دكتور محمد علي الطوبجي يكتب..الحرب على غزة حرب إبادة عنصرية جماعية
أمام حرب إبادة عنصرية جماعية لاجتثاث شعب بأكمله من جذوره بقسوة متناهية لم يسبق لها مثيل.، وأمام عملية تدمير همجي لوطن ومعه شعبه بما لا توجد له سابقة في التاريخ المعاصر.، وأمام عجز دولي تام عن التدخل بأي صورة جادة وفعالة لوقف هذه الحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في مدنهم ومخيماتهم وتحاول بها تشريدهم وتهجيرهم وإخلاء أراضيهم منهم لتدخل قضيتهم بعدها في ذمة التاريخ ولا يعود لهم وطن يعيشون فيه.. وأمام انسداد كل سبل الحل.، وفشل كل المناشدات والجهود الدولية المبذولة لوضع حد لهذه المجازر الدموية البشعة التي حولت غزة الي أرض للموت والخراب بسبب التطرف العنصري الذي يطبع مواقف سياسات وقرارات حكومة الحرب الإسرائيلية التي يتزعمها نتنياهو ، والتي تراهن على أنها تملك أوراق انهاء القضية الفلسطينية مرة واحدة وإلى الأبد..وأنها لن تنهي هذه الحرب إلا بعد أن تكون قد حققت هدفها منها. فإن تصوري للحل، وأنا مبدئيا لست داعية حرب أو عنف.، وعدائي للحروب واضح في كل ما اكتبه ، وإنما مع السلام العادل والشامل قلبا وقالبا، وتصوري للحل هو كالآتي :
إن القرار بوقف هذه الحرب لن يأتي إلا من داخل إسرائيل نفسها، وإن ذلك لن يتحقق عمليا الا برفع تكلفة الحرب الي مستوى لا يقدر الإسرائيليون على استمرار تحمله، ولا اقصد بتكلفة الحرب أعبائها الاقتصادية وحدها على أهميتها .، وإنما أقصد بها اساسا ضريبة الدم المدفوعة فيها ، فالفواتير الاقتصادية سوف تجد في أمريكا والغرب من يسددها ويعوض اسرائيل عنها وبسخاء شديد ، اما ضريبة الدم فان من سيدفعها هم الإسرائيليون وحدهم ولن يجدوا من يسددها بالنيابة عنهم.، وسيكون نزيف الدم هو أكثر ما سوف يوجع قلوبهم ويدمي مشاعرهم كاسرائيليين.. وهي حقيقة لا خلاف عليها..ولا أدل على ذلك من انهم وضعوا دمار غزة كلها في. كفة والإفراج عن بضع عشرات من المحتجزين الاسرائيليين لدى حماس في الكفة الأخرى.. ومن ثم، فإنه لا بد من وضعهم امام واقع مختلف عما نراه حاليا بوسائل أخرى غير تلك التي يواجهونها الآن وتعجز عن ردعهم وارغامهم على وقف عدوانها على غزة والضفة الغربية.. وسائل قادرة على جعلهم يعيدون تقييمهم لجدوى استمرارهم في هذه الحرب، ولن يكون ذلك ممكنا إلا إذا استطاعت المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها المسلحة ضرب العدو الإسرائيلي في عمق مدنه ومراكز تجمعاتهم السكانية ومنشآته الاقتصادية الحيوية على غرار ما فعله وما زال يفعله في غزة، بالأسلحة القادرة على ذلك وليس بالاقتصار على الاشتباك مع مدرعاته ودباباته وآلياته وقواته كما يحدث الآن، فهذا وحده لن يكفي، وإنما لا بد من الانتقال إلى مرحلة أخرى تركز علي تهديد العمق الإسرائيلي نفسه، ولا اتصور ان الحصول على هذه النوعية من الأسلحة سوف تكون صعبة.،فالمقاومة الفلسطينية بما لها من علاقات واتصالات إقليمية ودولية واسعة لا بد أن تعرف طريقها الى ما تريده بعد أن دخلت حرب إسرائيل على غزة بالشعب الفلسطيني في كل هذه الإنفاق المظلمة والطرق المسدودة وباتت تتهدده بخطر الابادة الشاملة ، وأصبحت حرب دفاع عن وجوده وعن حقه في البقاء كشعب.. ولن يلومه احد وقتها، ففي حروب الدفاع عن الحق في البقاء تصبح كل الخيارات واردة بحسب ما تمليه طبيعة الظروف القائمة.. فهي حرب دفاعية مشروعة تجيزها كل القوانين الدولية..وليست حربا عدوانية بربرية تقوم على الاستخدام المفرط للقوة كما تفعل إسرائيل.. دون أن يكون لها أي حق فيها…فالرد على ما فعلته حماس كان يجب أن يكون مع حماس وحدها كحركة مقاومة مسلحة وتعرف كيف تدافع عن نفسها وليست مع الشعب الفلسطيني كله بما فيه أطفاله ونسائه وشيوخه وشبابه.مرة أخرى واخيرة، هذه ليست دعوة إلى توسيع دائرة الحرب في المنطقة بجر أطراف أخرى إليها فنحن ضد ذلك على طول الخط والقول بأن حربا ضد المدنيين الإسرائيلين لن تكون مقبولة دوليا هو حق يراد به باطل ومردود عليه بأن ما ارتكبته إسرائيل وما تزال ترتكبه لثلاثة شهور متواصلة من إبادة وحشية للمدنيين الفلسطينيين يشكل عارا على الإنسانية كلها والاسرائيليون تحت قيادة نتنياهو هم آخر من يحق لهم الحديث عن حق المدنيين في الحماية في زمن الحرب ، لكن دعوتي هي لتصعيد مستوى الرد الفلسطيني على جرائم الاحتلال الإسرائيلي باستخدام اللغة التي يفهمها ويحترمها.وهي أن يكون الرد على ضرب المدنيين في غزة بضرب المدنيين في مدنه.حتى إذا أوقف الاحتلال عدوانه وجرائمه، كان للمقاومة الفلسطينية آنذاك موقف آخر عملا بنظرية ان لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه….وهذا هو الطريق لوضع نهاية قريبة لكارثة هذه الحرب التي وضعت المنطقة كلها فوق فوهة بركان دون سبب كان يستدعي ذلك.. …
دكتور محمد علي الطوبجي