دكتورة عبير حلمي تكتب.. المرأة ناقلة الحضارات وحجر الزاوية لبناء مجتمع مثقف
المرأة ناقلة الحضارات وحجر الزاوية لبناء مجتمع مثقف
إن المرأة تؤثر بشكل كبير في المجتمع، فهي البنية الأساسية لتقدم المجتمع، لأنها مربية الأجيال. وقد برعت المرأة في الكثير من المجالات ونافست أيضاً الرجال حيث أثبتت انه لا يمكن وصف المرأة بالضعف وقلة الذكاء فقد وصلت إلى الرئاسة وهناك المهندسات اللاتي برعن في مجالاتهن فالبحرينية مريم جمعان أول امرأة تحصل على الزمالة الهندسية الكيميائية من بين 97 امرأة على مستوى العالم والأولى على الشرق الأوسط. أما عائشة الهاملى فهي أول امرأة تقود طائرة في الإمارات ،وتعتبر أول عضو نسائي في مجلس منظمة الطيران المدنى الدولى ،وأصغرهم سنا
لعبت المرأة دوراً مهماً في المجتمع المصري , وكان لها مكانة خاصة ودور فعال حيث تساوت مع الرجل وتقلدت أمور السياسة والحكم . فقد حكمت حتشبسوت مصر فى الفترة من 1479 قبل الميلاد حتى 1457 قبل الميلاد ، وكان لها دور تاريخي في تعضيد أركان الدولة في ميادين الدين والتجارة والسياسة الداخلية والخارجية
_____________________
١_كيف كانت المرأة عند اليونانيين والمراحل التي مرت بها خلال تلك الفترة؟
مرت المرأة بمراحل مختلفة في اليونان، لكنها كانت في أكثرها مسلوبة الحرية والمكانة وكانت الشرائع اليونانية لا تكاد تحميها من أي خطر يهدد كرامتها
يقول الخطيب( ديموستين) في إحدى خطبه:
” نتزوج النساء لنرزق بأطفال شرعيين، ولكي نوفر راعياً مخلصاً للبيت ونملك الخليلات لخدمتنا وللعناية بشؤوننا اليومية والعشيقات لمتعة الحب”
_____________________
٢_ هل هناك تشابه لحياة المرأة عند الرومان القدماء مثل حياتها عند اليونانيين ؟ أم أنها تختلف ؟
رغم أن الرومان شأنهم شأن الإغريق كانوا ذكريين في توجهاتهم إلا أن مكانة المرأة لديهم كانت تختلف عن مكانتها في اليونان، وربما كان لها بعض التأثير على العديد من المواقف، ولم يحدث أن عاشت نساء روما في العزلة نصف الشرقية التي عاشتها المرأة اليونانية، لكن مع ذلك كانت تحت سيطرة الذكر، سواء كان والدها، زوجها، أخوها، وعند قدماء الرومان كان انتقال ملكية المرأة من أبيها إلى زوجها يتم بطريق البيع بالقبض وبها يدفع الزوج الثمن لقاء الحصول على الزوجة، مثل أي سلعة تباع وتشترى
، لغاية القرن السابع عشر ومقدمة القرن التاسع عشر، فإذا كانت المرأة المسكينة ألعوبة بيد الرجل لهذه الدرجة، يحبسها مادام متديناً، ثم إذا دخله حب اللهو والترف يخرجها ليلعب بضعفها ثم إذا فتنها وأتلف أدبها بما يخترعه لها من أنواع البذخ والزينة يراها حملاً ثقيلاً عليه فيعيدها إلى حبسها بأشد مما كان
وإن فن القراءة عند الهنود والقدماء لا يليق بالمرأة حتى لا يقوى سلطانها على الرجل من خلال القراءة، ثم أن القراءة تؤدي إلى نقص فتنة المرأة، فشريعة مانو في الهند لم تكن تعرف للمرأة أي حق مستقل عن حق أبيها أو زوجها أو ابنها وفي حالة وفاة الأب والزوج فإذا انقطع هؤلاء جميعاً وجب عليها أن تنتمي إلى رجل من أقارب زوجها بالنسب ولا يجوز أن تستقل بنفسها بأي حال من الأحوال، وأشد من نكران حقها في معاملات المعيشة نكران حقها في الحياة المستقلة عن زوجها، بل أن تحرق معه على موقد واحد عندما يموت وقد دامت هذه العادة القديمة حتى القرن السابع عشر
