آراء حرة

دكتور محمد علي الطوبجي يكتب..مشروع الرصيف البحري أو الميناء الصناعي

مشروع الرصيف البحري أو الميناء الصناعي المؤقت الذي تنوي أمريكا بناءه خلال شهرين قرب سواحل غزة للتحايل به على اغلاق اسرائيل للمعابر التي يمكن أن تدخل من خلالها المساعدات الغذائية والاغاثية إلى هذه المدينة المنكوبة والمدمرة بصورة كاملة، واضطلاعه بجانب من هذا الدور وعدم اعتراض اسرائيل عليه، هو مشروع تحيط بدوافعه واهدافه وتوقيته ظلال كثيفة من الريب والشكوك، لأنه ياتي اولا من قبل إدارة امريكية صهيونية متواطئة منذ اليوم الاول لهذه الحرب البربرية من حروب الابادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري مع دولة الارهاب العنصري الاولي في العالم وهي اسرائيل، بل كانت هي الدولة الوحيدة التي صوتت في مجلس الامن الدولي ضد مشروع القرار الذي كان يدعو الي وقف هذه الحرب لأسباب إنسانية ولو في شكل هدنة مؤقتة تسمح بادخال مساعدات انسانية لسكان غزة.. اي انها برفضها وقف الحرب كانت مع مزيد من القتل والتدمير والابادة الشاملة للفلسطينيين في خرق فاضح لكل مواثيق حقوق الانسان ولقواعد القانون الدولي الانساني بل وفي تحد صارخ للمجتمع الدولي كله.. فما الذي يدعوها اليوم الي تقديم. مساعدات انسانية للفلسطينيين عبر هذا الميناء الصناعي المزعوم الا اذا كانت سوف تستخدمه لأهداف أخرى سوف تكشف عن نفسها تدريجيا خلال الاسابيع القليلة المقبلة ؟

  وهذا المشروع المريب يدعوني للتساؤل : ما الذي كان يدعو ادارة بايدن الي بناء هذا الميناء الصناعي المؤقت وقد كان بامكانها ان تجبر اسرائيل علي فتح معابر غزة لادخال تلك المساعدات الانسانية اليها واهلها يتضورون جوعا ويعانون من مجاعة حقيقية لا مثيل لفظاعتها ووحشيتها في اي مكان في العالم؟ لماذا لم تتحرك بهذا المشروع الا الآن وقد وصل الياس بشعب غزة من سوء اوضاعه منتهاه.؟. ثم ما هي مصلحة اسرائيل وحكومتها العنصرية الفاشية في ادخال هذه المساعدات الانسانية الي غزة وهي التي بامكانها ان تفتح معابرها لتوفر علي شريكها الامريكي في المؤامرة ما سوف يتكلفه في مشروعه.؟. اليست هذه تساؤلات تتطلب منا البحث لها عن اجابات مقنعة. ؟

  ما يحدث هو كله خداع في خداع، وهم يفترضون فينا الغفلة والسذاجة والغباء ولا ننظر ابعد من تحت اقدامنا، ولا نحاول ان نحلل دوافعهم من كل هذا الذي يتآمرون به علينا. واعتقادي هو ان هدفهم لم يتغير ولن يتغير، فهدفهم الاستراتيجي الاول من حرب الابادة الجماعية الشاملة علي غرة، هو ارغام شعبها علي النزوح الجماعي منها الي غير رجعة ََولا يهم ان تقبلهم دول الجوار او ترفضهم، فالحلول جاهزة لتشتيتهم وتفريفهم وتذويبهم في مجتمعات خارجية سوف تتكفل بالمهمة، وهذا هو ما يجري تنفيذه بكل الوسائل المباشرة وغير المباشرة علي قدم وساق بمساعدة ودعم الادارة الامريكية الحالية حتي وان تظاهرت بانها ليست مع التهجير القسري للفلسطينيين خارج اراضيهم..

 

   ليس هناك ما يدعونا للتفاؤل بأننا نقترب من حل يضع حدا أو نهاية لهذه النكبة الانسانية.. فالمرشحان للرئاسة الامريكية التي باتت علي الابواب يزايدان بعضهما علي التطرف في التعبير عن صهيونيتهما، وسوف يسابقان بعضهما في تقديم فروض الطاعة والولاء لاسرائيل ، وسوف يقدمان لها فوق ما تحلم به من المساعدات والتنازلات والتسهيلات.. وسوف يتركونا غارقين في اوهامنا حول حل الدولتين والدولة الفلسطينية المستقلة علي حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية الي آخر هذه المعزوفة التي لا وجود لها الا في خيالنا وحدنا.. اتمني ان نكون واقعيين مع انفسنا لنعرف طريقنا الي ما نريد.. لأن للزمن ضريبته وعواقبه.. هذا لمن يقدر معني الزمن وقيمة الوقت….

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى