الدكتور محمد توفيق ممدوح الرفاعي يكتب..الخروج من صلاة الجسد
كم هو جميل ذلك العالم الساحر الذي تنبعث منه تلك الأضواء الملونة التي تخطف الأبصار والذي يوحي بكل اشكال الصور البراقة الخلابة التي تلهب الحواس وتغلب العقول ذلك العالم المليء بالغابات الجميلة والخمائل البديعة، هذا العالم الذي احتضن كل الإغراءات وكل ما لذ وطاب وتكفل بتلبية كل الشهوات والنزوات والرغبات الجامحة الملحة قد عبدت له كل الطرق الموصلة إليه ليسهل الدخول إليه دون مشقة وتعب، وما على الإنسان إلا أن يضع قدمه على أول الطريق ليركب قطار الشهوات، وما أن يضع قدمه ليدخل إلى ذلك العالم الساحر ويرتمي في أحضانه ، نعم أنه عالم من السحر الجميل ذي المظاهر البراقة والجمال الأخاذ من الملذات حتى ينزلق في هاوية الضياع ليغرق فيها وتثقل أحمالة حتى لينوء عن حملها.
وعندما تجد النفس بأن أحمالها قد ثقلت وأنها إزدادت انحدارا نحو هاوية الضياع الأسود من العالم المادي وان ما انغمست فيه هو عبارة عن عالم وهمي من اللذة الخداعة البراقة الوقتية الزائلة وأنها تتهاوى في بئر جدب فيه بقايا حطام جيف فاسدة، تجد نفسها متعطشة للحب السامي الأبدي وقد غلبها الحنين واشتاقت إلى محراب عشقها الأبدي حيث هناك الراحة الحقيقية، وما أجمل من ذاك اللقاء حينما يفرح الحبيب بلقاء المحبوب، وتنعم بلذة القرب يلقاها مرحب بلا عتاب أو لوم فرح بعودتها حتى وإن تأخرت بالعودة إليه، فكلما ثقلت عليها أحمالها لجأت إليه تشكو ضعفها وما أن تتقاطر العبرات في محراب سجودها وهامت إلى اللقاء في الحضرة القدسية في الإشراقات العلوية، حيث تغتسل في بحر عبراتها لتعود الى طهارتها ونقاوتها بتخلصها من درن ما لحق بها من اوزار في عالم مادي بائس أرهقتها لتنال القبول في الوصول إلى حضرة المحبوب في بحر الأنوار القدسية وتنال شرف القبول بالسر الإلهي لتخرج من صلاة الجسد وتنال شرف الوصل في صلاة روحانية قدسية، فتسمو النفس متحدة بالروح في بحار القداسة والإشراقة النورانية حيث هناك اللذة الحقيقية الأبدية السامية، كما كانت ما قبل أن تنتقل إلى العالم المادي طاهرة نقية.
الدكتور محمد توفيق ممدوح الرفاعي