وفجأة، ظهرت الولايات المتحدة بمقترح جديد حيث ظهر ذلك بقيام واشنطن بالسعي للعب دور بارز في غزة بعد انتهاء. الحرب ورحيل القوات الإسرائيلية، حيث كشفت وثيقة سرية لوزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة تستعد لدور بارز في غزة بعد انتهاء الحرب، وحددت الوثيقة التي كشف عنها أربع مسؤولين بارزين لموقع بوليتيكو كيف يمكن للولايات المتحدة ان تساعد في تحقيق الاستقرار في غزة بعد وقف إطلاق النار.
ونقل موقع بوليتيكو عن المسؤولين الأربعة أن إدارة الرئيس جو بادين تدرس تعيين مسؤول أمريكي ليكون كبير المستشارين المدنيين. لقوة معظمها من الفلسطينيين، عندما ينتهي الصراع بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة تخطط للمشاركة بشكل أكبر في تأمين مرحلة ما بعد الحرب بفترة وقد قال المسؤولين أن المستشار المدني. سيكون مقره في المنطقة، وغالبا في سيناء وسيعمل بشكل وثيق مع قائد القوة الذي قد سيكون فلسطينيا، أو من دولة عربية.
وأضاف المسؤولين أن واشنطن لا تزال تناقش حجم السلطة الرسمية، الذي سيتمتع بها. هذا المستشار، وذلك كجزء من خطة الولايات المتحدة للعب دور بارز في انتشال غزة من الفوضى التي تعيش فيها الآن. بعد انتهاء الحرب
وكانت فكرة«اليوم التالي». .«ماذا بعد؟» «What is after?، مصطلحات ثلاثة، إذا ما طبقناها على حرب غزة، فمعناها «من سيسيطر على غزة بعد انتهاء الحرب؟»، وقد برزت تلك المصطلحات منذ بدء الحرب في غزة، نتيجة للخبرات المكتسبة، من قرارات الولايات المتحدة الأمريكية، ودول حلف الناتو، منذ 12 عاما، حين تم التخلص من الرئيس الليبي، معمر القذافي. اتُخذ القرار حينها، ونجحت الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو، ليس فقط في إزاحته عن الحكم، بل في القضاء عليه، دون التفكير في مستقبل ليبيا، ومآلها، بعد ذلك.
ولأن مصير ليبيا، واستقرارها، لم يكن، أبداً، الهدف، فقد ظلت ليبيا، منذ ذلك الوقت، وطيلة 12 عاما، تتخبط، فانقسمت بين دولة في غرب ليبيا عاصمتها طرابلس، ورئيس وزرائها عبد الحميد الدبيبة، وأخرى في الشرق، في بنى غازي، رئيس وزرائها أسامة حماد، ولا يستطيع أحد الجزم بمصير ليبيا، ولا بخريطة الطريق للم الشمل، بهدف إجراء انتخابات رئاسية، وبرلمانية، وتعيين رئيس للوزراء، لتعود الحياة إلى طبيعتها. والدليل على أن مستقبل ليبيا لم يكن موضع اعتبار، فبعد أعوام من التخلص من الرئيس القذافي، استجوب البرلمان البريطاني حكومته متهما إياها بالإخفاق يوم وافقت على قرار التخلص من القذافي، دون التفكير في ترتيب أوضاع ليبيا، أو «What is after?»، بعد تنفيذ القرار.
ونتاجا لتلك الخبرة، خرجت الولايات المتحدة، بعد شهر من بدء حرب غزة، بسؤال عمن سيحكمها بعد انتهاء الحرب وخروج إسرائيل، وطُرحت خمسة سيناريوهات للإجابة عن السؤال، تبلور أولها في زيارة وليام بيرنز، مدير الاستخبارات الأمريكية، للقاهرة، ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث طرح بيرنز، الذى يترأس أحد أهم أذرع إدارة السياسة الخارجية الأمريكية، السيناريو الأول «لليوم التالي»، الذى ترى فيه أمريكا تولى مصر إدارة قطاع غزة، لفترة انتقالية، مدتها ستة أشهر، يتم خلالها إجراء انتخابات، وتعيين حكومة تكنوقراط من أهالي غزة، على أن تتحمل أمريكا كل التكاليف المرتبطة بتلك المهمة، مالياً وعسكرياً، ودعم مصر باحتياجاتها من الأسلحة والمعدات العسكرية اللازمة لإدارة قطاع غزة.
