الكاتب الأديب دكتور العشماوي عبدالكريم أحمد الهواري يكتب..التمن
مجرد سماع كلمة التمن في تلك الأزقة التي تجمدت شوارعها في ليالي الشتاء التي استقوت عليهم كان كفيلا بان يكمم الأفواه ويخرس الألسنة ، والحكماء منهم يغيروا مواضع الكلم عن مدلولاته حتي الأطفال توارثهم هذا الخوف ،صغار يحاولون تفسيرا لمعني الاسم أي تمن هذا وما هو الشئ الذي هو تمنه ، التمن ذلك الآدمي الذي عبر السبع عقود تراه جالسا اغلب ليله أمام منزله الذي هو خليط بين الطين والطوب اللبن والأحمر المنتزع من أطلال منازل الغابرين مختلطا بقش وبوص وجذوع وجريد النخيل الغير منتزع الأشواك ذلك المنزل المنزوي في حالة توحد منزلي بين شجر الصفصاف العتيق غربي انحناءة مشروع الري يسهر الليل تمر عليه الإنس والجان والحيوانات مفترسها ومستأنسها وهو لا يحرك سوي عينيه برمقة نظر لا تكتمل. نظرة تدل علي التجاهل أكثر من الاهتمام ، الكل يبلغه السلام عند المرور أمامه سواء خوفا او من منطلق الشفقة ولكن كان مخفيا خوفه أسفل ثيابه التي حاول أن يصنع بها مجدا (مجد الجلباب ) ولكن كل ذلك لم يكن بخافيا علي التمن فكانت ضحكات أضلاعه تراقص أنفاسه متخللة شعر شاربه الأبيض وتعزف أصابع يده اليسري بين شعر ذقنه الخشن مدللا لنفسه عن معرفة تاريخ كل من يمر أمامه.