هل من المعقول أن يظل لبنان بلا رئيس للدولة لأكثر من عام ونصف العام الآن.؟ وهل هناك دولة غير لبنان يمكنها ان تتحمل هذا الفراغ الرئاسي الطويل الذي أصبح لازمة مزمنة ومستعصية على الحل من لوازم الحياة السياسية اللبنانية، وفي بلد يعج بالقيادات والخبرات والكفاءات السياسية ؟.
وهل من المعقول أن يبقى لبنان تديره حكومة تصريف اعمال تحولت بفعل ازمته السياسية المستحكمة من حكومة تصريف أعمال مؤقتة إلى حكومة دائمة وتتحمل من الأعباء والمسئوليات ما ينوء به كاهلها في غياب دور المؤسستين الرئاسية والتشريعية وفي مثل الظروف الاقتصادية المتردبة والمنهارة التي يمر بها لبنان ؟
وهل من المعقول أو المقبول أن يفشل البرلمان اللبناني طيلة عامين كاملين، أي منذ ان جرت الانتخابات البرلمانية الاخيرة، في اخراج لبنان من النفق السياسي المظلم الذي دخل فيه، بفعل المكايدات والمناورات والسلوكيات التي تتسم بالرعونة وانعدام الشعور بالمسئولية تجاه الشعب الذي اتي بهم الي مقاعدهم علي النحو الذي تابعناه في جلساتهم التشاورية والتصويتية التي فشلت كلها بتحايلاتهم والاعيبهم الساذجة بالاوراق البضاء التي كانوا يخرجون بها علي شعبهم في كل مرة ليبطلوا بها اصواتهم ويفشلوا بها جلساتهم ولتنتهي عملية تصويت البرلمان علي اختيار رئيس جديد للبنان، اسوأ مما بدات ، رئيس يعيد إلى مؤسسات الحكم اللبنانية استقرارها واحترام العالم لها وليبدأ لبنان معه مرحلة جديدة من مراحل تاريخه في ظل ظروف داخلية وعربية واقليمية ودولية مليئة بالاخطار والتحديات والتهديدات.؟
وأليس من نهاية في الأمد المنظور لانعتاق لبنان من الشرنقة الطائفية المقيتة التي خنقته وضيعته واهدرت طاقاته وحيويته في صراعات كان مردودها دائما وبالا عليه وجلبت له من المشاكل والازمات وسوء الاحوال ما جعل منه حالة متفردة بحد ذاتها.؟ واين في غير لبنان توجد كل هذه الطوائف والمذاهب والملل من سنة وشيعة ودروز وعلويين ونصيريين ومارونيين ومن روم وارمن وسريانيين وكلدانيين ومن كاثوليك وارثوذكس وبروتستانت، وغيرهم هذا إلى جانب المناطقية ونفوذ كبار الاسر والعائلات باسمائها المعروفة وكأنها تعيش في زمن آخر لا تريد أن تخرج منه لتعيش واقع لبنان في هذه الحقبة من الزمن بكل ظروفها وتحدياتها ومشكلاتها ؟
لا أفهم كيف يمكن للطائفية اللعينة التي هي سبب خراب ودمار وضياع الأوطان في كل زمان ومكان ان تتمكن من مجتمع غاية في الرقي الاجتماعي والحضاري والثقافي كلبنان، وتظل تخنقه وتسمم له حياته وتلوث له علاقاته وتخرب له وحدة نسيجه الاجتماعي وتسد كل طرق التقدم أمامه ؟. وإلا يجيئ يوم قريب علي لبنان واللبنانيين يثورون فيه علي واقعهم ويتحرروا فيه من طائفيتهم التي فرقتهم وقسمتهم، ويلقوا بها وراء ظهورهم، ويلعنوها، ويتذكروا ان لهم وطن كبير يجمعهم ويحتضنهم اسمه لبنان.. لبنان الذي يجب ان يكون له كل الحب والولاء والانتماء من الجميع وبلا استثناء