دكتور سمير المصري يكتب.. ظلمة الظلم وقهر المضطهد
أي راحة هذه عندما تشعر أنك مظلوم ، مقهور ، مضطهد ممن حولك .. مرت الأيام وإذا بها تشعر بدوار ، آلام غريبة تصيبها….. كانت تقول لنفسها ممكن يكون ارق … او لعله طول السهاد والحزن .. لعله كثرة التفكير . استمر الدوار … بل وتصحبه آلام أخرى كبيرة .. لقد كان الذهاب الي الطبيبة هو الخيار الواجب … إذن لا بد من الطبيبة .. وفعلاً تمت الكشف وعمل التحاليل …. بناء علي اوامر الطبيبة . وكانت المفاجأة التي أدهشتهم كلهم … أنها حامل فمن يصدق ذلك ؟!!
أخبرت أمها زوجها بماحدث. .. كان يصرخ من الدهشة … بل واشتد فرحه وسعادته … خلاص مفيش اي اعذار …فليس لأهله الآن أي عذر ، رجعها .. ولكنه اشترطت عليه بيتًا شرعيًا .. وبالفعل حقق لها ذلك .. عادت زوجة له من جديد .. عادت وهي أقوى … تعشعر أن ليالي الظلم والهموم والأحزان قد تبددت وزالت .. وحل بدلاً منها السعادة والفرح ،عادت وأصبح أملها بالله كبير .. وضعت مولودها الأول .. ثم الثاني والثالث .. أهل زوجها لم يدخلوا بيتها منذ أن وضعت حياتها الجديدة فيه ، سكنت فيه … فلم يدخله أحدا منهم ولا مرة واحدة ..لقد قاطعوها رغم انها لم نقاطعهم .. بل إنها وبحسن نية طلبت من زوجها ان يذهب إلى أبيه وطلب العفو والسماح .. و ان يقول له انه سيفعل ما يريده .. ولكن ماذا يطلب ؟!
ونفذ زوجها ذلك .. وسأل والده ماذا تريده وأنفذه لك .. أتدرون ماذا طلب منه …لقد قال له لن أرضى عنك إلا إذا تزوجت .. فرد الزوج علي أبيه … وزوجتي ماذا بها .. إنها امرأة صالحة تخاف الله .. بل هي التي أرسلتني لأسعى لرضاك .الأب لم يسمع شئ من كلمات ابنه ، واكد ان هذا ما يرضيه عنه .. بل إن زواجه الثاني هذا سيكون على نفقته الخاصة وسيكون المتكفل بكل شيء .. فقط أنها امنيته . عاد إليها زوجها والكآبة تعلوه ، ووجهه يكسوه الحزن والهم والغم .. فسألتُ بلهفة هل رضي عنك والدك ؟ .. فردَّ عليها … نعم سيرضى عنه … ولكن بشرط.. وبسرعة قالت له مبادرة .. ما هو الشرط .. ؟
حققه له مهما كان شرطه ، نظر اليها بكل أسى قائلا شرط والدي أن أتزوج عليك . أجهشت بالبكاء ..عانقتها مشاعر عديدة ، غريبة ، متضاربة ، فماذا فعلت له حتى يقابلها بكل هذا الكره .. لماذا هو يكرهها بهذه الدرجة؟!!
و كانت المفاجأة … لقد حقق زوجها أمنية أبيه .. وشجعته هي على ذلك حتى يرضى عنه ، أما هي فعدت في بيت أهلها بعد أن طلقها الطلقة الثانية لأن زوجته الجديدة اشترطت ذلك .. معقول !!! . عادت إلى بيت أهلها وقد اعتصر قلبها حزنا وهما ، وغم .. فلقد كانت ضحية لجبروت وقسوة ذلك الأب الذي فرق بينها وبين زوجها وأولادها .عدت الأيام كلها هموم تكسوها الأحزان .. أردتُ أن تنسى ، وان تغلق تلك الصفحة السوداء من حياتها .. ولكن كيف لها ذلك وابنائها تلوح صورهم الطفولية والبريئة أمام نظرها .. على الرغم أنه من حقها الشرعي أن تضمهم إليها … فما زالوا في فترة الحضانة .. لقد تحولت حياتها .. لقد حرموها من قرة عينها .. وبهجة حياتها .. وسعادة روحها.. حرموها من أبنائها .. ولك أن تتصور قلب الأم وهو يتقطع حسرة ويتمزق كمدًا وحزنًا عليهم، كانت تفكر كثيرًا في حالهم، هل ينامون جيدًا ؟ هل يأكلون ؟ هل يقسو عليهم أحد .. هل يجدون من يحنّ عليهم .. ويضمهم إليه ؟
عدة أسئلة يتردد صداها في جنبات فؤادها المكلوم .. ولكن صبرٌ جميل .. والله المستعان على ما يصفون ..ذات يوم إذا بالأخبار يتناقلها الناس أن زوجها قد طلق زوجته الجديدة .. ولم يمض على زواجهما سوى عدة أيام .. سبحان الله نهاية حتمية لزواج لا يقوم على أساس صحيح، زواج لا يراد من ورائه سوى القهر والظلم والاستبداد في الرأي .لقد أصبح زوجها بعد ذلك بين نارين .. انه يريد أن يلمَّ شتات بيته المبعثر .. فيرجعها وأبنائها تحت كنفه ليشعروا بالراحة والأمان .. ويريد أن يرضي والده .. وبالفعل حاول إرجاعها .. ولكن هنا والدي وقف له بالمرصاد .. بنات الناس مش لعبة في ايديه يلعب بهم زي ماهو عاوز ..فالحياة في الحقيقة تجد مغزاها في الفقدان ، أن تفقد شيئا أو شخصا أو أن تفقد نفسك حتى ، أن تتعلم أن تفقد كل شيء وأن يفقد كل شيء قيمته في عينيك، لكن أن تستمر في المضي في الطريق، ما دام عمرك بين يديك.ما لأحوال الدنيا دوام ، إن المصائب تكفر سيئات المؤمنين وبالصبر عليها ترتفع درجاتهم ، وما أصابهم فإنه يعظم أجرهم بالصبر عليها.