الدكتور سمير المصري يكتب.. «على قد لحافك مد رجليك»
تعتبر الأمثال الشعبية نتاج الروافد الثقافية، وهي خير معبر عن التراث الشعبي لأي مجتمع؛ كما تشكل هذه الأمثال وعي المجتمع نحو الحلال والحرام، واحترام القيم، وتمثل أيضا أهم دلالات الحكمة والخبرة.
خلال اليوم نسمع الكثير من الأمثال الشعبية تسرى على الألسنة، ولكل مثل أصل وحكاية جعلت الناس يستعينون به فى مواقفهم المشابهة، ومن الأمثال الشعبية الشائعة حتى الآن المثل القائل “على أد لحافك مد رجليك” فتجد الناس ينصحون به من آن لآخر فى المواقف التى يحتاج فيها الشخص لإدراك حقيقة وضعه.
كان هناك شاب ورث عن والده ثروة طائلة لا حصر لها، لقد آلت إليه ثروته عن طريق الإرث، لم يتعب في جمعها، أخذ ينفقها يمينا ويسارا، اقام الحفلات في مسكنه، وفي كل مكان، اشتهرت عزوماته علي مستوي وسطه بين اصدقائه وكل جيرانه، يصرف ببذخ،
كان يذهب إلى السهرات، وكان يقوم بجمع أصحابه ويقوم بالدفع لهم مما جعل الكثيرون يتقربون منه للمنفعة فقط لا أكثر من ذلك. إلى أن جاء يوم ونفذت كل هذه الأموال وانفض الجميع من حوله…
قرر الشاب ترك بلدته والذهاب للبحث عن عمل في بلدة آخرى حتى وجد مزرعة في طريقه، فطلب من صاحبها العمل لديه، فوافق الرجل ولكنه لاحظ أن هذا الشاب لا يجيد عمل شئ على الإطلاق.
استوقف صاحب العمل ذات مرة الشاب ليسأله عن قصته، وعندما فرغ الشاب من سرد قصته قال له صاحب المزرعة أنه يعلم والده، وأنه كان لديه ثروة من الصعب أن تنتهي، واستكمل كلامه للشاب قائلا أنت غير معتاد على هذا العمل لكونك إبن ترف وأنا لا أريد لك أن تذل أو تهان
صاحب البستان استشعر في الشاب الاصل الطيب، فهو يعرف والده جيدا، فكر فيه صاحب المزرعة زوجا لابنته، هو يعلم قصته واصله وأسرته.
واستطرد الرجل قائلا ” لا حول ولا قوة إلا بالله.. لا اريدك أن تعمل وان تهان وتذل وانت ابن فلان، ثم قام وعقد له الزواج على بنته ثم زوجه اياها واسكنه في بيت صغير قريبا منه واعطاه جملا، وقال يابني احتطب، وبع، وكل من عمل يدك، وانصحك بأن تمد رجلك على قد لحافك..
فعلا اخذ هذا الشاب بنصيحة هذا الرجل البار الملازم على صداقة والده ومد رجله على قدر لحافه حتى صار هذا مثلا تتوارثة الأجيال”.
نصحه بتلك النصيحة وقد صارت مثلا يتداوله الجميع حتى يومنا هذا، حيث قال له يا ولدي إني أنصحك بأن
“تمد رجلك على قدر لحافك”،
لتكن تلك النصيحة هي النقطة الفارقة في حياة الشاب حيث اختلفت طريقته، وأسلوبه في الحياة،
لقد أصبح شابا أعقل في جميع تصرفاته، عرف قيمة المال الذي يجمعه، وعرف كيف يقوم بصرفه فيما هو مطلوب منه ان يصرفه
الخلاصة
عندما ورث شاب عن والده ثروة طائلة، ولكنه لم يحسن استخدامها بل أخذ يبعثرها ويصرفها فى اللهو وإقامة الحفلات، فكان كل ليلة يقيم وليمة وحفلا كبيرا لأصحابه، فكثر أصحاب الرخاء عنده وكثرت سهراتهم كل ليلة وتعالت ضحكاتهم وهم يمدحون هذا الشاب فى وجهه من أجل ماله.
ولكن هذا الحال لم يدم طويلا فبعد وقت قليل نفذت ثروته وأصبح لا يملك حتى قوت يومه، فانصرف عنه أصدقائه وضاقت عليه الأرض فخرج من بلدته يبحث عن عمل يحصل منه على قوت يومه،
وانتهى به المطاف عند صاحب مزرعة للعمل والمبيت، أنه لا يعرف شيئا عن كيفية العمل ولم يسبق له العمل من قبل، أنه ابن ترف ولكن ظروفه هى التى دفعته لأن يلجأ لهذا الأمر.
لقد أصبح المثل من هذا الوقت شائع على ألسنة الناس يقدمونه كنصيحة لمن يرونه لا يتصرف بحكمة وتدبر فيما يملك.
غدا صباح مصري جديد،،