دكتور العشماوي عبدالكريم أحمد الهواري يكتب..ليل الخوف
نوم عميق كأنه أتى من سفر بعيد في ليل شتاء من اليالي الخالدة في ذاكرة العظام فاذا بصوت ابيه يوقظه فقد حان موعد الري لمحصول القصب الذي تقتات منه الاسرة، كان يقوم من تحت غطاءه الذي يعلوه والمكون من قطع من بطاطين الجيش البالية يعلوها عباءة جده السوداء القديمة التي امتلئت بالثقوب اكثر من الصوف وازاح من تحت رأسه وسادته الملكية ذلك الرداء الصوفي الذي لا يعرف له عمر كانت بقايا مهلهلة من مستخرجات الحفائر اسفل اطلال المنزل القديم الذي كان يأويهم قبل ان يقرر سيل 2/11/1994 ان ينفذ فيه وفي اخوانه من البيوت القديمة قرر ازالة دون سابق انذار ، ولكن كانت هذه الملابس تشعره بالدفء وبالامان، وما زاد امانه تلك الملابس المختلفة الاذواق منها ما كان معونات او حكومية تختلف اشكالها ومقاساتها حسب مصادرها كان يراها انها هي الستر امام ليالي باردة لا ترحم ، لم ينس ذلك اليوم الذي وقف في طابور طويل يرتدي اشباه ملابس في انتظار ذلك الرجل الذي يرتدي ملابس عسكرية موزعا عليهم معونات من مأكل وملبس ،كانت الارجل التي تلبس نعالا من طين الارض هذا الطين الذي لم يتخلي عن هؤلاء في اشد حالهم ،كانت لحظات تتسارع امام عينيه وهو يري رعب حيوانات كانت شرسة اصبحت لا حول ولا قوة لم ينس ذلك الثعبان ذو اللون الاسود ولم يدري هل هذا لونه ام انه تحول من الفزع والخوف ،كان ثعبانا ضخما يشع خوفا وهو يعتلي كمية ضخمة من الاعشاب وبقايا النباتات تزجرها مياه السيول الحمراء حيث جرحت الجبال وشقت اوصاله كان يتلوي ويتقلب محاولا الحياة مقاوما للموت يرجو من ينقذه ، لحظات اوقفت الصبي وهو يحاول النجاة بنفسة واهله ولكن كانت صرخات الموت اقوي من توسلات الثعبان الذي غاص في مياه رأها الصبي بلون النار بعد اخر نظرة نظرها الثعبان للصبي حتي التقت العينان في العينان وقابل الاحساس بحب الحياة لكليهما ، مات الثعبان ولم تمت الحياة .