لواء دكتور سمير فرج يكتب.. الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي 2030
بدعوة من الأخ الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي حضرت افتتاح ورشة عمل للوزارة لعرض الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي رؤية مصرية 2030 بحضور عدد كبير من الوزراء. المشتركين في هذه الاستراتيجية مثل وزارة التربية والتعليم ووزارة التخطيط والصحة وغيرهم، وكانت سعادتي بالغة لأن قيام الدكتور أيمن عاشور بعمل إستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي هو بداية موفقة للسيد الوزير وهو يبدأ أولى خطواته في هذه الوزارة وأقول بداية موفقة علمية خاصة لأنها تتمشى مع خطة التنمية الشاملة للدولة التي أعدتها وزارة التخطيط لتكون أساس عمل باقي وزارات وأجهزة الدولة حتى عام 2030.
أقول ذلك لأن ما تعلمته خلال دراستي في الولايات المتحدة الأمريكية عندما حصلت على دبلوم في إدارة الأعمال لمدة عام كان أول درس لنا هو ضرورة أن يكون لكل مسؤول خطة تنمية شاملة أو استراتيجية لعمل وزارته أو هيئته أو محافظته، وبالفعل هذا ما نفذته انا شخصيا من أول يوم عند وصولي إلى الأقصر حيث قمت بإعداد خطة التنمية الشاملة لتطوير الأقصر حتى 2030 وكانت الأساس التي حققت بها تطوير الأقصر خلال مدة تواجدي هناك خاصة انها ارتبطت بخطة التنمية الشاملة للدولة 2030ولقد فازت هذه الخطة بجائزة التنمية في مسابقة العواصم و المدن العربية لمصر لعام 2003 وأتذكر أن مدرسي في الولايات المتحدة الأمريكية كان يؤكد أن أي خطة تنمية شاملة أو استراتيجية يجب ألا تزيد مدتها عن 25 عام لأن المتغيرات كثيرة في عالمنا الحالي، حيث أن طول المدة لن يستوعب هذه المتغيرات كما أكدت الدراسات في الولايات المتحدة أنه يجب مراجعة هذه الخطة أو الاستراتيجية كل خمسة أعوام لكي نتأكد أن المتغيرات الجديدة التي تحدث حولنا يتم استيعابها في هذه الخطة، كما أنها يجب أن تكون مترابطة بل تتمشى مع الخط العام للدولة فمثلا خطة التنمية الشاملة للوزارة أو للاستراتيجية يجب أن تتماشى مع فكر ومفاهيم ومراحل خطة الدولة نفسها، ويجب أن تبدأ وتنتهي في نفس مواعيد خطة الدولة.
وهذا ما حققه الدكتور أيمن عاشور إن استراتيجية وزارة التعليم جاءت لتتماشى مع نفس توقيتات خطة الدولة. التي أعدتها وزارة التخطيط وهو عام 2030، وكان حضور الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط لهذه الندوة خير دليل على أن استراتيجية وزارة التعليم العالي تتمشى مع خطة الدولة 2030 وخلال دراستي في الولايات المتحدة سألت أستاذي هناك في وقت من الأوقات كنا ننفذ في مصر الخطة الخمسية أيام عهد الرئيس عبد الناصر، وكانت إجابته هذا الأسلوب ينفذ في دول الاتحاد السوفيتي القديم، ونحن نقبله هنا في الاقتصاد الغربي، ولكن ليكون فقط خطة خمسية لموضوع محدد. مثل الخطة الخمسية لتطوير الصناعة أو الخطة الخمسية لتطوير الزراعة، ولكن تظل في إطار خطة الدولة الشاملة.
لذلك كانت بداية الدكتور أيمن عاشور في بداية مشواره في الوزارة هو إعداد هذه الخطة الاستراتيجية للتعليم العالي والبحث العلمي ليكون منهجا سليما. لوزارته في الفترة القادمة وما أسعدني أن هذه الاستراتيجية تناولت عدة محاور رئيسية أهمها التحول نحو جامعات الجيل الرابع لتتمشى مع احتياجات سوق العمل، وأعتقد أنها فكرة ذكية حيث أن هناك عدد من الجامعات المصرية. حاليا يتخرج منها الطلاب بشهادات غير مطلوبة في سوق العمل المصري والعربي، لذلك فانه بعد اصدار هذه الاستراتيجية نطمئن أن معظم خريجي الجامعات المصرية في الفترة القادمة سيكون لهم مكان في سوق العمل المصري وحتى السوق العربي.
