دكتور سمير المصري يكتب.. البركة والخير الإلهي
كثيرا من الناس في هذا الزمان يفرقون بين العبادة والمعاملة ، كيف ؟
فقد يكون البعض أحيانا منضبطا في عباداته ، لكن إذا أتيته من باب المال نسى أن آلله تعالى يراقبه ، ويزين له الشيطان سوء عمله ، وقد يوهم نفسه بكثرة الخير وإن كان بين البطلان .
ثم لا يجده بعد حين من الزمان لأنه لا بركة ولا خير ولا سعادة فيه ، وهذا جد أمر خطير في الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتاكلوا فريق من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون }
فما هي البركة ؟ وكيف يمكن أن نلحظ أسبابها في المعاملات ؟
البركة في اللغة من برك ، وبارك على الشي ء واظب وبارك الله الشيء وفيه وعليه ، جعل فيه البركة “ولما كان الخير الإلهي يصدر من حيث لا يحس ، وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر ، قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة هو مبارك وفيه بركة “.
ابن عباس قال : { عجبت للكلاب والشاه ؛ إن الشاه يذبح منها في السنة كذا وكذا ، ويهدى كذا وكذا ، والشاء أكثر منها ! والكلب تضع الكلبة الواحدة كذا وكنا. }
وباختصار فمعنى البركة هو وفق بعض المعاني كالسعادة ، والثبات والدوام ولزوم الشيء ، انه كالنماء والكثرة والزيادة ، إنه الغيث والنبات والرزق .
نعم انه الخير الإلهي ، إن البركة سمة إيمانية ليست بعيدة عن واقع الحياة ،و إذا تغلغلت أسبابها في القلوب أثمرت وأينعت خيراً عظيما في الدنيا والآخرة.
وتدور أسباب البركة في المعاملات والمال على أمور عديدة اهمها الحرص على بركة الزما فيكثر مالك ، اطلب من الله أن يختار لك فإذا أراد العبد سفرا أو تجارة أو مشروعاً فليطلب من الله تعالى خيره قبل البدء فيه .
اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم ان هذا الأمر فيه خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وأجله ، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه،
وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ، فاصرفه عني واصرفني عنه، وقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به.
إن المشورة والمناظرة بابا رحمة ومفتاحا بركة لا يضل معهما رأي ولا يفقد معهما حزم ، استخير ربك ما خاب من استخار ، ولا ندم من استشار .
فمن حق العاقل أن يضيف إلى رأيه آراء العقلاء ، ويجمع إلى عقله عقول الحكماء ، فالرأي الفذ ربما زل والعقل الفرد ربما ضل .
فلابد أن تكون الشورى في المعاملات فلا خير ولا بركة من مال يدخل للإنسان من طريق الحرام وأذية الناس بأي أمر كان سواء في أمور الدين أو الدنيا.
و شورى فنية مهنية من خلال الرجوع لأهل المهنة أو الخبرة الموثوق بهم وبنصحهم ، واعلم ان الصدق عند البائع والمشتري لهو خير البركات علي الاثنين معا ،
ان من الصدق عدم الغش والخداع ، فمن غش فليس منا ، ومن تعامل مع الناس بالكذب والخداع ينفض الناس من حوله ، ويتركون التعامل معه .
فلا قيمة لماله المشوب بالشبهات إذا كان سيفقد بركته في الحال ، وسيفض الأرباح عنه في المآل ٠
ليتك تتجنب الحلف في البيع ، وصافح عند عقد البيع فالبركة في الماسحة ” المصافحة ” ، واحذر من تعاملاتك المالية واحذر من الغلول هو أمر مخصوص في التعامل المالي العام ، ذلك لأن من يصيب منه شيء لا يبارك له ، ومن لا يصيبه يتأثر بضعف وتآكل ما في بيته
لاتنسي ابدا إيتاء الزكاة عن المال والصدقة ان أصل الزكاة في اللغة الطهارة والماء والبركة فهي تساهم في بركة المال على الفرد ، ويعم خيرها لتشمل بركتها حياة الإنسان في الدارين فهي المساهمة في تطهير النفس من الشح والبخل خاصة ممن لا يتحقق فيه الغنى ، ولم تتعود نفسه عن دفع زكاة الأموال
الخلاصة
الصدقة سبيل للوقاية والحماية والرعاية الربانية ، وقال تعالى: { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا }
ان الصدقة تطفئ غضب الله ، وتدفع ميتة السوء” ، إن صاحب المال في المعاملات من زراعة وصناعة وتجارة وغيرها هو مستخلف على ما أعطاه ربه تعالى فبصدقاته التطوعية ينال الثواب عليها ، والمحبة من الناس .
إن الله سبحانه وتعالى ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما أي معهما بالحفظ والبركة.
انه من الوفاء والأمانة العزم على رد المال المقترض لأصحابه سواء أكان نقداً أم بضاعة أم كل ما ينطبق عليه مفهوم المال شرعاً ، والحذر من الربا لأن الربا ممحق للأموال مسبب في غضب الله
ان صلة الرحم سبب للبركة في العمر والمال ، فما ينبغي أن تتعلل من كونك مشغولا بمعاش الدنيا في ترك صلة الرحم فهذه الصلة هي بركة للعمر والمال ولا تنشغل بأي مال أو معاملة عن طاعة ربك ، فما سعادة مال أعرض بصاحبه عن سبيل طاعة ربه فأهلكه في الدنيا والآخرة،