دكتور محمد علي الطوبجي يكتب.. تحركات دبلوماسية خليجية تتصدر إهتمام العالم العربي والدولي
تصدرت تحركات الدبلوماسية الخليجية امس اهتمامات الإعلام العربي والدولي بحدثين كبيرين، وذلك لما يمكن أن يكون لهما من ابعاد ونتائج مهمة حاضرا ومستقبلا..
أما الحدث الأول منهما ، فهو اللقاء الذي جمع بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ووزير خارجية إيران حسين امير عبد اللهيان في الرياض ، وما اتسم به هذا اللقاء بين المسئولين الكبيرين في الدولتين من أجواء ودية وايجابية غير مسبوقة ، وما اعقبه من تصريحات متفائلة حول ما يمكن أن يكون للمرحلة الجديدة من العلاقات السعودية الايرانية من تاثير ايجابي على اوضاع اأمن الاقليمي في المنطقة ، وعلى العديد من الملفات الاقليمية العالقة ، وبخاصة الملف اليمني ، وهو ما توقعناه مع غيرنا من المحللين بعد ان تاكد للط فين ان التعاون المشترك وليس الصراع أو الحروب بالوكالة هي الطريق الأضمن والأسرع نحو تنقية الاجواء وتهدئة التوترات والدفع بمسيرة علاقاتهما المتبادلة في الاتجاه الصحيح. اذن، فإن الدوافع المحركة لهذا التقارب السعودي الايراني مفهومة واهدافها واضحة ، ولا تحتمل تأويلها أو الاجتهاد في تخمينها ، فهو تقارب املته الظروف ، ويجد كل من الطرفين السعودي والايراني مصلحة أكيدة له في تنميته وتطويره وفي الحفاظ عليه…
أما الحدث الثاني ، فهو الزيارة التي قام بها رئيس دولة الامارات العربية محمد بن زايد إلى اثيوبيا ، وكان استقباله الحافل فيها بكل هذا الزخم من المشاعر الودية المتبادلة بينه وبين رئيس وزراء اثيوبيا آبي احمد منذ لحظة وصوله إلى مطار اديس ابابا الدولي ، هو أبرز ما يلفت الانتباه لأنه خرج من إطار المراسم البروتوكولية الشكلية المعتادة في استقبال روساء الدول لتكون له دلالاته التي لا تخطئها العين في التعبير عن مدي عمق واهمية العلاقات الاماراتية الاثيوبية في المرحلة الراهنة.. ومن المؤشرات الدالة على ما وصل اليه هذا التطور في علاقاتهما المتبادلة، حضور محمد بن زايد إلى اثيوبيا وفي جعبته سبع عشرة اتفاقية جاهزة للتوقيع عليها مع الطرف الاثيوبي في مجالات المال والاعمال والاستثمار وفي غير ذلك من المجالات الحيوية التي تعني مصالحهما المشتركة.. وهذا مؤشر مهم آخر على ارتفاع مستوي هذه العلاقات بين الدولتين ولمدي حرصهما على استمرار تعزيزها وتطويرها.. …
وهذه الزيارة من قبل رئيس دولة الامارات العربية في مثل توقيتها الذي تمت فيه ، وبطبيعة الظروف الاقليمية المصاحبة لها، وفي خضم أ مة الحرب السودانية ، تثير العديد من التساؤلات حول دوافعها واهدافها الحقيقية ، وعن السبب وراء اخراجها اعلاميا بهذه الصورة التي تعزز الانطباع بان علاقات الامارات باثيوبيا ارتقت من مستوى علاقات الصداقة العادية بمفهومها وضمن حدودها المتعارف عليها ، الي مستوي الشراكة الاستراتيجية المتميزة في كافة جوانبها السياسية والاستراتيجية والأمنية والاقتصادية ، وبكل ما يعنيه هذا المستوي من العلاقات بينهما من تخطيط وتنسيق وتفاهم وتشاور على أعلى المستويات القيادية المسئولة فيهما ، الخ.. هذا عن مفهوم العلاقات الاستراتيجية بين الدول بشكل عام…
لكن التساؤل الأكبر والأهم من هذه العلاقات الثنائية بين الإمارات واثيوبيا ، هو ماذا يريد بن زايد من تحركاته في إفريقيا ، وفي هذه المنطقة منها بالذات ؟ وماذا فيها يستحوذ علي اهتمامه الي هذا الحد رغم انها ليست حاسمة في تاثيرا على أمن واستقرار دولة الامارات كدولة خليجية بعيدة عنها ؟ ولماذا يستثمر فيها اكثر من غيرها بامواله ورجال اعماله وبكل هذه المليارات التي كان يمكن ان تتجه إلى دول ومناطق اخري غيرها ؟ ولماذا يضعها في مقدمة اهتماماته وبما لم تفعله اي دولة خليجية او عربية اخرى ؟ ولماذا يرسل شحناته من السلاح الي اطراف معينة في النزاعات المسلحة التي تدور في هذه المنطقة الافريقية كما تردد اخيرا علي لسان مندوب السودان الدائم في مجلس الامن الدولي وهو يشرح للمجلس أزمة الحرب الداخلية في بلاده وما تؤثر به التدخلات الخارجية فيها ؟ واخيرا، هل تملك الإمارات طموح الدول الكبري حتي تحاول التمدد والانتشار بالنفوذ والمصالح والادوار في كل هذه الاتجاهات معا وفي نفس الوقت ؟
دكتور محمد علي الطوبجي