دكتور محمد علي الطوبجي يكتب..الإدارة الأمريكية والصراعات الساخنة
سوف يرحل الرئيس الأمريكي جو بايدن من البيت الابيض مع مجموعته بعد عام من الأن وبعد أن تحول العالم على أيديهم إلى بؤرة متفجرة من الحروب والصراعات والأزمات الساخنة في كل مكان. في البداية تصورناه وهو ينسحب مهرولا من أفغانستان بعد فترة وجيزة من دخوله إلى البيت الابيض في مشهد مهين وغريب لن ينساه له العالم تاركا اسلحته وراءه لحركة طالبان ، أنه فعل ما لم نكن حتى لنتخيله بتأثير هزيمته، بعد عشرين عاما من حربه فيها ، لكنه جاء ليعلن أن عصر التدخلات الأمريكية
المسلحة في الدول الأخرى قد ولي وانتهى إلى غير رجعة ، وأن هذه التدخلات اثبتت افلاسها وعجزها وعدم جدواها في دفاع أمريكا عن مصالحها ، وأنه حان الوقت لكي تقوم الدبلوماسية بدورها وتغليب الحكمة والعقل بدلا من استمرار الإندفاع في مسارات دولية خاطئة وباهظة التكلفة..
وكان بايدن أكثر صراحة عندما دعا في تصريحاته التي اعقبت انسجابه من افغانستان إلى توفير كل هذه التريليونات من الدولارات التي خسرتها أمريكا في مناطق الصراع المختلفة دون أن تجني من ورائها عائدا يوازي ما انفقته عليها ودفعته فيها ..وهنا تصورنا أنه قد تعلم الدرس واستوعبه وأنه لن يكرر أخطاء من سبقوه من الرؤساء الأمريكيين.إلا أنه سرعان ما انقلبت الامور راسا علي عقب ، وتوالت التراجعات والانتكاسات عندما اندفعت إدارته من جديد إلى كافة مناطق التوترات الساخنة في العالم لتزيدها اشتعالا ..حدث ذلك في ايران وفي كوريا الشمالية وفي تايوان وفي فنزويلا وفي أوكرانيا وأخيرا في الشرق الأوسط بدعمها اللا محدود لحرب اسرائيل على غزة. وبتدخلاتها السافرة وبمواقفها المتهورة وتحيزاتها المكشوفة ، ورطت هذه الإدارة أميكا في صراعات كنا نعتقد أن ملفاتها قد اغلقت وفجرت بؤرا جديدة كان بالإمكان اخمادها واحتوائها ونزع فتيل الخطر منها ..حتى أصبحنا وللمرة الأولى منذ عدة عقود أمام احتمال تحول بعض تلك الحروب والصراعات الاقليمية المحدودة إلى حروب عالمية نووية ، أي حروب دمار شامل بكل ما تعنيه..وكأن كل ما حارب العالم من اجله لدفع هذا الخطر عنه قد ضاع وانتهى.لقد رجع بنا الرئيس الأمريكي بايدن وإدارته مرة أخرىإلى أسوأ .
فترات الحرب الباردة واكثرها عنفا وانفلاتا وتهديدا لسلم العالم وامنه واستقراره ..والأخطر في كل ما يجري هو أنها لا تحاول أن تهدأ وتراجع سياساتها وتعيد تفييمها لها لترى ما إذا كان مردودها يبرر الاستمرار فيها أم يستدعي منها العدول عنها والتحول إلى غيرها..ولا أشك في أنها بهذا النمط المستفز من السياسات والتدخلات قد فقدت الكثير من تعاطف العالم معها ، هذا إذا لم تكن قد نجحت في تكتيله ضدها وفي نفوره منها ونقمته عليها وفي تحميلها بالذنب الأكبر عن الكثير مما لحق به من مصائب وكوارث ..وهو ما بات يقنعني أكثر واكثر بأن هذه الإدارة راحلة لأن كل الشواهد تنطق ضدها لكثرة اخطائها القاتلة ولحماقاتها السياسية المستمرة وللنتائج الفاشلة التي افضت قراراتها إليها ، وهو ما سوف تحين لحظة الحساب عليه عندما يذهب الناخبون الأمريكيون إلى صناديق الاقتراع ليحجبوا عنه أصواتهم..ولن تكون صهيونيته التي يفاخر بها شفيعا له…والأيام بيننا.
دكتور / محمد علي الطوبجي