هناك الكثير من المواقف التي نتصدى لها بكلمة (لا) و نعلن رفضنا التام لها ، دون النظر لعواقب هذه الكلمة سواء كانت تحقق لنا السعادة و الشعور بالارتياح النفسي أو الحزن و الندم معا فيما بعد . و ربما يترتب عليها خسارة أشخاص أعزاء .
كلمة ( لا ) لصديق يطلب مشاركته في سرقة ما أو تعاطي مخدرات أو لأي سبب يخالف القانون . و يعتبر هذا الصديق أن الرفض هنا هو بمثابة التعالي و عدم الثقة و الحرص على النفس أكثر من الحرص على الصداقة بذاتها .
هناك كلمة( لا ) تكون بمثابة انتهار الفعل الغريب وهذا الانتهار يكون فاضح ، فأحيانا يكون بالسر أو العلانية .
وتصبح هنا المشكلة في فضيحة الأمر و كشف المستور و تكون العاقبة خسارة صداقته للأبد .
هناك كلمة ( لا) ليست فقط للخطايا ولكن أيضا لرفض بعض الأمور التي تخالف العقل . فهناك كلمة ( لا ) للرفض و الاستنكار للحدث و لإظهار الحقيقة أيضا
لا أفعل ذلك
لا أوافق على ذلك
أو لا لم أوافق بعد
و هذه المقولات تكون بمثابة الاستنكار لما يقال وهي ليست لا لمخالفة الرأي .
( لا ) ستصبح لنا ولك عزيزي القارئ جرس إنذار . فهي أحيانا بئر الأمان أو تحقيق الذات أو للشخصية أو للحماية ومع ذلك فإننا نحتاج للنضوج الكافي و الوقوف بجانب بعضنا البعض ، لنستطيع اتخاذ القرار السليم و تحمُّل العواقب لهذا القرار . فكلمة (لا ) تحتاج ثقة بالنفس و شخصية قوية و تحتاج إلى تضحية أيضا في بعض الأحيان .
كلمة ( لا ) عندما تقال تكون العاقبة غير سعيدة . و أحيانا بالعكس تكون سعيدة جدا . أحيانا تكون مصدر للراحة و الرجوع إلى الله ، و العودة إلى الحياة و تكون بمثابة شروق فجر جديد يحمل في طياته أملا للغد . كلمة (لا ) ليست للعصيان وعدم الطاعة كما يبدو بعض الوقت بأنها كذلك .
حينما تقال بصفة العناد و التعنت من الصغار إلى الكبار ، على سبيل المثال من ابن لأبيه أو ابنة لأمها ، بغرض تحقيق الذات و أنا موجود بمبدأ تُخالف تُعرف ، وهي حالة من العصيان . و لكن إذا تمعنّا النظر جيدا فهي ليست بالعصيان و إنما بالتعنت . ولكن لماذا التعنت أو العصيان . نحن أنفسنا لم نمنح هذا العصيان و التعنت . فإذا كان هناك حوار مفتوح لقول( نعم أو لا ) على حد سواء ، ستصبح الحياة مرنة و نعلّم أولادنا كيفية أسلوب النقاش و اتخاذ الرأي و إقناع الرأي الآخر .
القناعة و الإقناع مفتاح العلاج . لماذا يقول الأبن أو الأبنة (لا ) لشيء صالح و مفيد لهم ، ولقد قمنا بشرح خلفيات هذه الأسباب من القبول أو الرفض ، بدون عنف أو تزييف للحقيقة . فعند الإدراك لحقيقة الموقف تكون النتيجة إدراك الموقف ذاته و تكون النتيجة الرفض المقنع أو القبول المحبب . لماذا يقال لا ونحن في دائرة الحوار و المناقشة وهنا يبدو المصادرة على الرأي الآخر . مع الحوار ستتلاشى كلمة (لا ) نهائيا و ستصبح بيننا الثقة الكافية للتوجيه و النصح و الإرشاد . و تحقيق معادلة صعبة و إنما معادلة سليمة بين( نعم ولا )
فهنا عزيزي القارئ أود أن أقول لك ليست كل (لا) ناجحة وليست كل ( لا ) تؤدي إلى فشل العلاقات و إنما كلمة لا بالتعنت تؤدي إلى الانهيار و إن حدث ذلك فالعيب ليس فينا وليس فيك أيها الصديق . فأنت صاحب الإرادة في القبول أو الرفض لما يناسب حياتك أو لا يناسبها . و إذا تعارضت مصلحتك مع مصلحة الآخر بكلمة ( لا ) فقط فأعلم بأنك على حق وهو على باطل فهو يطمح في تحقيق رأيه ، حتى لو على حسابك أنت شخصيا . إلا إذا كانت أسبابه مقنعة وهي مصدر ثقة فيه . فإذًا نتعلم أن نقول ( نعم أو لا ) في الوقت والمكان المناسب . و نتعلّم أن نثق بالآخرين ، فنقول( نعم أو لا ) بناءًا على الثقة وليس بناءًا على التعنت و إظهار الذات .
بين ( لا و نعم ) مسافاتٍ عدة و إنما لكل مسافة توضح معنى و توضح استجابة أو رفض للهدف أو الموضوع ذاته . فكلمة لا أحيانا لسلب الحقوق أو لا أحيانا لاكتساب الحق المسفوك .
عزيزي الصديق ،
كلمة( لا ) تؤدي أحيانا إلى نتائج إيجابية أو سلبية ، ولكن إذا تعارضت كل الأمور ضد مصلحتك . أو تعرضت أن تؤدي بك إلى الهلاك و الحساب في الدنيا و الآخرة فنقول( لا ) بصوت عالي و بقوة فإنها تؤدي بك إلى النجاة .
لا للغضب و العصيان و التخلف و تحكم الرأي لسلب الحقوق و الإهانة و لأي جريمة تخالف القانون .
ونعم للمحبة و المصالحة و التضحية و اكتساب الآخر بما يناسب الخُلُق و الأخلاق والدين والتدين .
( نعم ) كلمة في موضعها و أيضا ( لا ) ، والفارق بينهما هو إدراك الحقيقة في كل موقف .و إدراك متى نقول نعم و متى نقول لا .حتى لا تكون بمثابة لا للعصيان و عدم الطاعة أولا ، لإظهار الذات أو عدم التكافؤ و التعالي بيننا و إنما تكون لإظهار الحق من الباطل فقط لا غير .
دكتور عبير حلمي تكتب….كلمة ( لا ) صعبة
