فِي ظَلَامٍ اللَّيْلِ
حَيْث كَانَ الْقَمَرَ يَتَوَسَّط كَبِد السَّمَاءِ
تحوطه النُّجُوم الصَّغِيرَة
تَحْرُسُه مِن طارقات اللَّيَالِي
كُنْت أَمْشِي
كُنْت أَمْشِي إلَى حَيْثُ لَا أَدْرِي
كُنْت أَمْشِي
وَلَم أَشْعُرْ بقطرات الْمَطَر الْمُنْحَدِرَة مِن السَّمَاءِ ،
وَقَدْ تَجَمّعَتْ عَلَى الْأَرْضِ
وشكلت بَحْرًا مَنْ الْمَاءِ
تَحْتَ قَدَمَاي الحافيتين .
وَاصَلَت رِحْلَتَي إلَى حَيْثُ لَا أَدْرِي ،
فَأَخَذْت الرِّيَاح تَتَلاطَم فِي وَجْهِي
وَأَنَا أَمْشِي .
وفجأة ..
تَوَقَّفَت رَحِمَه السَّمَاء بَعْدَ مُرُورِ اثْنَا عَشَرَ عَامًا ..مِن بِدَايَةِ رِحْلَتَي الطَّوِيلَة وَالشَّاقَّة فِي جَنَبَاتِ وَادِي الضَّيَاع …
عِنْدَهَا ..
تَلاَشَى النُّور مِنْ حَوْلِي ..
ضِمْنِيٌّ ظَلَام مُخِيف ..
أَثْلَجَت الدُّنْيَا ..
رَقْصٌ الْخَوْف فِي قَلْبِي ..
بَحَثْت مَرْعُوبًا وَجِلًا عَن نُورِ الشَّمْسِ
طامعاً بِالدِّفْء وَالِاسْتِقْرَار
لَكِن هَيْهَات هَيْهَاتَ ،
فطريقي وَعْر طَوِيلٌ ،
وَالْوُحُوش مِن حَوْلِي تتراقص طَرَبًا
وَأَنَا وَحِيدٌ .. وحيد
قابِع بِبَطْن وادٍ مُخِيف ،
لَا أَمْلِكُ سِوَى سلاحاً قَد عَفَى عَنْه الزَّمَن كنزته برحلتي الطَّوِيلَة ،
اسْتَنَدَت عَلَى جِسْمٍ ظَنَنْته صَخْرَة
وأطرقت مُفَكِّرًا فِي طَرِيقِ لِلْخُرُوج
مِنْ هَذَا الْوَادِي .
وادي الضياع
وفجأة ..
لَاح لِي مِنْ بَعِيدٍ ..
بريقاً حَسِبْتُه نُور ..
صَرَخَت بِجُنُون .. صَرَخَات أَمَل
مَلَأَت جَنَبَات ذَلِك الْوَادِي الْفَسِيح ،
وَرَدَّد صَدَاهَا كُلّ شِبْر فِيه .
اُنْتُزِعَت خَوْفِي ،
ولملمت جِرَاحِيٌّ وَأُمْلِي ،
وهرعت إلَى هُنَاكَ ،
نَحْو شُعَاع الضَّوْء ،
لَأَجِدُه ضوءاً ضئيلاً
يَخْرُجُ مِنْ شَمْعِهِ شَارَفْت عَلَى الرَّحِيلِ
وَمَن حَوْلَهَا
أُنَاسٌ مِثْلِي فَقَدُوا أَمَل التَّحَرُّر
أَمَل الْخُرُوج مِنْ بَطْنِ هَذَا الْوَادِي الْمُخِيف
زر الذهاب إلى الأعلى