دكتور علاء رزق يكتب..أورشا وانخراط الشركاء للحد من المخاطر الحمراء (٢)
دكتور علاء رزق
رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام
تناولنا فى المقال السابق إلقاء الضوء على التحديات التي تواجه قطاع الجمارك ، وكيفيه تنميته، مع تأييد الشعار العالمى”انخراط الجمارك مع الشركاء الحاليين والجدد “وان هذا الإنخراط يستوجب على السياسة المالية المصرية أن تقوم بتحقيق الأهداف والمعايير الدولية المنوطة بها ،خاصة فيما يتعلق بالايرادات الضريبية ، حيث يجب أن تسعى كما يسعى غيرنا إلى زيادة تحصيل الضرائب، حتى نصل إلى النسبة العالمية وهى 25% على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي ، ولكن هذه النسبة لا تزيد عن 12% حالياً في مصر ، وبالتالى فالمطلوب خلال الفترة المقبلة مضاعفة الحصيلة الضريبة حتى نستطيع تحقيق سياسات مالية تكون قادرة على حماية المجتمع ،ومسانده توجهات الدوله باتخاذ حزم من الاجراءات الاجتماعيه لتخفيف الاعباء المعيشية عن المواطنين في ظل الظروف الراهنه وهو ما قام بإتخاذه الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس انطلاقاً من واجب الدولة لدعم المواطن واتخاذ حزمة من الإجراءات الإجتماعية العاجلة التي تتضمن رفع الحد الادنى للأجور بنسبه 50% وزيادة اجور العاملين بالدولة والهيئات الإقتصادية بحد أدنى يتراوح بين 1000 جنية و 1200 جنية شهريا، ما يجب أن نشير إليه أن هذه القرارات ستكلف خزانة الدولة 180 مليار جنية، وهو ما يجعلنا نؤكد على ضروره تحقيق المستهدفات العالمية للضرائب ،وهي ألا تقل عن 25% من الناتج المحلي الاجمالي،هذا لن يتحقق إلا من خلال آليات منها، جذب المستثمرين، وحماية المنتج المحلي. مع التصدي لعمليات التهريب بكافة أنواعه خاصة التجنب الضريبى المتصالح مع الفساد الاداري.ولذلك يجب ان تتركز إستراتيجية مصر في المرحلة القادمة على بناء منظومة عمل إنتاج فعالة ،تحظى بالتميز المؤسسي والكفاءة في الأداء، بما يتوافق مع أفضل المعايير ،لذلك فإن تحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة بحلول عام 2030، لن يكون إلا عبر تحقيق الركائز الأساسية واهمها ضمان الإلتزام بالمبادئ الأساسية المستندة اليها وثيقة مصر 2030 والتي تقوم على ، ضرورة الحفاظ على الإستقرار الإقتصادى الكلي، وتطوير السياسات المالية،مع السعى نحو دعم محركات النمو الاقتصادي، وضبط عجز الموازنة العامة للدولة. وضمان الإلتزام بمبادئ النزاهـة.والأهم تبني برنامج لمكافحة الفساد مقترنا بتبني النزاهة من خلال تطبيق إعلان أورشا ،والذى يتيح للدولة أن تتدخل في الحياة الإقتصادية من أجل ضمان رفاهية جميع المواطنين ومنع كلا من الإستغلال والإحتكار، وتراكم الثروة إلى حد يتعارض مع مجتمع لاطبقي .وبالتالى فإن النظام الاقتصادى المصرى مطالب فى هذه الفترة بضرورة تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة والعدالة الإجتماعية لضمان تحقيق معدل نمو إقتصادي مرتفع وحقيقي ورفع لمستوى المعيشة ،مع توفير لفرص العمل وتقليل معدلات البطالة والفقر، وهذه الأهداف تحتاج إلى نظام اقتصادي يسعى إلى تطبيق وتحقيق مبادئ إعلان أورشا، الذى يطالب بأن الحكومة يجب أن تمارس سيطرة فعالة على وسائل الإنتاج الرئيسية، وتتبع السياسات التي تسهل الطريق إلى الملكية الجماعية لموارد هذا الوطن ، كذلك التأكد من أن الحكومة تمنح فرصاً متكافئة للجميع بغض النظر عن العرق أو الدين أو الوضع.مع التأكد من قيام الحكومة بالقضاء على جميع أنواع الإستغلال،والفساد.