إبداعات أدبية

دكتور العشماوي عبدالكريم احمد الهواري يكتب..اهارون و درراجة مريم (قصة قصيرة)

 

 

تدلت أوراقها الوليدة حاملة علي جبينها صقيع صباح باكر لشتاء ساخن لم تتمكن الرياح الشمالية بنسماتها البارده من ايقاظها او تهدئة أجواء ساخطة تغلي من زيادة الانضغاط النفسي وضيق الحيز المساحي الأخلاقي للانسانية الرقمية فكانت خير دليل لإثبات نظرية بويل.

وفي حركة بارده _تخلو من مشاعر _ كانت أنامل عوفاديا _القناص القادم للاستدعاء من الغرب _ تداعب منظار قناصته التي ألبسها ثوب من اوراق زيتون معمر تجاوز عمره أعمار بلاده القادم منها و عمر كيانه الذي يؤمن به، فعيناه اليسري التي تدربت علي القتل خلسة لأي أمان تراه، وعيناه اليمني التي تغمض عن أي ظلم يقع أمامها لتنكر شهادتها أمام محكمة الإنسان بداخل عوفاديا.

كان اختباؤه بين أغصان سجدت علي أرض طاهرة لتقبلها كل صباح في محاولة لازهاق روح الإنسانية، ليطلق باروده علي أي نهر صافي ليعكر مجراه، ومع وضوح رؤية عدسات نظارته والتي مسحها بمنديل قطني اشتراه من أسواق القدس العتيقة الذي يبيع منتجات مصرية ليزيل صقيعا غطي زجاج نظارته الطبية ، صقيعا معلنا تضامنه مع قضية الحق وأنه محارب معها، هنا برقت عيناه بشدة لرؤية طفلة دون العاشرة تلهو بدراجتها الصغيرة أمام فناء منزلها القديم الذي يرمقها بنظراته الضعيفة موقظا أبنائه التي استرخت عيونهم تحت سكون الصباح تشرب من نداوته العذبة حتي ترتوي قلوبها ، لتكون تلك الحجارة أكثر رحمة من قلوب بني بشر الفوا فتنة الإنسان.

حاولت عيون موجودات الطبيعة المراقبة لمريم أن تصرخ ألسنتها لتسمع مريم بأن هناك عيون شيطانية تريد أن تنال منها ، ولم تكن لمريم أن تسمع ما وراء الحجب.

تعرقت مريم مسكا علي جبينها ازاد من نضارتها وتندت خصلات شعرها الذهبي الجميل بعرق اختلط بندي الصباح من كثرة اللعب بدراجتها الجديدة ، ولم تسمع سوي صوت أمها تناديها يا مريااااااا م لتتناول أقراص الخبز الساخن _الذي أخرجته لتوه من فرن تزداد نارها دون وقود _ مع أخواتها لتختلط مناداة الأم مع صوت رعدي يصل إلى قلب مريم الصغير متواعدا عند اذانها المزينة بقرط ذهبي انطفيء بريقه فجأه.

كان الجرح قاتلا وهنا اختلطت دماء مريم الجميلة باذرع عجلتها البيضاء التي احتضنتها بقوة لترسم لوحة فنية من سوداوية العالم الراكع أمام ذهب السامري.

التقت نظرات القاتل مع عيون تري حظها من الجنه ومع صرخات أم ثكلي مكلومة اخترقت كل الحجب، صرخات مكفنة بدماء مريم التي رات عيونها الشهيده عوفاديا وهو يلامس خصلتي شعره الاسود المتدليتان أمام اذنيه بشكلهم الملتوي لاسفل.

ولم يكتفي عوفاديا بروح مريم بل تسلل وسرق دراجتها محاولا إزالة دماءها دون جدوي ليهديها لابنه اهارون ليلعب بها في مستوطنته القريبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى