من المؤسف بل ومن المخجل أن تكون ردود فعل دول أمريكا اللاتينية التي تعيش في النصف الآخر من العالم،. مما يحدث في غزة اكثر جراة وإنسانية وأكثر احساسا بفظاعة ما ترتكبه اسرائيل من مجازر بشرية وجرائم إبادة جماعية ومن انتهاكات صارخة لقواعد القانون الدولي الانساني ، من ردود الفعل المتخاذلة والباردة للكثير من الدول العربية والاسلامية التي انتهجت إيثارا للسلامة سياسة لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم، وكأنها تعيش في كوكب آخر لا علاقة له بما يجري على أيدي التتار الجدد في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولنقارن بين مواقف ومواقف لنعرف إلى أين وصل بنا الحال كدول عربية وإسلامية ازاء ما يجري في منطقتنا من أحداث وتطورات مخيفة لا أشك في انها هي الاخطر في تاريخها منذ عقود طويلة.. فمنذ أعلنت اسرائيل حربها الوحشية على غزة وردود فعل دول أمريكا اللاتينية تتوالي وتتلاحق ، كانت بوليفيا هي اسبقهم إلى قطع علاقتها الدبلوماسية مع اسرائيل في نوفمبر الماضي واقترن ذلك بإدانة الرئيس البوليفي لويس آرسي لجرائم الحرب الاسرائيلية باشد العبارات، وتلتها تشيلي التي قررت سحب سفيرها من تل ابيب وأعلن رئيسها جابرييل بوريك إدانته الشديدة لجرائم اسرائيل في غزة وطالبها باعادة الأراضي الفلسطينية التي احتلتها بشكل غير قانوني لأصحابها الفلسطينيين.، وتزامن ذلك مع سحب هندوراس هي الأخرى لسفيرها من إسرائيل.. وكان الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا هو الاعنف من بين كل رؤساء دول أمريكا اللاتينية في تنديده بجرائم اسرائيل ضد الانسانية والتي وصفها بالمحرقة أو بالهولوكوست الحقيقي وقال إذا لم تكن هذه الابادة الجماعية هي الهولوكوست، فما هو اذن؟ وهو ما اثار جنونهم في تل ابيب إلى حد اعلانهم أن الرئيس البرازيلي دا سيلفا لم يعد شخصا مرغوبا فيه وكان رده عليه هو باستدعاء سفيره من اسرائيل وبلغ التلاسن بين الطرفين حدا بعيدا من الحدة غير المسبوقة في تاربخ العلاقة بين اسرائيل والبرازيل.. واما فنزويلا فقد شن وزير خارجيتها ايفان جيل هجوما ضاريا على ما تفعله اسرائيل في غزة خلال اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة عدم الانحياز في أوغندا.. وما قاله ينبغي أن يسجل بأحرف من نور، وأتهم الولايات المتحدة بأنها هي من تشجع هذه البلطجة الاسرائيلية وازدرائها للقانون الدولي وهي التي تحميها من العقاب وطالب بضرورة تحقيق العدالة وتعويض الفلسطينيين عن جرائم اسرائيل بحقهم، وقال أن سكان غزة يعيشون جحيما وأوضاعا إنسانية لا تحتمل.. وكان آخر ما صدر عن دول امريكا اللتينية من ردود أفعال هو انذار رئيس كولومبيا جوستافو بترو لاسرائيل بأنها إذا لم تلتزم بقرار مجلس الامن الدولي بالوقف الفوري لإطلاق النار في غرة، فان كولومبيا سوف تقطع علاقاتها الدبلوماسية معها.. وكان رد الحكومة الاسرائيلية علي إنذاره لها بالغ الوقاحة على نحو ما اعتاده العالم منها..أين كل ذلك من ردود الفعل العربية والاسلامية؟. فالدول العربية التي ظلت منذ نكبة ١٩٤٨ تردد دون كلل أن القضية الفلسطينية هي شاغلها الأهم وأنها هي قضيتها المركزية الأولى، ولم يخل قرار صادر من اي قمة عربية من التاكيد على هذا المعني، الا انه عندما حانت لحظة الاختبار الحقيقي لمواقفها ولما يجب أن تكون عليه قراراتها من حرب الابادة الجماعية الاسرائيلية علي غزة ، ثبت أنه لا مكان لهذه القضية على اجنداتها معتبرة ان المجتمع الدولي هو من يتحمل المسئولية عنها، وآثرت الابتعاد والصمت.. تاوكة الحبل على الغارب للاسرائيليين يفعلون في غزة ما لم يفعلوه منذ نكبة ٤٨…ولم تكن مواقف الدول الاسلامية، وبالاخص مواقف الأربعة الكبار منهم وهم تركيا وأيران واندونيسيا وباكستان، لتختلف كثيرا عنهم، فقد جاءت كلها سلبية وباهتة ودون مستوي ما كان متوقعا منها هي الأخرى بكثير.. وحتى ما اسموه بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني الذي جعلوا منه اسطورة،والذي طالما هدد علي لسان قادته بمحو اسرائيل من على وجه الارض ، انزوي وصمت علي غير عادته ..واكتفت ايران الدولة بالانضمام إلى الداعين لوقف اطلاق النار وادخال المساعدات الانسانية إلى غزة ولم تختلف في مواقفها عن غيرها ممن فضلوا ان يبقوا في مقاعد المتفرجين إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.. وكفي الله المؤمنين شر القتال…