آراء حرةسمير المصري

دكتور سمير المصري يكتب.. المال خادم جيد و سيد ردئ  

المال خادم جيد و سيد ردئ  

 

                     الخير … والشر ،،،،، مفهوم كلاهما مختلط فى أذهان الكثير من الناس ، فالخير هو ما يوصلك لغاية ليس بعدها غاية ، فالإنسان يولد فى الدنيا ثم يكبر ثم يحصل على الشهادة الإبتدائية ، والإعدادية ، والثانوية ، ويتخرج فى الجامعة وبعد ذلك يحصل على الماجستير ، أو الدكتوراه . 

 انه يعيش عمره فى الدنيا ، ثم بعد ذلك يموت ، ثم يبعث . فإن كان صالحاً دخل الجنة ، وهذا هو النعيم الأبدى ، وبعد ذلك لا شئ ، أى ليس بعد الجنة شئ .

فالهدف أو الغاية من الحياة هو أن تصل إلى نعيم الجنة ، وهي غاية لا تحصل عليها إلا إذا اتحدت ارادتك مع منهج الله ، حينئذ تكون قد وصلت إلى الخير الحقيقى الذى لا خير بعده.

اما الشر فى عرفنا .. هو كل ما يتصادم مع ما تريده النفس فكل شئ تشتهيه أو تطلبه .. ولا يتحقق أى لا يحدث تعتبره شراً لأنك كنت تريد وتتمنى أن يحدث هذا الشئ ولكنك منعت منه .

فإذا كنت تاجراً مثلاً وتعاقدت على صفقة على أساس أنها ستحقق لك ربحاً كبيراً ثم تغير الأسعار وبدلاً من أن تربح خسرت فى هذه الحالة … تعتبر أن ما حدث لك كان شراً .

وإذا كنت تريد وظيفة ، ولم توفق فى الإلتحاق بها ، اعتبرت هذه شراً . 

 وإذا كنت تتطلع إلى منصب أو جاه أو سلطان وضاع منك حسبت هذه شراً .

إن هذا يعنى أن الشر فى عرف البشر هو ما يتصادم مع رغباتهم وشهواتهم وأهوائهم بصرف النظر عما إذا كان ما يتمنونه يتفق مع منهج الله أو لا يتفق . 

فالإنسان حين يريد الوصول إلى غاية فإنه لابد أن يعانى فى سبيل ذلك أو يبذل جهداً .

الطالب غايته مثلاً أن ينجح فى الإمتحان ، ولذلك فهو يذهب إلى المدرسة فى كل يوم ، ويسهر فى المذاكرة ويتحمل كثيراً ، ويمنع نفسه من أن يستمتع بسهرة مع أصدقائه ، أو يشاهد برامج محببة له فى التليفزيون أو يشارك الأسرة فى مناسباتها الإجتماعية . 

انه يغلق على نفسه باب حجرته ، ويظل يذاكر لا ينام إلا قليلاً حتى يصل إلى غايته .

تأكد تماما أن التجربة الإنسانية تدلنا على ان الإنسان الذى يعطى نفسه كل ما تشتهى لا يحقق خيراً فى حياته ..

    لماذا ……. ؟

 إننا لابد لكى نحصل على الخير … لابد من عمل ومعاناة وتضحية .

فالذى يقضى معظم وقته فى اللعب ويحقق لنفسه كل شهواتها ، ويستمتع بكل دقيقة فى اللهو ، إنما يحقق شهوة عاجلة لنفسه ولكنه لن يصل إلى غاية أبداً . 

يصبح بلا مستقبل ، وبلا حياة تعطيه العيش الكريم . 

كذلك فى كل شئ فى الدنيا فالتاجر إذا لم يتعب فى البحث عن البضاعة الجيدة المعتدلة الثمن التى يقبل الناس على شرائها ، وإذا لم يتصف بالإمانة والصدق ، ينتهى بالإفلاس ولا يحقق ما يريد .

وإذا كنا نريد أن نعمل من أجل الخير ، فالخير الحقيقى هو ما يأتى من الله سبحانه وتعالى لأنه هو الشئ الباقى الذى لا يزول ، وهو الشئ الذى يزيد ولا ينقص ، ينمو ولا يقل ، فكل ما فى الدنيا يقل ماعدا الخير عندالله تبارك وتعالى فإنه يضاعفه أضعافاً مضاعفة .

إن المال خادم جيد … وسيد ردئ …. 

 أى أنك إذا حصلت على المال استطعت أن تحقق به كل شئ هو الذى يشترى لك ما تريد ، ويأتيك بما تشتهى ، هذا إذا جعلته خادماً لك …

 ولكن إذا جعلته سيداً لك وكنزته وأصبح هدفك أن تجمع المال من حلال أو حرام .. فإنك تصير عبداً للمال لا تستفيد منه وإنما هو يسجنك فيحرمك مما تشتهى لأنك لا تريد إنفاق مالك ولا تتمتع به لأنك لا تريد أن تفارقه .

 ان المال ليس رزقاً مباشراً ، بل هو رزق غير مباشر لأنك تشترى به الأشياء ولكنك لا تستطيع أن تنتفع به إنتفاعاً مباشراً ، كأن تأكله مثلاً ….. 

ولكى تتضح هذه الصورة أقول لك .. فلنفترض أن عندك جبلين من الذهب والفضة وأنت جائع ، وعطشان .

 هل تستطيع أن تأكل من جبل الذهب ؟ 

أو تشرب من جبل الفضة ؟

 طبعا لا … فإذا جاء أحد من الناس ومعه قربة ماء يريد أن يبيعها لك بنصف جبل الذهب أو تموت عطشاً ألا تعطيه نصف ما تملك ؟ 

وإذا جاءك إنسان بطعام وأنت تكاد تموت من الجوع وطلب منك نصف جبل الفضة .. أفلا تعطيه له ؟ 

طبعاً تعطيه …. فالمال ليس رزقاً مباشراً لا تستطيع أن تأكله أو أن تشربه … ولكنه رزق غير مباشر تشترى به ما تأكله أو ما تشربه أو تلبسه مما قسم الله لك .

الخلاصة 

إن كل ما يقابلك فى الدنيا إذا أخضعته لمنهج الله كان خيراً وإن أخرجته عن منهج الله كان شراً … 

فالمال إن إستخدمته فى إعانة الفقير والمسكين واليتيم وفى الصالح من الأعمال كان خيراً ، وأن استخدمته فى الإفساد فى الأرض كان شراً والجاه إن استخدمته فى الإفساد فى الأرض كان شراً والجاه إن استخدمته فى إزالة الظلم وقضاء حوائج الناس والحكم بالحق كان خيرا وإن استخدمته فى ظلم الناس والطغيان والبغى كان شراً .

 والعمر إن أفنيته فى العمل الصالح كان خيراً ، وإن استخدمته فى إيذاء الناس والعدوان عليهم كان شراً .

وهكذا فإنه لا يوجد معنى مطلق للأشياء ولكن كل شئ حسب استخدامك له .. إن الشر – كما قلنا – يأتى من الإنسان فى الكون حسب وسيلة استخدامه .

 

       

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى