دكتور سمير المصري يكتب.. الأمن القومي
تعددت المفاهيم التي تتناول تعريف مفهوم الأمن القومي وخصائصه، ومحدداته الداخلية والخارجية، والفوارق بينه وبين المفاهيم الأخرى القريبة منه مثل المصلحة القومية والأمن الإقليمي
لا يوجد تعريف متفق عليه للأمن القومي. وتدور معظم التعريفات الخاصة بالأمن القومي حول ارتباطه بحماية الدولة من جميع الأخطار الداخلية والخارجية.
ومن بين التعريفات الشاملة للأمن القومي تعريفه بأنه (القيم النظرية والسياسات والأهداف العملية المتعلقة بضمان وجود الدولة، وسلامة أركانها، وديمومة مقومات استمرارها وشروط استقرارها، وتلبية احتياجاتها، وتأمين مصالحها، وتحقيق أهدافها، وحمايتها من الأخطار القائمة والمحتملة داخليا وخارجيا مع مراعاة المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية)
يضيق مفهوم الأمن القومي ويتسع حسب قوة الدولة ومدى انتشار مصالحها عبر أنحاء العالم. . فقد تَعتبِر الدول الكبرى ما يحدث من تطورات في قارات بعيدة عنها بمثابة أحداث مؤثرة على أمنها القومي.
فمثلا اعتبرت أميركا أن اجتياح كوريا الشمالية لكوريا الجنوبية عام 1950 بمثابة تهديد شيوعي لنفوذها العالمي وأمنها القومي.
وكذلك اعتبرت العديد من الدول الغربية أن سيطرة النظام العراقي بقيادة صدام حسين على الكويت عام 1990 بمثابة تهديد جدي لمنابع النفط الذي يمثل شريان الاقتصاد العالمي، ومن ثم اعتبرته خطرا على أمنها القومي.
يرتبط الأمن القومي بعوامل متنوعة من أبرزها العنصر الجيوبوليتكي ويشمل موقع الدولة، وطبوغرافيتها ،
والعنصر الديموجرافي ويشمل السكان من حيث (النمو – الكثافة – التعليم – الصحة) ، والعنصر السياسي ويشمل السياسة الداخلية والخارجية للدولة ، والعنصر الاقتصادي ويشمل الموارد ، وحجم الديون، والناتج المحلي ، ونسبة النمو، ونسبة البطالة، ومستوى التضخم، وتوزيع الدخل.
أما العنصر العسكري فهو يشمل حجم وتسليح وكفاءة القوات المسلحة.أما مهددات الأمن القومي فهي مهددات رئيسية وثانوية أو مهددات مباشرة أو غير مباشرة أو مهددات خارجية ، وقد تكون المهددات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو عسكرية أو بيئية .
وهناك العديد من التحديات التي تواجه الأمن القومي عبر دوائره الثلاثة الداخلية والإقليمية والدولية. مع التنبيه إلى أن المنظور تجاه تلك التحديات يختلف من جهة إلى أخرى . فاندلاع ثورات تطالب بالحرية في إحدى دول الجوار الإقليمي قد ينظر له البعض باعتباره أمرا إيجابيًا وحراكًا شعبيًا محمودًا ، بينما قد ينظر له آخرون باعتباره يمثل تهديدًا للاستقرار وزعزعةً للأمن الإقليمي.
كما أن اعتقال المعارضين قد يُنظر له باعتباره انتهاك للحقوق والحريات بينما يَنظُر له آخرون باعتباره أمرًا ضروريا للحفاظ على تماسك النظام واستقراره ولتأمين سلامة الجبهة الداخلية.