ورغم سخاء العرض المالي، والعسكري، إلا أن بيرنز فوجئ بالرفض القطعي، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لذلك السيناريو، عارضاً سيناريو بديلا، أو السيناريو الثاني، بأن تتولى السلطة الفلسطينية، في رام الله، إدارة القطاع، باعتباره الحل البديهي، والطبيعي، لتعزيز السيادة الفلسطينية على أراضيها، ومنع التدخلات الأجنبية، حتى وإن كانت من مصر. وقد أيدت مجموعة الدول العربية ذلك الطرح، وبالطبع، رفضته إسرائيل. وعرضت إسرائيل، من جانبها، السيناريو الثالث، بتولي مجموعة من «العشائر العربية»، في قطاع غزة، الموالية، بالطبع لإسرائيل، السيطرة على قطاع غزة، خلال الفترة الانتقالية المتفق عليها، لحين إجراء الانتخابات، وهو ما لاقى إجماعا في الرفض من مصر، والدول العربية، والإدارة الفلسطينية، في رام الله، بل حتى إن الولايات المتحدة لم ترحب به، باعتباره حلا غير منطقي.
وفى محاولة الوصول لسيناريوهات بديلة، فوجئنا خلال زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي يواف جالانت، إلى أمريكا، مؤخراً، بعرض سيناريو رابع جديد، لليوم التالي من نهاية الحرب، والذى يقترح فيه تشكيل قوة عسكرية عربية، من القوات المسلحة لعدد من الدول العربية، تتولى إدارة والإشراف على قطاع غزة، لمدة ستة أشهر، يتم خلالها إجراء انتخابات داخل القطاع، لاختيار أعضاء حكومة تكنوقراط، وهوما رفضته مصر، مرة أخرى، ومعها باقي الدول العربية، إدراكاً منها لمحاولات إسرائيل، بهذا السيناريو، من الوصول إلى هدفها الأول، والرئيسي، وهو إقصاء السلطة الفلسطينية من قطاع غزة.
أما خامس، وآخر، السيناريوهات المطروحة، مؤخراً، فخرج من الولايات المتحدة الأمريكية، والذى عرضت فيه تكوين قوات دولية متعددة الجنسيات، مثل «قوات يونيفيل» الموجودة في جنوب لبنان، على أن تتولى الإشراف على قطاع غزة لنفس المدة الانتقالية المحددة، ولحين إتمام الانتخابات، وتعيين الحكومة الفلسطينية في غزة، معلنة عدم مشاركة الولايات المتحدة، بقوات أمريكية، في تلك القوة، ومتعهدة بعدم بقاء جندي أمريكي واحد، على أرض قطاع غزة، بعد انتهاء القتال، وخروج القوات الإسرائيلية. ومرة أخرى، لم ترحب مصر ولا مجموعة الدول العربية، بهذا العرض، انطلاقاً من حيث ثوابت عدم السماح بالتدخل الأجنبي، وحق الشعب الفلسطيني المشروع في تقرير مصيره، والسيادة على أراضيه، وهو ما ترى مصر أنه لن يتحقق إلا بتولي السلطة الفلسطينية، في رام الله، إدارة قطاع غزة.
وكما سبق وأوضحنا، فإن إجابة سؤال «ماذا بعد اليوم التالي؟»، أو «What is after?»، دارت، بعد رفض السيناريوهات الخمسة، المطروحة، التي استهدف، بعضها، ضمان حسن إدارة قطاع غزة، لحين انتخاب حكومة جديدة به.
من هنا جاء العرض الأمريكي الأخير الذي عاد بعد رفض الخمسة مقترحات الأخيرة. عن طريق وجود مسؤول أمريكي لا يتواجد في غزة، لكنه يقود العناصر التي معظمها من الفلسطينيين. لفترة محدودة يتم فيها إجراء انتخابات داخل قطاع غزة، ويخرج بحكومة تكنوقراط، تدير غزة في المرحلة التالية بهدف الوصول إلى الحل النهائي من خلال الدولتين وعموما كلنا أمل أن تؤدي هذه الفكرة لتحقيق السلام في فترة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة