دكتور سمير المصري يكتب.. الحلول الواقعية للسعادة
قديما علمونا أن “القناعة كنز لا يفنى” وأن الرضى سر الحياة الأكبر ومفتاح السعادة الدائم ، الذي بواسطته نفتح كل الأبواب، وفي فترات متفاوتة من حياتنا انتفض- جمعنا على مثل هذه القناعات التي تسعى من وجهة نظرنا إلى تخديرنا ،كما تسعي إلى تغييبنا عن الواقع ، إنها تجعلنا نعتاد على الخضوع والقبول بما هو أقل مما نستحق. وأنت ممكن تؤذي نفسك ، ممكن تشحنها بمشاعر سلبيَّة ؛ وكل ده ضرره عليك أنت وحدك. ياريت تركز في حياتك ، ياريت تركز في النعم الكتيرة التي منحها الله لك.إن لنفسك عليك حقًّا ، دايما اسعي نحو الارتقاء بها ، وحصنها ضد أي مشاعر ممكن تكون السبب في ضررك … وممكن تلحق الضرر بها.أنت ليه بتقارن حياتك بالناس الآخرين ، أنت ليه تشغل بالك بالبشر كثير ،لما تعرف إزاي تتخلص من كلِّ الأفكار السلبية المدمرة المحبطة بك ،
لما تكُف عن الشكوى واللوم والعتاب والانتقادات التي توجهها للآخرين، ودايما موجه سهامك ناحيتهم ، وتبدأ أُسلوبًا جديدًا تقدر تتعامل به في مواقف حياتك والشخصيات اللي بتتعامل معها، بأُسلوبً أكثر حكمة وهدوءًا ، أُسلوبًا يوجهه ويرشده العقلُ والتفكُّر.
يبقي كدة فعلا .. … لا تيئس من رحمة الله.عندما يتملكك الشعور بالرضا، ستبصر وتري راحة البال، وستعرف معنى انشراح الصدر والطمأنينة. إن راحة البال في ذكر اللَّه: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
لما تعرف أن الدنيا دار ابتلاء … وبلاء ، تاكد دايما أن هناك حتمًا سيحدث ما يحزنك ويقلقك أو يخيفك وده امر طبيعي بل واكيد وحتما قد يظلمك البعض ، وقد تعترضك وتعتريك مشكلات متعددة في رحلة حياتك.
اه طبعا ممكن تصاب في صحتك ، ويتمكَّن المرض اللعين منك، وستعاني من أمراض القلوب ، وهذه الأمراض لا طبيب ولا دواء لها سوى أن تهذِّب نفسك منها ، وتلتجئ إلى الله ليداويَك ، فالشافي فيها هو الله سبحانه وتعالي . فاذكر الله فان الذكر والدعاء أفضل علاج للحصول على راحة البال.قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } .ليتك تحسِنِ الظن بالله سبحانه وتعالي ، وأخلِص النية لرب العالمين ، واسعَ نحو التخلص من الأفكار والمشاعر السلبية ، استبدل بها أخرى إيجابية … ليتك تفعل ذلك … ارتقِ بنفسك واصبر؛ حتى تنعم براحة البال.
السعادة هي السعادة نفسها ، في مرحلة ما من العمر يصبح كل ما نطلبه من الحياة هو القليل من الهدوء وراحة البال ، بل ويصبح ما عدا ذلك أمور هامشية . تبدو الأماني سهلة ويُخيّل لنا أن تحقيقها في المتناول، لكن ما نطلبه، في الواقع، في غاية التعقيد، وهو مرادف للسعادة، ذلك المفهوم المعقد، الغامض، الذي لا يمكن حصره في فكرة محددة.قليل من الهدوء وراحة البال؛ تعني الكثير من التوازن في الحياة، تعني ألا تكون قلقا بشأن بيتك أو أسرتك، أو دراستك أو عملك أو زواجك أو وضعك المالي أو أولادك أو صحتك . هي كل شيء في الحقيقة ، أن القليل من راحة البال، على الرغم من قلته إلا أن بلوغه يحتاج إلى الكثير من الجهد والصبر ، هذه هي راحة البال .
الخلاصة
إن من ساعدته ظروفه المالية قد تخونه ظروفه الصحية، وإذا توفرت له أسباب الراحة في البيت لا تتوفر له أسباب الراحة في العمل، والعكس صحيح.إن راحة البال تدريب مستمر للنفس على أن تقبل و ترضى ، وهو تدريب قاس جدا، يشبه تدريبها على طاعة الخالق كمثل ، إن راحة البال تستوجب نهي النفس عن الكثير من الأشياء وتعويدها على نوع معين من الالتزامات والفروض ، إنها تعويد النفس على راحة البال ، في النهاية ليس بإمكان أحد أن يوجد التوازن في كل جوانب حياته مرة واحدة ، وكذلك ليس بإمكانه أن يعمل في كل الجبهات بنفس القوة والطاقة والحماس ،ولا بد أن جميعنا قد تساءل بينه وبين نفسه يوما، أين تكمن السعادة؟ وأين أجد راحة البال؟
هل الحصول على الأفضل إذن هو ما يمنحنا السعادة وراحة البال؟ و فما هو هذا الأفضل ؟ وإلى أي مدى يمكننا أن نعتبره أفضل؟
وهل ما نراه الآن أفضل سنراه غدا كذلك ؟