في عمله الجديد استطاع طارق ان يكون شخصا محوريا ومحبوبا لدى كل زملاءه سواء الرؤساء او المرؤسين وكان له صداقات خاصة من بعض المقربين الذين يقضي معهم بعض اوقات الفراغ على احد مقاهي الابراهيمية وكأي تجمع بين الشباب لابد من الخوض في السياسة واحوال المعيشة وارتفاع الاسعار وسعر الدولار والمرتبات وضرورة وجود مصادر دخل اضافية اما بالبحث عن فرص للعمل في اوقات الفراغ او ساعات عمل اضافية او التفكير في السفر والاخير كان مطلب عدد غير قليل من الشباب وبالتأكيد يكون البحث اولا عن عقد عمل في بلاد الخليج او فرصة السفر والهجرة الى الولايات المتحدة الامريكية واستراليا او اي دولة اوروبية…وتتواتر الاحاديث عن فلان قريب احد اصدقاءه الذي جاء من الفيوم وابن عم الثاني الذي اتى من بني سويف ودفعوا مبلغ لاحد السماسرة لتسهيل ركوبهم البحر والسفر الى اليونان او ايطاليا عبر القوارب المطاطية وكل من يصل الى هناك يبدأ في مراسلة اهله ليرسلوا باقي العائلة …وتدور رحى الحكايات عمن ماتوا غرقا او من قبض عليهم خفر السواحل في بلدان المتوسط على الجانب الاخر….او انه تم احباط المحاولة من الشواطئ المصرية وهكذا دواليك….وكثير من اصدقاء طارق كانوا يعرفون قصة تغيب والده التي تكاد تكون طوعية فهو ليس مسجونا ولا يعمل بالسياسة ولم يكن يوما تحت الشبهات فهو شخص مسالم كافي خيره شره يعيش على هامش الحياة لاينشد منها الا راحة البال والستر والهدوء النفسي…فقد كان بطبعه لايميل الا النقاش السفسطائي ولا الجدل العقيم لايحب الموج الهادر ..يحب النهر الرائق والنجم الشائق والحي الهادئ ووجه القمر…لكن يبدو ان للقمر رأي اخر فاعطاه الوجه المظلم….وفي سهرة صعيدية بامتياز دعاه اليها اصدقاء العمل الذين يسكنون في حي الميناء وعلى اكلة سمك في بحري دار حديث الاصدقاء والذي تخلله شئ غريب حيث قطع عبد الباسط حديث الاصدقاء بقوله تعرف ياطارق ان عندنا في البلد فيه محل بقالة مش بعيد عن بيتنا لراجل طيب اسمه على اسم ابوك”محمد شداد” وكل اهل الحي بيشكروا في اخلاقه وامانته وفيه شبه منك…ودارت بطارق الدائرة وظن ان تاثير اليود الزائد في السمك الذي التهمه منذ دقائق سبب ذلك ….واستطرد عبد الباسط وعلى فكرة هوة مش فاتح في بلدنا من زمان دة من ييجي خمس سنين…وزاد الدوار بصاحبنا وسأله ..هية بلدكوا فين بالظبط ياعبد الباسط انا عارف انك من قنا..نعم بس انا من مركز فرشوط واحنا ساكنين في المركز ذات نفسه….وانت نازل اجازتك امتة “ياعباسط”..والله انا يدوب على الاعياد…فبالفعل كان كل ابناء الصعيد لايفضلون السفر وتضييع الوقت والمال في السفر ولديهم ملكة الصبر الى اقصى حد حتى من كانوا يعملون في البلاد العربية ربما يطوي السنين وليس فقط النزول في اجازة سنوية ..فهم الاكثر جلدا حتى لو كان العمل شاقا …طيب مش ليك اخوات هناك ياصاحبي…ايوة طبعا…طب لية طلب عندك …اؤمر عينية ليك ياطارق…ممكن واحد من اخوتك يتصور مع الراجل دة ويبعتلك الصورة…قوي قوي…حاضر هكلم اخوية محمد يروح يشتري منه حاجات البيت ويتصور معاه….وانتهت السهرة بعد العشاء وشرب الشاي الصعيدي وقليل من احجار الشيشة ليذهب كل الى وجهته حيث تأخر الوقت ولكن لاباس فغدا يوم جمعة وهو ليس في نوبتحية العمل….وعاد طارق الى بيته وهو يحمل املا جديدا في ذاك الرجل الذي يشبهه والذي وفد الى الصعيد منذ فترة تكاد تماثل سنوات غياب والده او اقل والغريب انه يحمل نفس الاسم…ولكنه هذه المرة كان اكثر حكمة فقد تعلم من التجربة السابقة وقرر الا يخبر احدا بما سمع حتى يرى الصور ويتحقق من الامر….وماهي الا عشية وضحاها الا وقد هاتفه “عباسط” كما كانوا يختصرون اسمه وارسل اليه صور اخيه محمد مع العم محمد شداد الذي كان يرتدي جلبابا …وبالفعل فيه شبه كبير من طارق ولكنه كان ممتلئ قليلا وذو” كرش” يبرز قليلا وفي هذا اختلاف عن بنية والده مع انه في نفس الطول تقريبا….واخذ يحدث نفسه ربما كان ذلك اثر السنين ولكن الملامح تكاد تكون اختلفت مع زيادة الوزن وتداخلت الاخماس في الاسداس…واصبح في حيرة من امره هل يكمل الطريق ويصطحب عبد الباسط الى قنا ليذهب ويراه على الطبيعة ويعرف قصته وخاصة ان زميله يقول انه اتى الى المركز منذ سنوات قليلة ومن المؤكد انه ليس هاربا من احكام او ثأر فمن يكون كذلك لايفتح تجارة وسجل ويكون معروفا لدى العامة والخاصة…او ان يتحدث مع امه واخيه وربما خاله ايضا ويرسل لهم الصور ويحكي لهم القصة فلربما يكون لهم رأي اخر وقد كان فق مال الى الرأي الثاني وبنفس المنطق كان تفسير الصور مابين الحقيقة والخيال فالام تقول انه ليس بعيد الشبه واحمد في خيرة من امره ان كانت هذه الصور لوالده ام لا ..اما خاله العميد علي فقد كاد يحزم انه محرد تشابه اسماء تواكبت مع الحدث والشبه وحده لايكفي…ولكن خيال احمد المليودرامي اخذه الى فرضية اخرى وعي ان هذا الرحل ربما يكون من شاهده صديق طارق في ميدان التحرير في مظاهرات ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وانه ذهب بعدها الى قنا وعاش هناك بعد ان صادف رفيق او صديق قديم في زحمة الميدان يعيش في تلك المنطقة والفرضية الاخرى انه يكون بالفعل قد فقد علاقته بالماضي في حادث وبدأ حياة جديدة واختار هذه المنطقة من الصعيد والتي اشتهر اهلها بالطيبة والسماحة….وكان لابد من اتخاذ قرار لحسم هذا الجدل…فقرر طارق ان يسافر الى فرشوط بصحبة صفية فهي التي تعرف زوجها من انفاسه وطريقة حديثه وربما من سلامه…ولم يخيب عبد الباسك رحاء صاحبه وقرر السفر معه فكيف يتركه يسافر الى بلده التي لايعرف فيها احد ..دة حتى عيب…وتقدم كلاهما بإجازة قصيرة وانطلقوا في قطار الصعيد الذي يتوقف في طنطا حيث ركبت معهم الست صفية الى وجهتهم قنا ولعل الله يحدث بعد ذلك امرا