دكتور أسامة أمين جعفر يكتب..اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية
*يعد الاحتفال بهوية هذا اليوم؛ الذى يمثل راية للتضامن؛ عنوانا للتآلف بين مواطنى المملكة؛ ووقوفهم خلف ملوكهم؛ وحكوماتهم؛ تذكيرا بالإنجازات؛ وفخرا بالعطاءات؛ وغرسا لبذور الثقافات؛ وتفانيا فى خدمة المملكة بكل التوجهات؛ كرائدة للإسلام الوسطى فى العالم.*
*ففى الثالث والعشرين من سبتمبر عام ١٩٣٢؛ تم تأسيس المملكة؛ وتخصيص راية واحدة لكل أراضيها؛ لترسى حضارة وتنشر وعيا بأهمية الحفاظ على وحدة الأراضى.*
*هذا وتعود جذور المملكة إلى الحضارات الأولى التى ظهرت فى شبه الجزيرة العربية؛ وعلى مر القرون لعبت دورا تاريخيا مهما؛ بوصفها مركزا تجاريا قديما؛ وتعتمد فى اقتصادها على البترول وروافد الحياة المتنوعة: إنتاجا وتصديرا.*
*وقد مرت المملكة بتغيرات تاريخية منذ إنشائها عام ١٩٣٢؛ تحولت بعدها من «أراض صحراوية ممتدة» إلى «دولة حديثة متقدمة»؛ و«لاعب رئيس على الساحة الدولية»؛ إذ اعتمدت فى نهج تخطيطها الإنمائي- القائم على وحدة المملكة- على «دور توجيهى» معنى بمؤسسات الدولة؛ و«دور دلالى» معنى بالقطاع الخاص؛ عنيت خلاله برفع التنمية الإقليمية المتوازنة؛ وتحسين نوعية الحياة لمواطنيها؛ والانتقال إلى الاقتصاد القائم على المعرفة؛ وتنمية الموارد البشرية؛ وتحسين قدراتها التنافسية.. ووضعت- مؤخرا- ملفا تنمويا «ذات رؤية استراتيجية» فى مختلف القطاعات؛ حتى عام ٢٠٣٠؛ مما يستدعى أن نشيد بالأسرة المالكة؛ والحكومات المتتابعة؛ فى حرصهم على تقدم المملكة.*
*ومن جانب آخر؛ فالمملكة هى وجهة كل مسلم فى العالم العربى والإسلامى؛ إذ هى مهد الرسالة السماوية «رسالة الإسلام»؛ وبلد خاتم المرسلين والأنبياء؛ وتحوى أهم مقاصد المسلمين «المسجد الحرام» فى مكة المكرمة؛ و«المسجد النبوى» فى المدينة المنورة؛ إلى جانب المعالم السياحية والدينية والترفيهية؛ وهى مهبط الوحى؛ ومقر إقامة الصحابة والتابعين؛ ومن نسلهم تناسل أشراف المملكة؛ ليسطروا جميعا مجدا سعوديا فى شتى المجالات؛ يفخر به كل مواطن عربى.*
*وهناك العديد من الميزات الاقتصادية التى ترسخ مكانة المملكة؛ منها: مدائن صالح كأبرز وجهة سياحية؛ والبترول الذى يحقق استقرارا نفطيا لمائة عام قادمة؛ والهيئة العامة للترفيه «حيث بلغ زوار المملكة مؤخرا نحو ٢ مليون سائح سنويا»؛ ورياضة الصقور التى يمارسها صفوة المجتمع؛ وتتوارثها الأجيال؛ إلى جانب سياحة التنزه فى الصحراء وبين الأودية والجبال.. فضلا عن التطور التقني فى مجال البرمجة؛ وغيرها من المجالات التي شهدت تطورا ملموسا وقفزات نجاح متتالية.*
