق القانونى فى ضوء قانون الإجراءات الضريبية الموحد
رقم 206 لسنة 2020 و المعدل باقنون رقم 211 لسنة 2020
وإنه بناء على ما سبق فإن إتجاة وزارة المالية فى الخلط بين الإقرارات الضريبية المتعلقة بالقيمة المضافة و التى بتقدم شهريا و الإقرارت الضريبية المتعلقة بالدخل و التى بتقدم سنويا هو ما دفعها لفرض تنظيم التسجيل فى الفاتورة الإلكترونية خاصة وان هذا ما ورد بتصريح متحدث وزارة المالية بقولة أن الفاتورة الإلكترونية هى أحد أدوات تطبيق القيمة المضافة.
وإن كان فى الاصل ان نظام الفاتورة الإلكترونية أتى منظما تبعا لما ورد من قانون الإجراءات الضريبية الموحد ولائحته التنفيذية:-
فلقد ورد نص المادة 29 من القانون رقم 206 لسنة 2020 بإصدار قانون الإجراءات الضريبية الموحد بأنه”يلزم كل ممول او مكلف او من يمثله قانونا ،بأن يقدم إلى مأمورية الضرائب المختصة إقرارا عن الفترة الضريبية على النموذج المعد لهذا الغرض”
وإن الممول او المكلف بنص هذه المادة هو كل صاحب عمل يخضع قيمة دخله للضريبة على الدخل وإنه بيثبت دخلة بمجموعة من المستندات و التى نصت عليها الفقرة الثانية من ذات المادة بقولها بأنه “ويكون تقديم الإقرار الضريبي المنصوص عليه فى الفقرة الأولى من هذه المادة و الفواتير و المستندات وغيرها من الاوراق و البيانات التى يتطلبها القانون الضريبي و هذا القانون بالصورة الرقمية المعتمدة بتوقيع إلكترونى”
ومن تلك الفقرة يكون صاحب العمل الحر كالمحامى و الطبيب وغيرهم ممن يتعاملون بالدفاتر الضريبية المنظمة فإنهم يكونوا ملتزمين بتقديم هذا الدفتر وكافة الفواتير المتعلقة به إلكترونيا لكن هنا يحدث تضارب فإن القانون لم يلزم كافة الفئات بإمساء الدفاتر و بالتالى اصحاب المهن الحرة كالمحامى و الطبيب و غيرهم ممن يقدموا إقرار ضريبى سنوى دون دفتر فإنه سيكون غير ملتزم بالقيد فى نظام الفاتورة الإلكترونية هذا من جانب.
من جانب اخر وجود تضارب فى تطبيق القوانين ما بين قانون القيمة المضافة و المحرر بشأنه بروتوكول خاص بوقف تقديم إقرارات ضريبية عنه بين النقابة العامة للمحامين وبين وزارة المالية وإن كان الغرض من تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية هو تحقيق الخضوع لضريبة القيمة المضافة بحسب ما اعلن عنه متحدث وزارة المالية اثاء طرحه للخطوات الثمانية التى ستطبق من خلالها الفاتورة الإلكترونية.
كما ان القانون رقم 206 لسنة 2020 سالف الذكر جاء فى نص المادة 31 منه فقرة (ه) و المتعلقة بتقديم الإقرار الضريبي سنويا فى أخر فقرة منها بأنه ” ويعفى الممول من تقديم الإقرار فى الحالات الاتية:-
………..
إذا أقتصر دخله على المرتبات وما فى حكمها”
ومن هنا يكون هناك ايضا اعفاء لفئة عريضة من المحامين المشتغلين بمكاتب المحاماة بتقديم اى إقرار ضريبي او حتى القيد فى القيمة المضافة او الإشتراك فى نظام الفاتورة الإلكترونية مما يعفيها من هذا الإلتزام.
ثم ورد فى الباب الخامس من ذات القانون سالف الذكر فى الفصل الاول منه على “الإثبات الضريبي” و الذى اورد فى نص المادة 35 منه بأنه ” يجب على الشركات وغيرها من الاشخاص الاعتبارية و الطبيعية الذين تحددهم اللائحة التنفيذية لهذا القانون ممن يبيعون سلعة او يقدمون خدمة تسجيل جميع مشترياتهم ومبيعاتهم من السلع و الخدمات على النظام الإلكتروني ….”
