دكتور محمد علي الطوبجي يكتب..افتقار الجامعة العربية كمنظمة دولية اقليميةإلى الآليات الدبلوماسية والقضائية
افتقار الجامعة العربية كمنظمة دولية اقليمية أسبق في تاسيسها من الأمم المتحدة نفسها،إلى الآليات الدبلوماسية والقضائية التي تستطيع بها ادارة الازمات السياسية التي تنشب بين اعضائها،أو بين اعضائها وبعض الاطراف الخارجية، هي التي ادت وما تزال إلى تضخيم وتعقيد كل تلك الازمات وفتح الباب واسعا أمام تدويلها وادخال القوي الخارجية إلى ساحتها، وهي القوي التي تسعي دوما إلى استغلالها وتوظيفها لحسابها بدلا من البحث عن حلول وتسويات نهائية لها.. وهذه الازمات العربية تملا الافق ، وتكاد خسائرها من تدمير موارد واهلاك طاقات وافشال دول تتعذر علي الحصر…
فشلا دول الجامعة العربية على مدار ثلاثة أرباع قرن في إقامة محكمة عدل عربية تختص بالنظر في النزاعات العربية ذات الابعاد القانونية اسوة بمحكمة العدل الدولية.. وقد تعددت المحاولات وانتهت كلها الي الفشل. كما غاب عن الجامعة في ادارتها لازماتها خيار الدبلوماسية الوقائية بآلياتها وادواتها المعروفة، كآليات الانذار المبكر والاستشعار عن بعد لمقدمات الازمات ولما تبعث به تلك الازمات في مراحلها المبكرة من اشارات تحذيرية لاطرافها. ، وآلية تقصي الحقائق للتعرف علي خلفياتها واسبابها وعلي تداعياتها المحتملة وسيناريوهات التعامل معها خلال كافة مراحل تطورها من البداية الي النهاية… وغياب الدبلوماسية الوقائية من استراتيجية الجامعة العربية في إدارتها لأزماتها كان أحد اهم اسباب انتكاساتها المتلاحقة خلال عقود طويلة لم تحاول الجامعة العربية فيها أن تتعلم من أخطائها وابرزها ادارتها العشوائية والمتخبطة لازماتها، وما اكثرها…ما اتصوره هو الحاجة الملحة إلى إنشاء جهاز استشاري رفيع المستوي لدراسة الازمات العربية ورصدها المبكر، يعمل إلى جانب الأمين العام للجامعة العربيةو ويمكن أن يضم في عضويته بعض كبار الدبلوماسيين العرب السابقين من ذوي الخبرة المهنية والمكانة المتميزة، مع غيرهم من الخبراء السياسيين والاستراتيجيين المتخصصين في مجال إدارة الأزمات الدولية،. ويمكن للأمين العام للجامعة أن يحيل اليهم ملفات أزمات عربية معينة يستشعر أهميتها وخطورتها، لبحثها وتحليلها والتوصية بما يرونه مناسبا من السيناريوهات البديلة لادارتها،يمكن للامين العام للجامعة العربية احالة تلك التوصيات في حال موافقته عليها واقراره لها إلى الرؤساء العرب لاحاطتهم بها ولتكون تحت نظرهم خلال لقاءات القمة التي تجمعهم من حين لآخر، والتي تكون تلك الازمات مدرجة على جدول اعمالها.. وهذا يعني أنه بدلا من أن يذهب الامين العام إلى تلك القمم العربية الدورية وهو خالي الوفاض، فانه يحضرها وهو جاهز بالافكار والرؤي وبمشاريع الحلول وبمنظومة من السيناريوهات البديلة المدروسة والمبنية علي قاعدة صلبة وموثوق فيها من الحقائق والمعلومات ومن التحليلات الشاملة والمتعمقة لهؤلاء الخبراء المتخصصين والدبلوماسيين المحترفين…وسوف يشكل هذا التحول الجذري في اساليب ادارة الازمات العربية نقلة نوعية مهمة بدلا من الارتجال والتخبط الذي ادخل كل تلك الازمات في متاهات كبيرة وفي انفاق مظلمة يصعب علي اطرافها الخروج منها.. ولا أرى بأسا في المحاولة بفكر مختلف وبرؤية جديدة في مواجهة تحديات اقليمية ودولية لا ترحم.. واذا كان من حق بلادنا العربية علينا أن نطرح الافكار، فإن من واجب أصحاب القرار أن يعيروها بعضا من اهتمامهم.
دكتور/ محمد علي الطوبجي