*هذا ولا ننسى الدور العالمى الرائد الذى قامت به المملكة- مؤخرا- فى إطار مواجهة الوباء العالمى «كورونا»؛ سواء فى المجال الدينى أو القطاع التعليمى؛ أو فى مجال توفير الأمصال؛ وأرست المملكة- فى مجال الحج والعمرة- نظاما يحقق لمواطنيها ولزائريها الحفاظ التام على الصحة العامة للحجاج والمعتمرين؛ ضمن خطة شاملة وضعتها «لجنة المشاركة المجتمعية فى خدمة الحجاج».*
*وبهذا نجد أن المملكة قد شكلت بسياساتها «موطن عزة» لأبنائها؛ على المستويين المحلي والدولي؛ وحققت «مواطن قوة» لاقتصادها الوطنى؛ وفى كل القطاعات: الصحية والتعليمية والبحثية وغيرها؛ إلى جانب الدفاع عن مقدسات المسلمين؛ والتمسك بحقوق المواطن العربى فى العيش آمنا؛ بعيدا عن مناطق التوتر والصراعات المحلية والدولية؛ ووفرت لمواطنيها حياة آمنة رغم التحديات الدولية المتزايدة.*
*الأمر الذى يستدعى أن نشارك- نحن مواطنى المجتمع العربى- فى الاحتفاء ب«اليوم الوطنى للمملكة»؛ والذى يشكل «رمزا تحرريا» للإرادة العربية؛ وأملا لاستقرار مجتمعنا فى القريب بإذن الله؛ لتمثل مصر والمملكة- باستقرارهما- منطلقا لباقى الدول العربية فى الأمل نحو تحرر الإرادة العربية؛ ولسوف يتحقق ذلك قريبا بعون الله.*
*وإننا بالاحتفال ب«اليوم الوطني للمملكة»؛ إنما نقدم للعالم كله صورة جلية عن سعى العرب- متضامنين- نحو البناء على حضارتهم؛ وتحرر الإرادات العربية؛ وأننا سوف نواصل العطاء من أجل رفعة المواطن العربى؛ واعتمادا على القدرات التى وهبها الله تعالى له؛ ولن نتوقف عن العطاء فى كافة المجالات بعونه سبحانه.*
*ولئن شهدت بعض السنوات تباينا بين التوجهات العربية؛ تسببت فى تأخر التنسيق العربى المنشود؛ فإننا نأمل أن تكون هذه «التكاتفات العربية»- المتمثلة «حاليا» فى «منتديات ومؤتمرات وملتقيات وندوات وغيرها» هى «بذرة الأمل» فى استعادة «التضامن العربى الشامل»؛ ومهما تزايدت المؤامرات على بعض دولنا العربية؛ فإن ما يتحقق من تنسيق بين الدول العربية خلال الأزمات كوقوع زلزال أو فيضان وغيره يدعو إلى التفاؤل لمستقبل «وحدة أراضينا العربية» المنشودة.*
*وإذا كنا نذكر أمجادا عديدة لجميع ملوك المملكة؛ فلن ينسى المصريون والعرب جميعا وقوف «الملك فيصل» إلى جانب مصر وسوريا خلال حرب أكتوبر ١٩٧٣؛ التى استعاد العرب- من خلالها- مكانتهم الرائدة: عربيا ودوليا.*
*وحب الوطن ليس ببدعة؛ بل هو توجه نبوى؛ كما أن من وهب حياته للدفاع عن عرضه ووطنه؛ كتبه الله من الشهداء الأبرار.*
*ندعو الله تعالى أن يعيد هذا اليوم على المملكة السعودية والأمة العربية جمعاء بالقوة والمنعة على أعدائنا؛ رعاها الله وحفظها؛ وحفظ الأسرة المالكة ربان سفينة استقرارها؛ وحفظ المولى أراضيها وشعبها؛ برجالها ونسائها وشبابها؛ وحيا الله تعالى كل من شارك فى الاحتفال بذكرى هذا اليوم المبارك للمملكة؛ باستدعاء الذكريات؛ وسيرة المؤسس للبلاد؛ والعمل على الاقتداء بهذا النهج فى بناء جميع دول الوطن العربي.*