آراء حرةلايف استيلمانشيتاتمنوعات

رامبو في بلاد العرب ..!!

■■■ لماذا نقع في نفس الفخ عشرات المرات ؟!

محمد قريش – يكتب من : مصر القاهرة 

■ عندما سئل المخرج الأمريكي الشهير “ستيفن سبلبيرج ” صاحب ” أي تي ” و ” أنديانا جونز ” و ” لقاءات قريبة من النوع الثالث ” و ” حديقة الديناصورات ” عن ما يكره في مجال العمل السينمائي ، أجاب ” محدودية الخيال ” ، والدكتور نبيل فاروق حين سئل من القراء عن سبب زواج ” أدهم صبري ” الصادم من ” سونيا جراهام ” في المكسيك ضمن سلسلة روايات ” رجل المستحيل ” ، قال أن النمطية قد تُفقد القراء الشغف بالأحداث كلها ، والناقد الفني الراحل سامي السلاموني كاد يُجن في مقالاته من نجاح سلسلة أفلام ” روكي ” و ” رامبو ” ، قائلاً هذا فيلم واحد يٌكرر عشرات المرات ، هذا فيلم مستهلك شُوهد من قبل
■ للأسف في عالم السياسة اليوم ، كلام الشهير “ستيفن سبلبيرج ” وكلام الغالي ” نبيل فاروق ” غير صحيح ، وكلام سامي السلاموني هو الأدق ، لا خيال ولا خروج عن النمطية ، بل نعيش أحداث سيناريو واحد مكرر كأفلام رامبو منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى اليوم ، كما سنبرهن في السطور التالية
■ محمد على باشا يضع أسس مصر الحديثة بوثبات غير طبيعية وغير مسبوقة ، ” هذا رجل خطير … وما يحدث مثير للقلق ” ، هذا ما دار في عقول الساسة في لندن وباريس ، وكان رد الفعل دعم الحركة الوهابية في أرض الحجاز ، ولأول مرة منذ عصر القرامطة ، يتم منع الحجيج المسلمين من زيارة بيت الله الحرام ، بل ويتم إراقة دمائهم ، وتتحول مكة إلى نهر من الدم الطاهر ، فيتدخل الجيش المصري ويلقن الوهابيين – الذي جعلوا البداوة والغلظة من أصول الدين -درساً قاسياً ، وتسعد الكعبة الشريفة من جديد بزوارها من العاشقين ، و تبدأ العداوة بين جيش مصر و بدو الوهابية الصحراوية ، وكانت البروفة الأولى لسيناريو فيلم إستخدام كارت الدين مخابراتياً في المنطقة في التاريخ المعاصر
■ الخديوي إسماعيل يحلم بمصر جديدة شابة حسناء متطورة ، ” هذا لا يمكن السماح به على الإطلاق ” ، هذا ما دار من جديد في عقول الأبالسة في لندن و باريس ، وهنا يأتي دور العميل الداهية جمال الدين الأفغاني بجماعة دينية هي ” إخوان الصفا وخلان الوفا ” ، والهدف شيطنة إسماعيل و وأد تجربته ، والنتيجة عزل إسماعيل وتولى الخديوي توفيق أول رجل من رجال السر يجلس على عرش مصر المحروسة عبر تاريخها كلها ، نجاح مبهر أسطوري لكارت الدين ، وخلف الكواليس المحرك هم رجال السر
■ العام 1919 م ، المصريون البسطاء بفطرتهم الوطنية الصحيحة ، وببوصلتهم المنظبطة ، و باتحادهم تحت رآية واحدة يرعبون رجال مخابرات الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس ، ” والحل يا سادة ؟! ” ، هذا ما دار في عقول رجال مخابرات بريطانيا العظمي ، الإجابة سهلة لعبة ” فرق تسد ” الشهيرة بكارت الدين ، فكانت جماعة الإخوان المسلمين لصاحبها البنا صاحب الأصول الغامضة التي تعود إلى دولة المغرب ، جماعة دينية مزعومة بريطانية الفكرة والتمويل والنشأة ، وكانت خطوة مهمة نحو تمكين سلالة أصحاب الأنف المعقوف من القدس كما كتب جون كوليمان في كتابه ” مجلس الثلاثمائة ..التسلسل الهرمي للمتآمرين “
■ تتفق او تختلف مع الرئيس جمال عبد الناصر ، لكن لا يمكن إنكار أن الخطة الخمسية بين عامي 1960 و 1965 هي أنجح خطة تم تنفيذها في تاريخ مصر المعاصر ، المصريون الكارهون لعلم التخطيط يبدعون فيه أخيراً ، ويتخلون عن الفهلوة والتنظير والرؤى قصيرة الأمد ، والرد مزدوج هذه المرة من دول العدوان الرباعي على مصر ، من واشنطن ولندن وباريس وتل أبيب ، تم دعم مخطط القناطر الخيرية لصاحبه التكفيري سيد قطب ، ثم صناعة فخ اليمن ، تخيل المشهد العبثي الكابوسي ، مرتزقة من كل دول العالم مع عناصر من وحدة كيدون في الموساد مع عناصر الإخوان المسلمين يحاربون جيش مصر في اليمن ، ما أشبه الليلة في سوريا بالبارحة في اليمن