وجاء المحور الثاني في استراتيجية التعليم العالي والبحث العلمي 2030 هو توضيح العلاقة بين منظومة التعليم العالي والبحث العلمي وخطة التنمية الشاملة حيث أن هناك دائما تساؤلات في الشارع المصري أين نتائج البحوث العلمية في مصر لماذا لا نرى بحوث علمية جديدة لتطوير أنواع جديدة من المحاصيل مثلا أو في مجال صناعة أو الكيمياء ولماذا لم نرى اختراعات للأمصال عتد ظهور جائحة الكورونا وأين البحوث العملية الجديدة في مجال التكنولوجيا الحديثة حيث عرضت هذه الاستراتيجية لأول مرة الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في تحسين البنية التحتية في مصر وبناء البنية التحتية الرقمية والاستفادة من مخرجات البحث والابتكار. في تطوير القطاع الصناعي لزيادة معدل الإنتاج وتحديد وتحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة للدولة (رؤية مصر 2030)
وقد وصنعت هذه الاستراتيجية مبادئ سبعة هي التكامل وتعني اندماج منظومة التعليم العالي ومؤسسات الإنتاج في الدولة بهدف سد الفجوة بين برامج التعليم والاحتياجات الفعلية لكل إقليم من أقاليم مصر طبقا لأنشطته الاقتصادية التي يتميز بها هذا الإقليم. ويجي العنصر الثاني في التخصصات المتداخلة من خلال حل المشاكل المعقدة. داخل المجتمع من خلال تطوير برامج التعليم في الجامعات والمعاهد العليا على أساس تقسيم الكليات إلى قطاعات متجانسة. أما المبدأ الثالث فهو التواصل الذي يتم بين الجامعات والصناعة داخل الدولة وعناصر الحكومة. ومطالب سوق العمل وتطوير التكنولوجيا الحديثة على أساس أن التعاون الدولي بين المجتمعات الدولية في انحاء العالم، ولقد جاءت جائحة كورونا كأساس لبدء فكرة التعليم عن بعد وحققت استفادة كبيرة للطلبة من خلال استغلال التقدم التكنولوجي العالمي واصبح الطلبة في ريف مصر يستخدمون التابلت لأول مرة .
وجاء مبدأ المشاركة الفعالة على أساس اشتراك المستشفيات الجامعية في خدمة المواطن والمجتمع كذلك مشاركة الجامعات في الحوار مع بقية أطراف المجتمع والمجتمعات الدولية لخلق بيئة تعليمية جديدة متطورة. وجاء مبدأ الاستدامة. للاستفادة من الموارد المتاحة وتقليل فرص الاهدار، وحيث تحقق الاستدامة لوزارة التعليم العالي على أساس البعد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ويجئ مبدأ المرجعية الدولية على أساس أن تصبح مؤسسات التعليم العالي دولية بهدف تحقيق سهولة انتقال الطلاب عبر الحدود لتحقيق أكبر استفادة بالتعرف على التطورات العلمية في الجامعات في الخارج، كذلك تعرضت هذه الاستراتيجية إلى مبدأ الابتكار وريادة الأعمال. التي تقوم على أساس أن الابتكارات لها تنظيمات وتشريعات وقوانين تدعم وتحفز على الابتكار وتكافئ النجاح، بالإضافة إلى توفير الموارد البشرية والمادية لدعم هذه الابتكارات.
وأكدت هذه الدراسة الجديدة بوزارة البحث العلمي على ضرورة الربط بين المسار العلمي الأكاديمي للجامعات. والبحوث والابتكارات كذلك وضع وتنمية الطرق الجديدة للتعليم والتدريس مع تبادل الخبرة ونقل المعرفة بين الجامعات وقطاع الأعمال من خلال عمل ورش بين الجامعات وقطاع الأعمال والصناعة في الدولة عموما، لقد سعدت ببداية السيد الدكتور أيمن عاشور هذه البداية العلمية طبقا للمفاهيم الحديثة، بل يمكن أن تكون أساس انطلاق عمل الوزارة له ولمن يجيء من بعده، وأعتقد أننا نحتاج لهذا المفهوم العلمي ليس في وزارة التعليم والبحث العلمي فقط. ولكن يجب أن يكون أساس ومنهج جميع الوزارات في مصر في الفترة القادمة حتى نشعر أن مصر تتقدم للأمام بصورة علمية متميزة نحو عالم جديد.