اللواء دكتور سمير فرج يكتب.. كسينجر على أبواب المائة عام
في عيد ميلاده المائة، مازال هنري كيسينجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، يقدم آراءه في مختلف القضايا الدولية. ذلك الرجل ذو الأصول الألمانية، اليهودية، الذي هاجرت أسرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1938، وحصل على جنسيتها عام 1943، وخدم في جيشها خلال الحرب العالمية الثانية، ثم درس العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، وحصل فيها على درجة الدكتوراه، ثم عمل أستاذاً بها، قبل أن يعمل مستشاراً للرئيس الأمريكي، ثم عينه هنري نيكسون وزيراً للخارجية عام 1973.من أهم إنجازاته أنه أخرج أمريكا من مستنقع الحرب في فيتنام، وحصل عن ذلك على جائزة نوبل للسلام، ويحسب له تحسين العلاقات الأمريكية مع الدول الشيوعية، أيام الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي والصين، كما نجح في توقيع اتفاقية الفصل بين القوات، في حرب 1973، بين مصر وإسرائيل.أما عن علاقتي أنا شخصياً مع ذلك الرجل، فترجع لأيام دراستي في كلية كمبرلي الملكية بإنجلترا، وأنا في العشرينات من عمري، عندما اخترت كتابه “American Foreign Policy”، أو “السياسة الخارجية الأمريكية”، ليكون أول كتاب أقوم بتلخيصه، في حياتي، دون الإخلال بمحتواه، ولا أنكر أنني تعلمت، من هذا الكتاب، الكثير من فنون السياسةالخارجية.ومنذ أسابيع قليلة، ظهر كيسنجر، في حفل تكريم بنادي نيويورك الاقتصادي، للاحتفال بعيد ميلاده المائة، وبينما هو يطفئ الشموع على كعكة الشوكولاتة، أعلن عن آرائه عن بعض ما يدور في العالم، الآن، فأكد أن الصين أصبحت خصماً خطيراً لبلاده، ومع ذلك دعا لضرورة الحوار معها، محذراً بلاده من “الخصومة الطائشة” مع الصين، للحد من احتمال نشوب صراع عسكري بين القوتين.أما فيما يخص الملف الروسي الأوكراني، فرغم تأكيد دعمه لموقف بلاده المؤيد لأوكرانيا، فقد حذر من مغبات خسارة روسيا لهذه الحرب، معتبراً أن عرض أوكرانيا الانضمام إلى حلف الناتو كان خطأ فادحاً، أدى لنشوب الحرب، كما شدد على أن جزيرة القرم لم تكن، أبداً، أوكرانية، عبر التاريخ، وأن قبول أوكرانيا لتلك الحقيقة، سيكون مفتاح لحل تلك الأزمة. وهو ما تناولته كافة وسائل الإعلام، باعتباره بارقة أمل للوصول إلى تسوية سلمية لهذه الحرب، على أساس عدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو وقبولها بأحقية روسيا في شبه جزيرة القرم، مقابل انسحاب روسيا من باقي الأراضي الأوكرانية التي ضمتها إليها.وهكذا، ورغم تقدم سنه، وضع “السياسي العجوز” الخطوط العريضة للمفاوضات، وصولاً لاتفاق سلام مستقبلاً.