دكتور تامر ممتاز يكتب.. صندوق النقد الدولي وتحديات المرحلة الحالية
“صندوق النقد مؤسسة كأي مؤسسة تقرض الأموال للغير تحافظ على ممتلكاتها (أصولها) وتضمن بادارتها رجوع ما تقرضه للآخرين مرة أخرى
سمعة صندوق النقد الدولي لدى البعض تتسم بالتشاؤم نظرا لأنه قبل ان يقدم القرض يقوم بدراسة قدرة الدول على رد امواله.
يقدم صندوق النقد نصائحه للحكومات بتخفيض النفقات وزيادة الايرادات لكي يتم علاج العجز والذي تسبب فى الاساس الى لجوء الدولة للصندوق لتقديم مساعداته .
ولكي يتم ذلك لابد ان يتم تخفيض النفقات وهي ما يعني انخفاض المصروف على التعليم والصحة مثلا وهما اول المتضررين قبل أوجه الانفاق الاخرى وهو ما يؤثر على دخول الناس لاستقطاع جزء كبير من دخولهم لتعويض التخفيض من الانفاق الحكومي
وعلى الجهة الأخرى فإن زيادة الايرادات تنطوي على زيادة الضرائب والجمارك وهو ما يتحمله المواطن في نهاية الأمر وهو ايضا يؤثر على دخله من جهة أخرى.
أى ان علاج طرفي الموازنة يؤثر على دخل المواطن في النهاية.
ان اجراءات صندوق النقد في تخفيض النفقات وزيادة الايرادات لاصلاح الخلل الهيكلي فى الموازنات اولها تحرير سعر الصرف للعملة المحلية
لأن وجود سعرين بالعملة الأجنبية يخرج الدولة من محط أنظار البائعين للعملة الصعبة وتخلق السوق السوداء لعدم اعتراف الدول بالسعر الواقعي والذي يعكس القيمة الحقيقية للعملة المحلية في مواجهة العملات الأجنبية.
وبمعنى آخر قيمة ما ينتجه هذا المجتمع من سلع وخدمات في مقابل قيمة ما تنتجه المجتمعات الأخرى من سلع وخدمات.
تفاوت أسعار العملة له عدة آثار :
١- قيام البائعين باللجوء للسوق السوداء لتحقيق سعر أعلى .
٢- انخفاض موارد للدولة نظرا لبيع العملة الاجنبية خارج السوق المصرفي وبالتالي ليس للسوق المصرفي قدرة لعدم وجود موارد
٣- تراكم البضائع في الموانئ وعدم تحويل حق البضاعة لاصحابها في الخارج مما يدفع المنتجين في الخارج للخوف من تكرار ما حدث لهم وهذا يدفع الاسعار للارتفاع.
٤- قيام الدولة بشراء العملة الصعبة من الاسواق بالسعر الاعلى واعادة بيعها للسوق المصرفي بالسعر الاقل للحفاظ على قيمة العملة بما لا يوافق الواقع وهذا يزيد من الضغط على الموازنة ويكلف الدولة ما لا تقدر على الاستمرار فيه.
٥- تأخير الاستثمار الأجنبي في الدخول نظرا لأنه ينتظر ان تتم اظهار قيمة العملة بالقيمة الحقيقية ليزداد مقابل امواله من العملة المحلية ليحدث استثمار اكبر
٦- وجود سعر مبالغ فيه للعملة الصعبة بسبب دخول السماسرة في بيع وشراء العملة مما يحققون نفعا شخصيا يتحمله للأسف المواطن في النهاية ولنتذكر قبل التعويم عام ٢٠١٦ كان سعر الدولار ٢٢ جنيه في السوق السوداء وعندما حدث التعويم انخفض إلى ١٦ جنيه هذا يعني ارجاع دفة التحكم في السوق إلى الجهاز المصرفي وهو الذي يضمن امان وصحة المعاملات بدلا من تركها لتجار السوق السوداء.
٧- عدم استطاعة المنتج تحديد تكلفة المنتج وبالتالى سعر البيع بالتبعية لان ما تم بيعه لا يستطيع به شراء مرة اخرى نظرا لارتفاع الاسعار وهو ما يشكل استنزاف لامواله مما يستدعى الامر ايقاف الانتاجية لحين استقرار الاسعار
وهذا يعنى ان الالتزام بتعليمات صندوق النقد اساس التمويل و اساس استمرار مساعداته.
بيد ان التنمية الحقيقية ليست الا انتاجية المجتمعات الكافية لاستهلاكها وان القروض والازمات وسعر الصرف والتضخم وارتفاع الفوائد لاحتوائه هي كلها اعراض عدم كفاية الانتاجية للاستهلاك