______________________
٣_ كيف تصفون سعادتكم مكانة المرأة في الصين قديما ؟
بالنسبة لوضع المرأة في الصين القديمة كان يختلف نوعاً ما عن مثيلاتها في البلاد المجاورة، حيث كانت المرأة الأم تحظى بنوع من التقدير والاحترام من أبنائها إلا إن هذا لاينكر وجود تشديد صارم على خروج المرأة من المنزل بالإضافة إلى الحرص على تربية الأولاد بشكل كبير، لكن لا يخلوا الأمر من التمييز بين الذكور والإناث من قبل الأهل وخصوصاً الأب فكان الذكور يحصلون على التعليم والتثقيف والرعاية دون أن تنال الإناث مثل ذلك، ولا تتعلم الفتاة سوى بعض الأعمال في المنزل، كالخياطة والحياكة وغزل الصوف على يدي والدتها وكان هناك تشديد من قبل الزوج على خروج المرأة من البيت لوحدها
______________________
٤_ حضارة بابل إحدى الحضارات القديمة التي تركت أثرا تاريخيا عظيما يحتذى به ، كيف ترون مكانة المرأة عند البابليين ؟
كانت منزلة المرأة عند البابليين منزلة رفيعة كما كانت في مصر، حيث كان من حق النساء تعاطي الأعمال التجارية لحسابهن الخاص وغيرها من الأعمال، مستقلات تمام الاستقلال ويقمن في مقام الكتبة ولتحقيق ذلك كان لابد من الاستعداد اللازم في مكان مخصص لتأهيلهن لهذه الأعمال، وقد انخرطت جماعة منهن في خدمة الدواوين والمصالح الأميرية، كما كانت تنتظم المرأة في سلك الكهان وكان من حقها التمتع بالملكية الخاصة وحق الشهادة الكاملة كالرجل وحق التصرف فيما تملك من أرض أو عقار أو حيوانات أو عبيد، وإذا غاب زوجها ولم يكن له ولد في سن الرشد تعود إليها رئاسة الأسرة وإدارة شؤون البيت والأملاك، ولها مقابل ذلك ثلث إيراد زوجها. وقد منح حمو رابي للمرأة، حق الطلاق إذا رأت في تصرف زوجها ما يجعلها تشك به أو إذا أهملها زوجها، وعلى القاضي أن يتحقق من دعوى المرأة وأن ينصفها إذا ثبت له صدقها وكان للزوج أن يرهنها حتى تتمكن من سداد دينه، على أن لا يتجاوز هذا الرهن ثلاث سنوات كما يستطيع بيعها إذا ثبت له خيانتها. من الملاحظ أن وضع المرأة في بلاد الرافدين كان يدعو إلى الرضا والارتياح نسبياً ويعتبر متقدم بشكل كبير إذا ما قيس بوضع مثيلاتها في الصحارى المجاورة
_________________________
٥_ كيف تصفون سعادتكم وضع المرأة في الجاهلية ؟
مَّر وضع المرأة في الجاهلية بمراحل متفاوتة ومتناقضة، حيث كانت بعض القبائل في الجاهلية تعد المرأة كالسائمة فهي تورث كما تورث السوائم ويتصرف بها الذي يرثها كيفما يشاء، يتزوجها أو يرغمها على البُغاء والفجور، أما بالنسبة لمهر المرأة فكان ثمناً لها يقبضه ولي أمرها وكان المهر عدداً من الإبل يسوقها الخاطب إلى خيمة أهل مخطوبته فيسمى السياق، وكان عدد هذه الإبل يقدر على مقدار مكانة المرأة في قومها وحظها من الحسن والجمال، ولم يكن هناك حد لتعدد الزوجات عند عرب الجاهلية،
