نظمت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالمملكة المغربية الهاشمية، مؤتمرا طبيا بعنوان “المناظرة الإفريقية الأولى للحد من المخاطر الصحية”، بالتعاون مع جمعية طب الإدمان والأمراض ذات الصلة، وبمشاركة أكثر من 100 خبير ومتخصص ممثلين لمؤسسات طبية وأكاديمية من 50 دولة حول العالم، بهدف مناقشة السياسات الصحية المتبعة في القارة الافريقية، من أجل الوصول لتغطية صحية شاملة وتوزيع عادل في تقديم الخدمات الصحية، وتأثير استخدام التكنولوجيات الحديثة في القطاع الطبي.
أكد المشاركون في المؤتمر على أن التفشي السريع لأمراض القلب والشرايين، والأورام السرطانية، والأمراض المرتبطة بالتبغ، والسكر، والسمنة والتي يطلق عليها “الأمراض التي تقتل في صمت”، أصبحت تهدد مصير القارة الإفريقية، وأصبح من الضروري تكاتف جميع الجهات وتوحيد الجهود لتدارك الأمر سريعا.
من جانبه قال الدكتور بيتر هاربر، استشاري طب الأورام بالمملكة المتحدة، أن تدخين السجائر التقليدية هو السبب الأول في الإصابة بسرطان الرئة، وأن 9 من كل 10 حالات مصابه بسرطان الرئة تكون الإصابة بسبب التدخين، لافتا إلى وفاة نحو 79 ألف شخص في انجلترا بسبب السجائر التقليدية، وأنه بالرغم من الأضرار الصحية الناتجة عن التدخين، إلا أن عدد المدخنين في العالم تجاوز المليار شخص بينهم 80 مليون مصاب بسرطان الرئة، مؤكدا أن النيكوتين ليس مسؤولا عن الإصابة بالسرطان، لكنه فى الوقت نفسه يعد سببا قويا للإدمان، مطالباً بضرورة التوقف عن تدخين السجائر للحد من المخاطر وإنقاذ الأرواح.
فيما أوضح الدكتور طارق صفوت، أستاذ أمراض الحساسية والصدر، أن عدد المدخنين يزداد سنويا بنحو 30 مليون مدخن جديد عالميا. وفي مصر قامت الحكومة بزيادة الأسعار والرسوم المفروضة على السجائر، إلا أن ذلك لم يؤدي إلى تراجع عدد المدخنين الجدد، لذلك يعد التوقف عن التدخين هو الحل الأمثل، لكن التجارب أظهرت أن عدد الأشخاص الذين يقلعون عن التدخين ضعيف جدا، مؤكدا على أهمية بدائل التدخين التي ظهرت مؤخرا، فرغم كونها قد تسبب الإدمان إلا أنها تبقى بدون مخاطر صحية.
أما البروفيسور ديفيد خياط، رئيس قسم طب الأورام في مستشفى «لا بيتي سالبيترير» في باريس، والمستشار السابق للرئيس الفرنسي جاك شيراك، فقد أكد أن الحكومة الفرنسية اعتمدت في مخططها لمكافحة استخدام التبغ خلال الفترة “2002 – 2006” على زيادة أسعار السجائر، وهو ما أدى إلى تراجع عدد السجائر المستهلكة من 80 مليار سجارة إلى 55 مليار غير أن 1.8 مليون مدخن انتكسوا بعد ذلك وعادوا مرة أخرى للتدخين.
شدد خياط، على أن التكنولوجيا الحديثة قدمت بعض الحلول المتمثلة في تطوير ثلاثة أنواع من منتجات التدخين وهي “مضغات التبغ والسجارة الإلكترونية والتبغ المسخن” والتي ساعدت في تخفيض عدد المدخنين وتقليص المخاطر.
فيما طالب الدكتور حلمي درويش استشارى الامراض الصدرية، بإدراج التثقيف الصحي في مناهج التعليم، وانتاج برامج اعلامية مرئية ومسموعة لرفع مستوى الثقافة الصحية في المجتمع، موضحا أن 10% فقط من المرضى المدخنين، هم من يستمعون إلى نصائحنا الطبية، لافتا إلى أن حرق التبغ يصدر عنه نحو 6000 مادة كيميائية. مما يضطرنا للتفتيش عن وسائل بديلة لمساعدة المدخن في الإقلاع عن التدخين وتخفيض المخاطر الصحية على الجسم وعلى الرئتين ومن هذه الوسائل ومنذ أكثر من عقدين ظهرت طرق اللاصقات الجلدية، وحديثا التبغ المسخن الذي يؤمن للمدخن حاجته من النيكوتين ويخفض 95% من المواد المسرطنة الناتجة عن الحرق للسيجارة العادية، بالإضافة إلى خفض مضار التدخين السلبي على المحيطين بالمدخن.
فيما أوضح الدكتور محمد زيدان استاذ الأمراض الصدرية بطب اسكندرية ان تقليل المخاطر ينطبق عليه مقولة “ما لا يدرك كله لا يترك كله” وان هذه الاستراتيجية بلا شك ستكون مفيدة للكثيرين.
من جانبها قالت الدكتورة رانيا ممدوح استاذ مساعد الطب النفسي و علاج الادمان – كلية الطب – جامعة القاهرة – أن أحدث بحث علمي ظهر في جامعة سان دييغو، بعنوان سبب تعاطي الناس للمخدرات، أكد أن السبب الرئيسي للإدمان ليس الصدمات أو التجارب السلبية أو الفقر، ولكن الدافع وراء استخدام المخدرات يعتبر الحاسة السادسة، وهي الرغبة في إحداث تغيير للحالة المزاجية.
لذا فإن خدمات الحد من الضرر أمر بالغ الأهمية. و اضافت ان نجاح برامج خفض الضرر فى خدمات علاج الادمان يشجع المعنيين بالعمل فى مختلف التخصصات الصحية الأخرى أن يدخل نفس مبادئ خفض الضرر لتقليل المشاكل الصحية الأخرى “كالتغذية غير سليمة والتدخين والبدانة والسكريات وأمراض القلب”.