ومن ذلك يكون القانون خاطب الاشخاص الطبيعية الذين يقومون بعمليات البيع و الشراء و التجارة السلعية بالاضافة الى مقدم الخدمات مثل مندوبى التحصيل و التوريد والقائمين بعمليات التوصيل و النقل وغيرها من الخدمات و التى تخرج مهنة المحاماه تماما عن هذا المفهوم.
فمهنة المحاماة ليست من المهن الخدمية التى بتقدم خدمات او بتقدم مبيعات وإنما هى مهنه مدنية تقوم على اتفاق طرفان بتوكيل الطرف الاول للطرف الثانى وهو المحامى لمباشرة إجراءات قانونية منصوص عليها فى القانون فهى ليست مهنه تجارية مما يخرجها عن نطاق هذا التطبيق كما ان نص المادة جاء مبينا بقوله “من سلع وخدمات على النظام الإلكترونى الذى تحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون مواصفاته ومعاييره الفنية”
وهذا ما ورد ايضا بنص المادة 37 من القانون و التى اشارت اليها المادة 35 فقرة 2 سالفة الذكر و التى جائت بأنه “يجب على كل ممول او مكلف وغيرهم ممن يفرض عليهم القانون ذلك إصدار فاتورة ضريبية او إيصال مهنى بالنسبة الى من يزاولون مهنة حرة عند بيع السلعة او أداء الخدمة بحسب الاحوال ووفقا للضوابط الأتية :-……”
وبالتالى تخرج كافة المهن الحرة مثل ” المحامى و الطبيبب “تماما عن تطبيق هذا النظام حيث ان القانون مبين فى نصه ان المخاطبين بأحكامه من حيث إصدار الفاتورة الضريبية هم الممارسين لاعمال تجارية وخدمية وإن ما يقدمه المحامى من اعمال يسدد عنها الضريبة الخاصة بالدخل بحسب الاقرار السنوى الذى يقدم فى الاول من كل عام عن العام المنقضى.
وإن كان من الجدير بالذكر التنوية بأن الطبيب قد خرج من تطبيق نظام الضريبة عل القيمة المضافة وأن هذا حدث بنص القانون الا انه يخرج ايضا المحامى من هذا التطبيق قياسا على طبيعة عمله المهنية و التى تتشابة الى حد كبير لطبيعة عمل الطبيب.
كما ان وجه الالزام الذى تطلبة قرار الوزارة من انه يجب ان تكون الفاتورة الكترونية ولها توقيع وختم الكترونى وتسجيل رقمى معين حتى ولو ان القانون فى نص المادة 37 أوضح ان اللائحة التنفيذية للقانون هى التى تحدد شكل هذه الفاتورة الا ان القانون أجاز الاعتداد بأى فاتورة الكترونية تطبع وتقدم اصلا دون الإتزام بكافة إجراءات التسجيل المعقدة التى وردت فى بيان الوزارة.
وذلك فيما ورد من نص المادة 37 من القانون فى فقرتها الاخيرة “ويعتد بالإيصالت الإلكترونية التى تصدر من خلال الوسائل الالكترونية المختلفة” وإن كانت اللائحة التنفيذية لهذا القانون هى التى بتحدد شكل هذه الايصالات و ان وزير المالية له ان يفرض شكل محدد لهذه الايصالات على فئة معينة من الممولين الا انه يظل يعتد بأى شكل من اشكال الفاتورة الالكترونية.
وأن فى هذا الشأن توضيح هام وهو عدم تعميم الالزامية فى إصدار الفاتورة الالكترونية حتى ولو كانت مطبقة فعليا فإذ أنه بفرض قيام أحد افراد المهن الحرة بالتعامل مع احد الجهات لحصول منها عل خدمة وسدد مقابلها مبلغ من المال وهذا من ضمن مصاريف ونفقات المبالغ التى بتخصم من الضريبة يجب فى مقابل ذلك ان يطالب هذه الجهة بان تصدر له فاتورة الكترونية.
ومن هنا فإن طبقنا هذا المثال على المحامى فإن صاحب مكتب المحاماة يسدد نفقات ومصروفات المحامين العاملين لدية فى ذات المكتب من مصروفات انتقال وبدلات سقر وبعض الحالات نفقات مأكولات وتصوير مستندات وغيرها من المصروفات النثرية فكيف له ان يحصل فى مقابلها على فاتورة الكترونية نظير هذه الخدمات وهل هنا سيطالب كل الفئات على تسليمة فاتورة الكترونية لكى تخصم من نفقاته فى حساب الضريبة فهذا مستحيل.