غربة المكان وغربة الزمان ؛ غربة داخل النفس بدون سبب أو عنوان. غريب وأنت وسط الأهل والأحباب . الغربة لها أسباب وبدون أسباب تتحول لحالة اكتئاب وانطواء ولا تعبر للأسف بسلام ،
أنواع الغربة كثيرة ومتعددة،
الغربة عندما تكون في مكان غريب عنك لا تعرف فيه أحد. مثل سفرك لبلد بعيد وتحيا فترة طويلة بدون شريك أو صديق أو ونيس يؤنس وحدتك ويجعلك لا تشعر بتلك الغربة ومع مرور الأيام تتكون العلاقات والصداقات والغريب يصبح له دار وعنوان وجنسية أهل البلد كمان، ولا يعتبر في غربة بعد الآن .
ومع ذلك في كثير من الأحيان يعلن الغربة مرة ثانية ويتساءل متى نعود من وحدتنا ويتجمع شمل الأحباب ؟
وهنا تبدو الغربة ليست بالمكان ولا الزمان ؟! . الغربة هنا فرقة الأحباب ، و بلقائهم تهون الغربة ويسكن القلب قبل الدار أهله و سكانه من زمان وتتلاشى الغربة حتى لو كان المكان هو المكان .
وتعتبر الغربة هنا غربة وغياب النفس عن نفسها وبرجوع الأحباب تعود النفس لروحها من جديد ،ولكن هناك نوع من الغربة بدون تغيير المكان وبدون سفر و إنما غربة غريبة من نوعها رغم وجود كل الأهل والأصدقاء والأحباب ،
والسؤال هنا كيف تكون غربة ؟
تكون غربة باختلاف الفكر عن الأفكار بإختلاف الطبع عن الطباع ؛ باختلاف الروح عن الأرواح المشاركة معها الحياة،تصبح هنا الغربة مرة ومرارتها أصعب من الهجرة نفسها.الهجرة تلد غربة مؤقتة بالتعايش والانسجام والمودة تهون الغربة بالصداقات وأحيانا بالحب تتلاشى الغربة نهائيًا،
ولكن عندما يتوافر كل ذلك من حولك ولا تغير في مكان ولا زمان ولا عنوان ،ولا هجرة يمين ولا شمال ، وإنما هناك غربة داخلية تعيسة تولد مع الفرقة ومع الاختلاف ،تولد مع التباعد بالفكر والقلب والمشاعر ،تولد مع وجود العالم الافتراضي الجديد . عالم النت والتواصل الاجتماعي برغم ما يسمى التواصل الاجتماعي وبرغم أنه يكون حل لكثير من النفوس التي تشعر بغربة حقيقية بتواجد أصدقاء لها تشاركها الحياة وهنا احتمال يكون هؤلاء الأصدقاء نعلم منْ هم بالفعل . وأحيانا لا نعرفهم أصلاً ونعرف فقط ما يود هؤلاء تصديره لنا من معلومات سواء صادقة أم كاذبة وهناك الكثير والكثير من المشاكل بالاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل لحل مشاكل غربة النفوس داخل البيوت،
فكلٌ منا في عالمه ولا يعرف الأخ شيئًا عن أخيه ولا يعرف الأب شيئًا عن أسرته وهكذا كل إنسان في غربته يصبح باحثًا داخل عالمه الافتراضي عن ونس له يخفف وطئة وحمل غربته ،ويقال بالحقيقة نحن في أرض الغربة. لما نجده من عدم وفاق وانسجام طبائع بشرية مختلفة ليست بالعقائد المختلفة ، ولا اللغات المختلفة وإنما بالفكر المختلف ،وأحياناً يصل إلي الفكر المتطرف إذا وقع فريسة داخل العالم الافتراضي إلي من يسيطر عليه ويوجهه وهو مسلوب الإرادة باحثًا في غربته عن حل لذلك الخلل ومن وجة نظره أنه أصبح الآن من يدير أمر الكون، ومنْ يصحح الأخطاء حتى ولو بالدم . احترس من غربة النفوس، وابحث داخل بيتك عن كل نفس وما بها وما عليها ،
ابحث عن النفوس المتغربة داخل المكان وهى بنفس المكان و الزمان ،نفوس محبوسة مريضة مسجونة تطلب الفرار من أهل الدار . وتحيا الغربة بداخل والخارج للأسف ولا تجد الأمان ،امنح كل من حولك الحب و الاهتمام .
توافق مع الآخرين وتقارب بالفكر والمضمون ، تنازل مرة من أجل هدف اسمى هو إحياء نفوس الغربة المتوحشة كي لا تلتهم من أسود زائرة تنتظر الالتهام ،
غربة النفس أصعب من غربة المكان.