_____________________
٦_ هل هناك توازن بين الرجل والمرأة بالنسبة للحقوق والواجبات في الإسلام ، ، و كيف كانت حياة المرأة في الإسلام؟
في القرآن خط فكري يفضل الرجل على المرأة في المسؤولية وفي نتائجها، بل أن مسألة التفضيل تعود إلى قاعدة شاملة لهما تتلخص في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). فالمقياس في التفاضل تقوى الله وهو مقياس عام شامل للنوع الإنساني يشمل المرأة والرجل على حدٍ سواء واختلاف الرجل عن المرأة ليس اختلافاً في القيمة الإنسانية بل في الإيمان والعمل، بالتالي فإن المرأة قد تفوق الرجل إذا ما أخلصت لله تعالى في عملها،
“لا يحيا نتف في رحم الأم ذكرا كان أو أنثى ألا الذي يحتضنه رحمها سبحان الله العاطي الوهاب “
يقول الله تبارك وتعالى: ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ
، فالإسلام لم يرجح الرجال على النساء كما كرم المرأة كونها نصف المجتمع وحقق لها التكامل مع الرجل، وكفل لها حق الإرث ففي أكثر من /30/ حالة تتساوى الحظوظ أو يزيد نصيب المرأة
هناك توازن بين الحقوق والواجبات، فعلى المرأة واجبات مثل ما لها من حقوق، وإن الحقوق التي أعطاها لها الإسلام لم تبلغه مثيلاتها في الدول المتطورة التي تدعي الحضارة والمدنية
_________________________
٧_ ماذا عن أوضاع المرأة في العصر الحديث ، وكيف كان الإهتمام بكل قضايا المرأة ،وهل ما زال هناك فجوات تمنع المساواة بين الرجل والمرأة ؟
لمحة عن أوضاع المرأة في العصر الحديث.
بدأت المحافل الدولية منذ عام (1972) على وجه الخصوص تهتم بقضايا المرأة، فأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام (1975) سنة دولية للمرأة، كما أعلنت الفترة من (1976-1985)عقداً دولياً للمرأة، ثم اعتمدت الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة في عام (1979) واعتمد مؤتمر نيروبي الدولي عام (1985) الاستراتيجيات المرتقبة للنهوض بالمرأة خلال الفترة (1986-2000) وأكدت منظمة اليونسكو في مؤتمرها العام سنة (1989) وفي خطتها المتوسطة للأعوام (1990- 1995) على ضرورة تحسين أوضاع المرأة وتخفيض نسبة الأمية خاصة بين النساء
ورغم كل الجهود التي كانت تبذل لتحقيق تساوي الفرص بين المرأة والرجل، ما تزال الفجوات بين الجنسين كبيرة في مختلف المجالات، ولا يزال يتعين على المرأة في كثير من الدول العربية أن تقطع شوطاً طويلاً للحصول على حقوقها، فالنساء يشكلن 70 % من فقراء العالم وعدد النساء الأميات في العالم يفوق عدد الرجال بنسبة اثنين إلى واحد، وتشكل البنات ما نسبة 60% من الأطفال الذي يفتقرون إلى الحصول على التعليم الأساسي وكثيراً ما تعمل ساعات أطول من ساعات عمل الرجل دون تقدير لعملها أو اعتراف به، ويخيم خطر العنف بمختلف أشكاله على حياتها في العديد من المجتمعات
