دكتور محمد علي الطوبجي يكتب..غزة المنكوبة
غزة منكوبة ومدمرة بصورة وحشية تجعلها مدينة غير قابلة للحياة وسوف تظل كذلك لسنوات طويلة قادمة.. وما فعله الصهاينة فيها وبشعبها الأعزل المسالم هو الهولوكوست الحقيقي الذي يجب على العالم كله أن يتحمل المسئولية عنه لأنه سكت وتخاذل وأدار ظهره لما يحدث في غزة من جرائم انتهاكات وقت أن كان مطلوب منه أن يتصدي لهؤلاء التتار الجدد في تل أبيب ليوقفهم ويعاقبهم على جرائمهم ضد الإنسانية على غرار ما فعله مع النازيين في محاكمات نورمبرج المعروفة. قد تطول المقاومة الفلسطينية المسلحة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وقد تستمر شهورا أخرى، وهو امر متوقع،. لكنها لن تخرج القوات الإسرائيلية من غزة، وهي التي يعكفون الآن على تخطيط مستقبلها بسيناريوهاتهم الاستمارة الوقاحة مع شركائهم الأمريكيين ممن يدعمونهم بكل الطرق المعروفة وغير المعروفة يعلنون غير ما يخططون له معهم في الخفاء..وسوف يبقى اهل غزة المحاصرون في مدينتهم المدمرة داخل خيامهم في اسو( ظروف حياتية يمكننا تصورها على سطح الأرض، واقعين بين المطرقة والسندان، ونعني بين جبروت الاحتلال العسكري أراضيهم.، وضغوط حصار خانق وقاتل لا يحتمل.. بيوتهم مدمرة ولا أمل في عودتهم إليها بعد انتهاإ الحرب لا لسبب الا لأنها لم تعد موجودة وصارت انقاضا واطلالا.. وهناك مليونان من سكان غزة تحولوا بحسب تقارير الاون وا الي نازحين مشردين داخليا، وسوف يطول أمد نزوحهم وتشردهم مع وقوف الدول العربية ضد تهجيرهم من غزة حتى تبقى قضيتهم حية وعلى أجندة اهتمامات العالم، وعليهم بالتالي ان يتحملوا هذا الوضع اللا إنساني مهما كانت فظاعته او فداحة اعبائه وتكاليفه.. ورغم اننا امام نكبة عربية مكتملة الاركان وجريمة ضد الإنسانية تنطق بفظاعة ما جري، فان الأطراف العربية لم تخرج حتى الآن باي خطط او استراتيجيات عمل أو حتى برؤية سياسية عربية واقعية متوافق عليها تطرحها على العالم وتتحرك من أجل تسويها والدفاع عنها تبرز فيها تصورها لطبيعة المرحلة المقبلة بعد أن تتوقف الحرب على غزة، رؤية عربية تضع النقاط على الحروف حول ما يمكنها قبوله والسماح به، او معارضه والوقوف ضده مهما كلف الأمر او ترتب عليه.. رؤية مدروسة وواضحة ومحددة المعالم والمحاور والأهداف بعيدا عن حل الدولتين الفاشل الذي انتهى عمليا بالحرب الإسرائيلية على غزة… وهنا اقول ان موقع الطرف العربي من هذا كله يجب أن يتغير من دور الوسيط المحايد بين الفلسطينيين والاسرائيليين، كما هو حاصل الآن.، الي دور الخصم العنيد والقوي الي ان تجد المشكلة الفلسطينية طريقها الي التسوية النهائية العادلة والشاملة… كما يجب علي الأطراف العربية أيضا ان تكون لها مواقفها وردود فعلها المعلنة بدلا من أن تظل بانتظار ما تتفضل به الادارات الأمريكية علينا وإن كان أقل القليل.واضيف ان ترك مواجهة تحديات المرحلة القادمة لأهل غزة وحدهم بعد كل ما جري لهم سوف يكون ظلما كبيرا لهم ونتائجها محسومة سلفا.. فهذا موقف يفرض على الطرف العربي كله ان يكون أكثر الحاضرين في المشهد القادم ولأن ضياع غزة لا قدر الله سوف يكون خسارة قومية واستراتيجية كبيرة قد لا نكون مقدرين لقيمتها واهميتها على حقيقتها الآن..
دكتور/ محمد علي الطوبجي