وبالتالىفإن هذا التوجه سيساهم في مشاركة الحكومة وبشكل مباشر في التنمية الإقتصادية .لذا جاء إعلان الحكومة المصرية عن وثيقة التوجهات الإستراتيجية الاقتصادية حتى عام 2030 ولمدة ست سنوات ما هو الا تدعيم لهذا التوجة، والسعي نحو أن تقوم الحكومة بمباشرة نشاط مباشر في الدولة، لذا قامت هذه الوثيقة الإستراتيجية على ثمانية محاور، الأول يتعلق بضروره تحقيق معدل نمو إقتصادي لا يقل عن 6% سنويا أو ثلاثة امثال معدل النمو السكاني، اما المحور الثاني فيقوم على ضروره تعزيز الصادرات المصريه لتصل الى 145 مليار دولار بحلول عام 2030 وبزيادة سنوية من الآن فصاعدا قدرها 20%، كذلك السعي نحو حشد استثمارات تقدر ب 23 تريليون جنية، وبزيادة سنوية 10% حتى 2030 مع الوصول إلى 300 مليار دولار كحصيلة للنقد الأجنبي الذى لا يزيد حالياً عن 100مليار دولار ، ضمان تحقيق المحور الأول والثاني يساهم في تحقيق المحور الثالث وهو توفير فرص عمل لا تقل عن 7 مليون فرصه حتى عام 2030 وهذا المحور يستقيم تماماً مع المحور الرابع الذي ينادي بضروره وجود إقتصاد تنافسي مستدام يقوم على المعرفه والبحث العلمي وتوفير خصائص معرفية في العنصر البشري تساهم في زياده تنافسية الاقتصاد المعرفي ،اما المحور الخامس فهو ضرورة إحداث تنمية مكانية متوازنة عبر تحقيق التنمية في كافه مناطق ومحافظات الدولة والحفاظ على مكتسبات الأبعاد الاجتماعية من التعليم والصحة والحياة الكريمة التي تحققت خلال السنوات الماضية، ويبقى المحور السادس الذي ينادي بضرورة اندماج الإقتصاد المصري في الإقتصاد العالمي من خلال مجموعة من المنصات الهامة يستند عليها الإقتصاد الوطني يأتى على رأسها زياده دور وفعالية قناة السويس في حركة التجارة العالمية، مع زيادة الإعتماد على تجارة الترانزيت ،والبحث عن شركات إستراتيجية مع دول صديقة ،اما المحور السابع فيسعى إلى دعم رأس المال البشري المصري وأخيرا مشاركة الشباب والمرأة والمصريين في الخارج والذى نحتاج منهم للدعم الفنى أكثر من الدعم المالى من أجل تحقيق استراتيجيه اقتصاديه وطنية .تحقيق هذه التوجهات الإستراتيجية يعتبر أمراً لا بديل عنه في ظل المخاطر العالمية والإقليمية التي يواجهها الإقتصاد المصري حاليا ولكن نجاح الدولة المصرية في الوصول إلى مستويات مقبولة ومرضية من هذه الوثيقة يعتمد على ضرورة مواجهة المخاطر الحمراء،والقيود التي من الممكن ان تواجهها الدولة المصرية في الفترة القادمة وياتي على رأسها الزيادة السكانيه الرهيبة التي تزيد عن 2.6% سنويا وتمثل تحدي حقيقي أمام معدل النمو الاقتصادي الذي نسعى أن لا يقل عن 6% سنويا ،اما الخطر الثاني فيتمثل في الفساد الإداري خاصه في عدم وجود الكفاءات الحقيقية التي تتطلبها طبيعة المرحلة،تلك الكفاءات التي تضمن تحقيق رؤية الدولة حتى 2030 ، والوصول إلى 25% من الناتج المحلي الإجمالي كإيرادات ضريبة لا يتحقق منها الآن سوى 12% فقط والسبب الأبرز هو التجنب الضريبى المتصالح مع أذناب الفساد الإداري.اما الخطر الثالث فيتمثل في نقص حصيله النقد الاجنبي وإتساع دائره السوق السوداء خلال الفترة الماضية،خاصة بعد هجرة الإستثمارات الأجنبية وخروج اكثر من 22 مليار دولار.
ما نؤكد عليه ان الرئيس السيسي يتابع بصورة دقيقة كل ما يخص أحوال الإقتصاد والمواطن المصري، بإعتباره الأولوية القصوى، وأن كل البناء الذي يتم في الدولة لصالح تحسين أحوال المعيشة وتوفير الحياة الكريمه اللائقة التي تجعل المواطن المصري في المكانة التي يستحقها وتستحقها مصر.