يؤكد الواقع أن ثمة إتساعاً بين التقديرات الحكومية، والمؤسسات العالمية،بشأن القطاع الخاص بعدما شهدت الفترة الماضية مواصلة إنكماشه ضمن مؤشر مديري المشتريات
لمجموعة ستاندرد آند بورز الأميركية. التصريحات الحكومية بشأن تمكين الكيانات الخاصة تعددت خلال السنوات الماضية، ما بين دعم القطاع الخاص بقوة عبر إصلاحات بلغ عددها 144 إجراء خلال العام الماضي، أو أن نسبة مشاركة القطاع الخاص في الإقتصاد إتسعت وسوف تصل إلى نحو 75% خلال العام المقبل.
وقد جاء تقرير المؤسسة العالمية مخالفا لذلك، حيث كشف مديرو المشتريات عن تراجعه في مصر إلى 47.4 نقطة في أبريل الماضى بعد أن كان 47.6 نقطة في مارس، وتعرضت الطلبات الجديدة لقيود بسبب ضعف الطلب وزيادة الأسعار وتقلب العملة، مع عدم تفعيل برنامج الطروحات الحكومية بصورته الكاملة.وكما هو معلوم فإن مؤشر مديري المشتريات الرئيسي هو رقم يتراوح بين صفر و100 فإذا كان أعلى من 50 يمثل توسعا بالمقارنة مع الشهر السابق، لكن إذا تمت قراءته بأقل من 50 فذلك يمثل انكماشا، والقراءة عند 50 تشير إلى عدم وجود تغيير.ومع ظهور البيانات الحكومية المتعلقة بالتضخم عن شهر أبريل الماضي، والصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إذ كشفت عن تراجعه في مصر على أساس سنوي إلى 31.8 % من 33.1% خلال مارس الماضي،لذا يدور تساؤل بشأن تأثير ذلك بالإيجاب على القطاع الخاص.ونرى أن ذلك لن يترتب عليه إرتفاع مؤشر مديري المشتريات في البلاد ،أو وصوله إلى نقطة التعادل بين الهبوط والصعود، كون ذلك يرتبط بإستمرار إنخفاض التضخم لنحو شهرين أو ثلاثة أشهر على الأقل، لتظهر فعاليته على قرارات الإستثمار لدى القطاع الخاص.ويحتاج القطاع الخاص إلى محفزات كبيرة من أجل التوسع والإنطلاق.ونرى أن القطاع الخاص في مصر يواجه عقبات تعرقله،ويبقى الأمل فى ضرورة تكاتف جهود التعاون الإقليمي والدولى بشأن تطبيق نظم المشاركة مع القطاع الخاص على النحو الذى يضمن الكفاءة والتركيز على نقاط القوة وتقديم الحلول الاستراتيجية، لتحقيق أهداف التنمية الإقتصادية الشاملة. وبالتالى فإن الهدف الأساسى الذى يجب أن نسعى إليه هو معالجة الإختلالات المالية والخارجية القائمة منذ وقت طويل، والتي تفاقمت بسبب الصدمات العالمية المتعددة. وقد تحول معها الاقتصاد نحو القطاعات غير التجارية ذات القيمة المضافة المنخفضة، مما أدى إلى ضعف أداء الصادرات والإستثمار الأجنبي المباشر. وأدى ارتفاع الدين الحكومي (الذي بلغ 95.2٪ من إجمالي الناتج المحلي في آخر التقارير في نهاية السنة المالية 2023)، وبالتالي إرتفاع مدفوعات الفائدة، إلى تقييد الإنفاق على رأس المال البشري والحماية الاجتماعية. وكان التضخم مرتفعاً بشكل تاريخي، وسجل إرتفاعاً أكبر وصل إلى 33.8٪ في عام 2023، بعدما كان 13.8٪ في عام 2022، وقد أدت الصدمات العالمية الحادة، لا سيما الأزمة الروسية الأوكرانية، وتشديد السياسة النقدية العالمية، و مؤخرا الصراع في الشرق الأوسط، إلى تفاقم هذه الإختلالات الموجودة من قبل. وبالتالى فإن الخطة الحكومية المستقبلية تدور حول فلسفة الرئيس السيسى من أن الهدف من الإقتصاد الحر والسوق الحرة منح الفرصة للجميع، وهو ما أدى إلى تراجع دور الحكومة.وهو ما سنتناوله فى المقال القادم إن شاء الله.