■ الرئيس البطل محمد أنور السادات ورجاله وجيشه يقهرون المستحيل ، ويصنعون الملحمة الخالدة ويذلون أنوف شياطين الأرض ، الردود متلاحقة هذه المرة ، من دعم تنظيم الإخواني صالح سرية بأموال عربية ملعونة تحركها اليد الأمريكية المسيطرة ، ثم طهو الثورة الإيرانية بمزاج رائق في مطابخ المخابرات المركزية الأمريكية العملاقة ، ليصبح الخوميني هو قبلة المسلمين وفارسهم المنتظر ، ويا لسخرية القدر
■ ” كش ملك ” من السادات ، الإعلان عن زيارة القدس و مرحلة معاهدة السلام ، ذهول تام في أروقة البيت الكبير أو جهاز الموساد ، والرد العبقري جاء من الداهية ” إفرايم هالفي ” ، إنشاء حركة مقاومة ذات طابع إسلامي في الظاهر ، لتكون الخنجر المغروس في ظهر السادات وجيشه و بلده ، حركة مقاومة بعد ثلاثين سنة من الإحتلال ، وتكون النهاية الحزينة بإستشهاد السادات في نفس يوم عيده على يد المرتزقة من تجار الدين و الوطن
■ مع العدوان الأمريكي الشرس على العراق ، يتم حصاد نجاح الثورة الإيرانية عبر الإنبعاث الشيعي في بغداد ، وتظهر عشرات الطوائف والتنظيمات والفرق في مشهد دموي مؤسف ، وبعدها يوافق الرئيس الأمريكي على فكرة ضابط المخابرات الأمريكية الفذ ” مايكل فيكرز ” بإنشاء جيش المقاتلين العرب ليقوم بتحقيق أهداف فائقة الأهمية لواشنطن رافعاً الرآية الدينية الحمراء التي تتجه إليها الثيران العربية على الدوام
■مع بدء العد التنازلي لتفعيل مخططات التقسيم والتفتيت ، يتم صناعة الثورات العربية المزعومة بواسطة تيارات الإسلام السياسي ، الشعار البراق الجميل والمضمون الفاسد القبيح ، ودفع الرئيس مبارك ثمن التعايش مع الأفاعي السامة ، وتلك الأحداث الدامية دليل دامغ على التحكم الأمريكي التام في تلك التيارات ، فتجد عصابة مشعل تحارب مع عصابة نصر الله ضد جيش مصر في سيناء ، تجد عصابة هنية تحارب ضد مرتزقة نصر الله في سوريا ، دوائر الصراع المعقدة التي تم صناعتها ، ولا يمكن تفسيرها سوى برغبة وهوى السيد الأمريكي
■بعد زلزال الثالث من يوليو في القاهرة ، كانت الصدمة الرهيبة في واشنطن ، فشلت خطة نوح فيلدمان في عودة الخلافة الإسلامية عبر الجماعة البريطانية وتحت السيطرة الأمريكية ، لتكون شرارة تنفيذ مخطط التقسيم ، فتم نزول جيش المقاتلين العرب من دكة الإحتياط تحت اسم ” دا..عش “
■مع بداية عرض مسرحية الموت في السابع من أكتوبر ، نفس السيناريو والأسلوب والحبكة ، كم كان السلاموني محقاً في رؤيته لسلسلة أفلام رامبو ، تم إستخدام دمى الإسلام السياسي وتعاطف السائرين نياماً لتنفيذ مشروع التوسع للدولة التوراتية ، فلسطين ولبنان وسوريا والعراق والسعودية ، ومصر في لحظة الصدام النهائي المروع
■ تحت نفس الذريعة تم التدخل في لبنان ، بعد فيلم عتاب المحبين بين تل أبيب و طهران ، وتلك الهدنة هشة وذلك الإنسحاب مؤقت ، لأن الإصرار على المضي قدماً موجود في أدبياتهم من زمن بعيد
■ الفاجعة الكبرى كانت في سوريا ، منتخب المرتزقة يظهر من جديد في حلب تحت اسم جديد مثير ” هيئة تحرير الشام ” ، وأردوغان يحاول كسب رضا السادة من جديد بعد إنطفاء نجوميته ، ونفس رد الفعل المقزز لكتيبة السائرين نياماً في العالمين العربي والإسلامي ، ودور هيئة تحرير الشام هو نفس دور حركة المقاومة الوهمية في مسرحية السابع من أكتوبر ، إيجاد الذريعة و تقديم سوريا كلقمة سائغة للافواه المسعورة ، و كجسد جميل يشتهيه شياطين الدولة التوراتية
■ للأسف ، هذا كلام ظهر على تلك الصفحة المتواضعة عشرات المرات ، القادم المزيد من الأحداث الدموية في سوريا والعراق ثم السعودية ، ثم تأتي مرحلة المعركة الكبرى مع مصر
■ كلنا نحب الله سبحانه وتعالى ، كلنا نعشق الدين ، كلنا نحلم بالجنة ، ولكن من العيب أن يتم إستخدام نفس السيناريو منذ عصر محمد عبد الوهاب حتى حلب وحماة لتنفيذ نجاحات كبرى لاعدائنا ، كارثة أن يتم إستخدام ذلك الحب وذاك العشق وهذا الحلم في تدمير الأوطان و سفك الدماء بلا رحمة ، وينجح نفس السيناريو في كل مرة
■ رامبو مازال مصراً في أفلامه على نفس التيمة و الحبكة والأسلوب والطريقة والسيناريو والبناء الدرامي ، المدهش والمؤسف في ذات الوقت ، أن الجمهور العربي يفغر فاه في دهشة ، وتلتهب يده من التصفيق في حرارة ، الله يرحم الراحل سامي السلاموني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى