آراء حرة

دكتور علاء رزق يكتب.. التجارة الخارجية واتجاهات التحدى

ينشر موقع هارموني توب إيجيبت، مقالا جديدا لـ دكتور علاء رزق، بعنوان التجارة الخارجية واتجاهات التحدي، وإلى نص المقال:

تلعب التجارة الخارجية دوراً مهماً فى تحقيق التنمية بأبعادها المختلفة فى دول العالم. كما تلعب التجارة الخارجية دوراً محورياً في التنمية الإقتصادية وذلك بتنمية الصادرات في القطاعات المختلفة وخلق فرص تصديرية حقيقية للمصدرين في الأسواق الخارجية والإرتقاء بمستوى الإنتاج المحلي لمواجهة المنافسة العالمية.وفى إطار جهود الإصلاح الاقتصادى المتواصل تبنت مصر حزمة من السياسات التجارية التى تنسجم مع السياسات الإقتصادية، من أجل تحقيق التكامل مع الإقتصاد العالمى، وتشجيع نفاذ الصادرات إلى أسواق تجاريةجديدة،رغم كل التوقعات السلبية عالمياً، حيث تشير توقعات المؤسسات العالمية بإستمرار مسارات الركود الإقتصادي الناجم عن تفاقم الأزمة الروسية الأوكرانية، وإرتفاع أسعار الفائدة، وزيادة معدلات التضخم العالمية بصورة غير مسبوقة، وبصورة لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى إشكاليات سلاسل التوريد العالمية، في ظل إستمرار سياسات البنوك المركزية على مستوى دول العالم في التشديد النقدي، ولا شك أن خروج الإقتصاد المصري من براثن هذه الأزمات يرتبط بشكل كبير بضرورة حل مشاكل هيكل التجارة الخارجية، وخفض العجز في الميزان التجاري، مع العمل على زيادة الصادرات المصرية وفق الرؤية المصرية، والوصول إلى 100 مليار دولار صادرات سلعية غير بترولية خلال السنتين القادمتين، مع تنظيم الواردات على التوازى لتقليل الفجوة التمويلية ،وهذا كله يكون عبر ضرورة تفعيل الإجراءات الداعمة لنمو القطاعات التصديرية، لا سيما وأن مصر كما نعلم لديها من الإتفاقيات التجارية الدولية ما يجعلها قادرة على ان تكون مركز تجاري متكامل في القارة الإفريقية على الاقل ،وتحديدا في المستقبل القريب ،حيث تشارك مصر فى العديد من الإتفاقيات التفضيلية التى تلعب دوراً مهماً فى سياساتها التجارية، وأهم هذه الاتفاقيات إتفاقية المشاركة مع الإتحاد الأوروبى، وإتفاقية الميركوسور، وإتفاقية التجارة الحرة العربية، والسوق المشتركة لأفريقيا الشرقية والجنوبية، وإتفاقية أغادير وغيرها من الإتفاقيات مع هذه الدوائر والتكتلات الدولية ،بهدف تعزيز التجارة الخارجية وتعزيز دورها فى مسيرة عملية التنمية. وفى سبيل تصحيح المسار يجب البحث والتوسع، على سبيل المثال في إتفاقية الكويز ،وهي الإتفاقية التي تتيح لمصر ضم دولتين إضافيتين لبنود الإتفاقية، ونرى الأفضل ترشيح كلا من ،كندا والمكسيك، لضمان الزيادة والتوسع في الأسواق العالمية، وزياده حجم التصدير لها. وعلى التوازي نجد أن عملية جذب الإستثمارات المتضررة من الأزمات العالمية، خاصة بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، وهروب الآف المستثمرين الروس والأوكران بحثاً عن ملاذ آمن، مع زيادة خيبة الأمل فى سياسة الحياد التى إلتزمت بها ،وطبقتها دولة سويسرا بعد الحرب العالمية الأولى ، وقننتها بعد الحرب العالمية الثانية، مما دفع بالعديد من المستثمرين العالميين للبحث عن ملاذ امن لإستثماراتهم، وهو ما يمثل فرصة كبرى لمصر لإجتذاب الشركات التي تتخارج من الأسواق العالمية الكبرى، خاصة في مجالات محددة قد تحقق فيها مصر ميزة نسبية عالمية، مثل صناعة الغزل والنسيج ،وصناعة البتروكيماويات ،وصناعة الاسمدة ،وغيرها من الصناعات ،

