علاء رزق يكتب.. الأزمة الاقتصادية وقضايا الوعى
تعرض الاقتصاد المصري لضغوط شديدة خلال العام الماضي مع انخفاض قيمة الجنيه لأكثر من 100% ،وشح العملات الأجنبية ،وإرتفاع التضخم ليصل إلى 40,3% وهو أعلى مستوى له منذ عقود. بيد أننا نرى وجود أخطاء سياسية أدت إلى تفاقم هذا الوضع الاقتصادي القائم.
تعود بعض هذه الأسباب إلى عقود مضت، مثل فشل التنمية الصناعية، وسياسات التصدير التي خلفت عجزا تجاريا مستمراً. وتسبب تسعير العملة المحلية بأعلى من قيمتها الحقيقية فى تفاقم هذه المشاكل. ورغم أننا كثيراً ما نلقى بالمسؤولية في المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد على الاضطرابات التي أعقبت ،2011، والنمو السكاني السريع. ووفقا للتقديرات، فإن النمو السكاني إرتفع على أساس سنوي إلى أكثر من 2.5% ،لكن هناك مجموعة من المؤشرات لابد من الوقوف أمامها حتى يتسنى لنا ان نخفف من تداعيات هذه الظواهر السلبية، والتي قد تنتقص من الحقوق الاجتماعية ،والصحية والتعليمية، والتنموية، حيث تزايدت نسبة الفتيات المتزوجات من الفئة العمرية من 15 الى 19 سنة، إلى حوالي 13% عام 2014.
وقد تزايدت هذه النسبة الآن لتصل إلى اكثر من 20% ، لكن هذه المشكلة تتعقد عندما يتبين لنا ان ثلث هذه النسبة من الفتيات المتزوجات في سن أقل من 19 عام في الوجه البحري والثلثين الباقيين في الوجة القبلي، وتتعقد المشكله أكثر فاكثر عندما نجد ان ثلث الفتيات المتزوجات أقل من 19 عام في الوجه القبلي، ثلثهم في المدن والثلثين الباقيين في قرى وريف الوجة القبلي . وهو أمر يستدعي بالفعل مناقشته في صعيد مصر، وتحديداً في الجامعات الحكومية التى انتشرت واصبحت تحمل إسم كل محافظة من محافظات الوجة القبلي هناك، حيث تم مناقشة قضية التصدي لظاهرة زواج الأطفال، وقضية التصدي لمشكلة الانفجار السكاني ، بعد عرض ومناقشة هذه النسب في جامعتي الأقصر، والوادي الجديد ، وبالفعل كان هناك تجاوب كبير من قيادات هاتين الجامعتين، وهو أمر يؤكد ان الوعي هو أساس سحرى لحل أي مشكلة مستعصية لدينا ،حيث تم تناول الأسباب التي قد تؤدي إلى تنامي هاتين الظاهرتين ،والتى تمثلت فى عدة محاور أساسية يجب استيعابها، حتى نستطيع إيجاد افضل الحلول الممكنة فى ظل بيئتنا المصرية، حيث ارتكز اول هذه المحاور في عدم وجود تمكين إقتصادي، خاصة إلى السيدات حيث تشير الدراسات إلى أنهن يمثلن 18% فقط من قوة العمل ، وهو ما يعني عدم مساواة حقيقية بين الذكور والإناث، مع تزايد حدة الفقر لدى الأسر اقتصاديا، وتعليميا ، وثقافياً، وزيادة معدل البطالة، وعدم الربط بين التعليم وسوق العمل وهو سبب رئيسي يؤدي إلى الإسراع بزواج البنت فى قرى الوجه القبلي، ليعكس فكرة الحل السريع من وجهة نظر الأسر فى ان زواج البنت هو الحل،
كما ان الأسباب التعليمية نتج عنها زيادة نسبة زواج البنات قبل 18عام ، ليكون الزواج هو المنعطف الثاني لإستكمال الحياة، اما الأسباب الاجتماعية فهي تتعلق بالعادات والتقاليد في بعض المجتمعات الريفية، والتى تنظر لزواج الفتيات المبكر على أنه يحمل إنقاذ لسمعة الفتاة. ومع وجود بعض الفجوات في التشريعات الحالية التي توجد بها ثغرات لا يمكن من خلالها التصدي لظاهرة زواج الأطفال خاصة الفتيات، ولا شك أن هذه القضايا تحمل معها العديد من المشاكل، وتساهم مساهمة كبيرة في زيادة معدل الزيادة السكانية، حيث اتضح ان معدل الزيادة السكانية للفتيات القاصرات اقل من 18 عاما يكون 3.7 طفل لكل فتاة، اما بالنسبة لمن هن أكبر من 18 عاما فإن معدل الزيادة السكانية لا يزيد عن 2,8 طفل، وهو ما يشير ويؤكد على وجود مجموعة من الانتفاضات ، أهمها انتقاص الحقوق الصحية، مع تفاقم بعض المشاكل الصحية لهن من فقر الدم، وسوء التغذية ،وتفاقم للمشاكل النفسية ،مع تزايد معلات وفيات الأطفال الناتجين عن زواج الفتيات الأقل من 18 عاما بمعدل أكبر يقدر بخمس مرات لمن هن فوق سن 18 عام.
يبقى ان نؤكد أن التصدي لهاتين الظاهرتين، لابد وأن ان يكون عبر الوصول إلى المناطق الأكثر احتياجا فى القرى والمراكز خاصة فى صعيد مصر، مع شرعية الدخول عبر مشروع حياة كريمة، تلك المبادرة الرئاسية الهائلة الممثلة لاكثر من 58% من شعب مصر، بالوصول إلى الفئات والأسر الأولى بالرعاية، وكذلك الأسر المستفيدة من الدعم النقدي المشروط من تكافل وكرامة، وأيضا من خدمات الحماية الاجتماعية المقدمة من الوزارات المعنية.
ولا شك ان شعار المرحلة الحالية لا بد من تعميمه ،والالتزام به ، وهو ان بالوعي مصر ستتغير للأفضل، وهو الشعار الذي لابد ان نتكاتف جميعاً من مؤسسات الدولة، ومنظمات المجتمع المدني، والأهلي العاملة في مصر، ورجال الأعمال فى القطاع الخاص، حتى يمكن التصدي لهذه الظواهر التي تطيح بكل ثمرات النمو والتنمية.