ومنذ بداية العقد العالمي للمرأة وحتى مؤتمر بكين عام 1996 ازداد الاهتمام بقضيّة تمكين المرأة، وإتاحة الفرصة لها لممارسة دورها بفعاليّة مثل الرجل، والمساهمة في صنع القرار في مختلف مجالات الحياة الثقافيّة، والاجتماعيّة، والسياسيّة، والاقتصاديّة. وقد أولت العديد من المنظمات والهيئات والدول الاهتمام بهذا المجال، وذلك من خلال إقامة مجموعة من المؤتمرات والندوات، وأشارت هذه الفعاليّات بكافة أشكالها المتنوّعة إلى أهمية تمكين المرأة، وإعطائها الحق الكامل بالعمل في كافة الميادين
أما الآن وعلى المستوى العالمي والمحلي تحظى النساء بفرص محدودة من القيادة والمساهمة في العمليّة السياسيّة، إذ يعانين من التقييد في أدوارهنّ كناخبات أو مسؤولات؛ سواء في مكاتب الاقتراع، أو الخدمة المدنيّة، أو في القطاع الخاص، والأوساط الأكاديميّة. وهذا يحدث بالرغم من إثباتهنّ لقدراتهنّ كقائدات ورائدات في عملية التغيير، بالإضافة إلى حقهنّ في المشاركة في العمليّة الديمقراطيّة بشكل متساوٍ مع الرجل. و لكن تواجه النساء العديد من المعوّقات التي تحول دون مشاركتهنّ في السياسية؛ كالحواجز الهيكليّة التي تُفرض من خلال مؤسسات وقوانين عنصريّة لا تزال تحدّ من خيارات المرأة في الترشّح للمناصب
أصبح عدد النساء في بعض الجيوش مقارباً لعدد الرجال، وتختلف النسب المئويّة بين عدد الرجال وعدد النساء من دولة إلى أخرى، وذلك وفقاً للحاجة والحوافز والقوانين التي تعتني بانضمامهنّ للقوات المسلحة، وتتراوح هذه النسب بين 5% إلى 25% أو أكثر في بعض الجيوش.
وأيضا تساهم النساء في القوات المسلحة في عدة مجالات؛ كالإدارة، وأماكن المراقبة، والصحة، والهندسة، والإطفاء، ودراسة المواكب. وما زال عدد البلدان التي تعطي للنساء مهاماً نشطة في الجيش والجبهات الفاعلة قليلاً، بالرغم من بلوغهنّ لرتب عسكريّة عالية، وتسلّمهنّ لمهام مختلفة في جيوش العالم
منذ القدم كان للنساء دور أساسيّ في الرعاية الصحيّة، وذلك من خلال التمريض، واستعمال الأعشاب الطبيّة، وتأمين العلاجات المنزليّة، أما الطب كمهنة فقد اقتصر على الرجال وحدهم، ففي بدايات القرن الخامس عشر صدر قانون في أوروبا يمنع ممارسة الطب دون التدرّب في الجامعات، ولم يكن مسموحاً للنساء الالتحاق بالجامعات حتى بدايات القرن العشرين.
ونرى اليوم النساء ينافسن الرجال في هذا المجال، ولكن بالرغم من ذلك نرى اختلافات في الاختصاص الطبيّ بين الجنسين؛ إذ تفضّل النساء التخصصات التي تتلاءم مع حياتهن العائليّة، لذا فإنهنّ يفضلن اختيار الطب العام أو طب الأطفال أو الطب النفسي على تخصصات الجراحة والقلب.
وأخيرا …لم يكن وضع المرأة في الوطن العربي مختلفًا عما كان عليه في مناطق أخرى من العالم، حيث مر هذا الوضع عبر التاريخ بمراحل من التمييز، مما أدى لخضوع المرأة لقيود على حقوقها وحريتها. بعض هذه القيود تأسست على المعتقدات الدينية، ولكن العديد من هذه القيود ترجع إلى الثقافة كما تنبع من العادات والتقاليد القبلية أكثر من كونها قائمة على المعتقدات الدينية. وتمثل هذه القيود عقبة نحو حقوق وحريات المرأة، وتنعكس بالتالي على القوانين والتشريعات المتعلقة بالعدالة الجنائية والاقتصاد والتعليم وكذا الرعاية الصحية والمهنية