دكتور صلاح سلام يكتب.. الهويس
كانت السينما المصرية في أوج مجدها في خمسينات وستينات القرن الماضي والاصل في كل الاشياء هو التطور للافضل ولكن لماذا لم ينسحب ذلك على صناعة السينما؟ فقد نهضت الهند”بوليود”التي بدات معنا واصبحت نيجيريا الاولى افريقيا…هذه ليست نوستالجيا ولكنها حقيقة..عندما قرر المخرج حسين كمال تقديم قصة ثروث اباظة شئ من الخوف إلى السينما وعهد الى الخال عبد الرحمن الابنودي كتابة كلمات الاغاني والالحان لبليغ حمدي ..اراد الابنودي ان يكون الفيلم ذو حبكة سياسية فاضفى على القصة شئ من البهار الدرامي ولان المنتح كان من كبار الفنانين “صلاح ذو الفقار”فقد كان يبحث عن الواقعية… ليعيش فيلمه حتى الان كواحد من افضل مائة فيلم قدمتها السينما العرببة..ففي اهم لقطات الفيلم حيث تقوم فؤادة”شادية”بفتح هويس المياه مخالفة جبروت محمود مرسي”عتريس” …فقد بحث المنتج مع المخرج عن قرية تعاني الجفاف من ندرة المياه ووجدوا ضالتهم في احد قرى القليوبية حيث اتفقوا مع العمدة على تركيب هويس ليضخ المياه الى ارضهم بشرط ان يتم التصوير بشكل طبيعي ويكون سكان القرية متواجدين فوافق وقامت السيدة شادية بالدور ووقفت تفتح الهويس بالفعل ليرقص اهل القرية رقصا هيستيريا طربا بدخول المياه الى ارضهم القاحلة التي وثقها الفيلم وهي تعاني من تشققات الجفاف بموسيقى تصويرية رائعة ومعبرة وردود افعال طبيعية من الرجال والنساء والاطفال ..وقد اصر المخرج على ان يكون الفيلم ابيض واسود برغم دخول الالوان الى السينما ولكن كانت له فلسفة استغلال الظلال وان يكون التصوير اقرب الى الواقع بلا رتوش…ومن المفارقات ان تمنع الرقابة الفيلم من العرض بذريعة ان المقصود بعتريس هو شخصية عبد الناصر الديكتاتورية ويقرر الرئيس عبد الناصر مشاهدة الفيلم مرة بمفرده واخرى مع السادات ١٩٦٩ ويسمح بعرضه بمقولة مشهورة ..اذا كان المقصود بعتريس هو شخصي يبقى يستاهل اللي يجراله…اسوق هذه الحكاية لتعرف الاجيال كم كانت السينما تؤرخ للواقع ولكن ليس بهدف الهدم وانما من اجل البناء والاضافة ولو بهويس يسعد سكان قرية محرومة من شربة ماء …وقصة تتوارثها الاجيال تحمل انتصار الانسانية على الظلم والجبروت