دكتور صلاح سلام يكتب..عودة الروح لمعرض القاهرة للكتاب
كتب توفيق الحكيم “عودة الروح”١٩٣٣ وتأثر بها الضابط الشاب جمال عبد الناصر وكانت مصدر الهامه للقيام بثورة يوليو ١٩٥٢ وفوجئ باسم توفيق الحكيم في كشوف التطهير بعد الثورة التي اعدها وزير الثقافة انذاك اسماعيل القباني..واعترض عبد الناصر بشدة على خروج الحكيم من عمله بهذه الطريقة حيث كان مديرا لدار الكتب وكان رأي الوزير انه كسول وغير منتظم في عمله ولكن عبد الناصر اصر على بقائه قائلا ليس من المتصور ان تقوم الثورة لتخلع الحكيم من وظيفته واصر الوزير برغم تدخل الدكتور فتحي رضوان وزير الارشاد القومي لرأب الصدع..ولكن القباني ذهب الى بيته وارسل استقالته وقبلها جمال عبد الناصر حيث كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء ١٩٥٤ ولكن بصلاحيات الرئيس… ثم كرمه ومنحه وسام العلوم والفنون بعدها بسنوات …اكتب هذه الكلمات بعد ان رأيت عود الروح لمعرض القاهرة الدولي للكتاب حيث قارب زواره الخمسة ملايين وقد حالفني الحظ ان تكون لي ندوة فيه عن كتابي “يوميات طبيب سيناوي” الصادر عن هيئة الكتاب ولكني افردت يوما اخر لاتجول في اروقة المعرض لارى بعض كتبي في دور النشر الاخرى وابتاع ما يروق لي وقد اثلح صدري توافد افواج من الشبان والشابات من كل فج عميق يحجون الى كعبة الفكر والثقافة من اعمار مختلفة كنا نظن انهم قد هاموا عشقا بوسائل التواصل الاجتماعي وناموا في احضانها..ولكن نبرة فتاة تزاحمني وهي تسأل في جناح سور الازبكية في المعرض عن كتاب ماذا جرى للمصريين لجلال امين وزميلتها تسأل عن الوادي المقدس للدكتور محمد كامل حسين اصابني بصدمة فرح وانشراح وايقنت بعد ان تسلل الى قلبي اريج همسات الشباب في ردهات ودروب المعرض ان هذه نوبة صحيان..بل هي عودة الوعي وهنا نختلف عن تلك التي صاغها توفيق الحكيم مهاجما زمن عبد الناصر..فعودة الوعي هنا كانت حقيقية فمن زار المعرض يوم الجمعة الثاني من فبراير ورأى تلك الجموع الهادرة القادمة من كل اركان المحروسة سوف يوقن بما لايدع مجالا للشك بأن مصر تولد من جديد..وبرغم الجو الماطر والاعصار كما قال نزار قباني في قارئة الفنجان على لسان العندليب عبد الحليم حافظ…الحب سيبقى ياولدي احلى الاقدار…فالحب الفكري اتى بهم الى اكبر محفل تتعانق فيه عقول المثقفين في ذروة الضائقة الاقتصادية التي تعاني منها كل طبقات المجتمع …لكن صوت العقل اقوى ولابد ان ينتصر على كل السفاسف ويعلو ..هكذا تقاس نهضة الامم ..نعم بمدى قدرتها على القراءة والتعلم ليحدث التقدم..وهاهي تتجلى تارة في عودة الروح..واخرى في عودة الوعي لامة قد تمرض ولكنها ابدا لاتموت..تصنع من صيحات الالم شموعا تضئ بها طريق الأمل الواعد لتنير الطريق لأجيال كادت ان تفقد ثقتها في حاضرها ومستقبلها…الان والان فقط نستطيع ان نقول بقوة وبأعلى صوت..مصر عادت شمسك الذهب تحمل الارض وتغترب..كتب النيل على شطه..قصصا بالحب تلتهب