فالضرورة تقتضي الإنتقال بالصناعة المصرية من مرحلةالتقليد ،وعدم التعمق، إلى مرحلة مختلفة من الإبداع تسهم في زيادة تنافسياتها ،وقيمتها المضافة عبر دعم برنامج الصادرات ، مع ضرورة إستمرار هذا البرنامج في صرف المستحقات خلال توقيتاتها المحددة، للمساهمة في زيادة عوائد ذلك البرنامج ،ومع الإشارة إلى قرار الحكومة المصرية بخفض الفائدة على القطاعات الإنتاجية من 18% إلى 11% ، ومع إستعراض إطلاق الدولة ايضاً لمشروع قومي لإنتاج المواد الخام، ومستلزمات الإنتاج، سيسهم هذا كله في تسريع خطوات تقليل الأعباء عن القطاع التصنيعي والمساهمة في تقليل التاثير المضطرب لسلاسل التوريد العالمية، وتعثرها الذي يزداد يوماً بعد يوم مع تفاقم أزمة الطاقة وخاصة من الغاز الطبيعي ، ولكن وجود فائض إنتاجي في مصر من الغاز الطبيعي يعد بمثابة فرصة كبيرة لتعميق الإنتاج المحلي المصري في مختلف الصناعات خاصة بعد زيادة الأسعار العالمية وبصورة كبيرة جداً في صناعة الأسمدة تحديداً، وهو ما يمثل لنا فرصة كبيرة لزيادة الإنتاج والصادرات منها، عبر زيادة الطاقة الإنتاجية لها، وتأهيل جميع المصانع بها ، مع إطلاق مشروعات لإنتاج الماكينات والمعدات اللازمة في هذه الصناعة، لتقليل تكلفة الإنتاج، وزياده المزايا التصديرية. بعد أن سجلت قيمة التجارة الخارجية لمصر قفزة في التسعة أشهر الأولى من 2022، إلى مستوى تاريخي غير مسبوق، مسجلة أكثر من 52,8مليار دولار بنمو 20 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. رغم التحديات التى واجهت الصناعة المصرية ،وتداعيات جائحة كوفيد 19 وعودتها إلى تسجيل معدلات أعلى مما كانت عليه قبل الجائحة ،وتزامنت الزيادة في قيمة التجارة الخارجية، مع زيادة ملحوظة في الصادرات غير النفطية، فأرقام التجارة الخارجية الأخيرة تؤكد أن إستراتيجية التنويع الإقتصادي تسير بنجاح جنباً إلى جنب مع نمو وتوسع تجارتنا الخارجية، وهو ما يبرهن أيضا أن خطط مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من تريليون دولار بحلول 2026، والتي تمثل التجارة جزءا أصيلا منها، تسير أيضاً في الإتجاه الصحيح، فأهمية الشراكات الاقتصادية العالمية التي تبرمها مصر بما يفتح المجال أمام توسيع التجارة الخارجية. فهذه الشراكات التجارية والاقتصادية ستسهم في خلق مزيد من فرص النمو للتجارة غير النفطية ،بما يحقق مستهدفات الإصلاح الإقتصادي، ورؤية2030 الهادفة إلى زيادة التجارة الخارجية .وهو ما وجب على الحكومة من الآن فصاعدا ، ضرورة تشجيع الفكر التصديري الحديث ، وتوعية الشركات الناشئة على إتباع هذا الفكر بما يتناسب مع تكنولوجياتها المستقبلية، وإيجاد الفرصة للتعرف على الأسواق الجديدة، عبر جميع أدوات السياسة الخارجية والداخلية ، مع تعزيز البيئة التشريعية ايضاً، وبما يتسق مع تعزيز التنسيق الدائم بين كافه الجهات المعنية للتصنيع، وربط قواعد البيانات لإتاحة أكبر شراكة ممكنه بين الحكومة والمستثمرين ،وبما يتفق مع سياسة وثيقة ملكية الدولة في النشاط الإقتصادى من أجل تعظيم مساهمة مصر في النجاح في تعميق الصناعة، وجذب الإستثمارات ،وزيادة القيمة المضافة للصادرات المصرية، وتعظيم الإستفادة من البيئه التحتية لدعم تجارة الترانزيت داخل موانئ المنطقة الإقتصادية بقناةالسويس ،والتى تميزت فيها كثير من دول العالم ، والتى لا تمتلك بعض من مقومات مصر الجغرافية، واللوجستية، مع عدم إغفال جذب وتعزيز الأساليب التكنولوجية في عملية الإنتاج المصري لضمان صياغة حقيقية لمواجهة مصر لمسارات الركود الإقتصادي الناجمة عن الأزمات الإقتصادية العالمية المتلاحقة. كما ان الضرورة تتطلب التكاتف المجتمعى المدعوم من الدولة لمناقشة الأبعاد الاقتصادية لسياسات التجارة الخارجية المصرية، والسياسات الحمائية وإنعكاساتها على الأمن الغذائى، وآليات التكامل بين السياسات التجارية والمالية، وإجراءات تسهيل التجارة، وتقييم آثار الشراكات الاقتصادية على التجارة الخارجية المصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى