رحلة أولياء أمور ذوي الاحتياجات الخاصة إلى الدمج التعليمي
مصر – مريان نعيم
تختلف رحلة إلحاق الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بالمدرسة عن أقرانه من الأطفال الطبيعيين، حيث يقابل أولياء أمورهم في تلك المرحلة الكثير من التحديات، ويكمن تحدي رحلتهم ليس في اختيار المدرسة الأفضل بقدر الوصول إلى المدرسة التي تقبل أبنائهم، وذلك على الرغم من وجود قرار وزير التربية والتعليم رقم 252 لسنة 2017، والخاص بدمج الأطفال ذوي الإعاقة، والذي ينص على أحقية هؤلاء الملائكة في الالتحاق بالمدرسة الأقرب جغرافياً، ولكن غالباً ما يكون هناك صعوبة في الوصول إلى ذلك، والحق يقال ومن ملاحظة التجارب الفعلية يكون من المصلحة النفسية أو الدراسية للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة أن تكون المدرسة مؤهلة للتعامل مع حالاتهم، وليست جميع المدارس كما كنت أتصور أو تم النص عليها في القرار الوزاري.
ليبدأ أولياء أمور ذوي الاحتياجات الخاصة رحلة جديدة مع إجراءات الدمج الدراسي، والتي تتضمن تقريراً طبياً بالحالة، يليه العرض على لجنة متخصصة مصطحبين أبنائهم، ولا أخفي على حضراتكم أن تلك المرحلة على الرغم من أهميتها إلا إنها تكون مرحلة ذات أثر نفسي شديد، لكن لا يمكن إغفالها، ليحمدوا الله أنها لن تتكرر إلا بعد انتهاء المرحلة الابتدائية ليتم إعادة تقييم الحالة بعد ذلك في المرحلة التعليمية التالية.
فقد كنت أعتقد أن اللمسات البيروقراطية الإدارية ستكون بمنأى عن هؤلاء الملائكة، فكنت أعتقد أنه بصدور قرار الدمج للطفل، فستطبق نفس المميزات على جميع حالات الأطفال من ذوي الاحتياجات بالتساوي، وهي الإعفاء من اللغة الثانية، والتخفيف في المنهج الدراسي، مع وجود المرافق التربوي، لأتفاجأ بأن تلك الإيجابيات قد تم وضع بعض الرتوش غير المفهومة عليها، والتي تزيد من العبء النفسي والمادي على أولياء أمور هؤلاء الملائكة. ليتمتع فقط ذوي الاحتياجات الخاصة ممن يعانون من الشلل الدماغي أو التوحد بأحقية وجود المرافق التربوي، ولا يحق لذوي الاحتياجات الخاصة ممن يعانون من إعاقة ذهنية بسيطة (بعض الحالات الأخرى للإعاقات الذهنية) – وهم الأولى من وجهة نظري- من وجود المرافق التربوي أثناء الدراسة أو الاختبارات، ولمن لا يعلم دور المرافق التربوي، فهو المرافق الملازم لهذه الحالات، ووجوده وتحمل نفقاته بالكامل شرط أساسي كي يتم قبول الأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة بالمدرسة من الأساس، فلماذا هذا التصنيف المُربك لأولياء الأمور؟، والذي يحتاج إلى إعادة إجراءات كثيرة لاستكمال رحلتهم الشاقة مع أبنائهم.
وإذا ما نظرنا إلى الأعباء المادية التي يتحملها أولياء أمور الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، فسنجدهم يتحملون للكثير من النفقات الهادفة إلى تدريب أبنائهم خارج نطاق المدرسة، بهدف زيادة قدراتهم المختلفة، وللعلم تتجاوز التكلفة المادية التي تتحملها أسرة طالب الدمج مجموع تكاليف أربعة طلاب على الأقل من الطلاب الطبيعيين، إذا ما أخذنا في الحسبان مختلف النفقات المحيطة بالعملية الدراسية. وعلى جانب محاولة ترشيد النفقات التي يتحملها أولياء أمور مثل هذه الحالات الخاصة، نجد أن بعض المدارس التي تستقبل تلك الحالات تتيح نظام لاقتسام مصاريف المرافق التربوي بين طالبين، ليأتي القرار الوزاري، ليشترط بأن يكون المرافق التربوي لطالب واحد فقط، وهو الامر الذي يضاعف من النفقات المادية على أسرتين ممن رتبوا أحوالهم على وجود مرافق تربوي واحد لكل حالتين من الأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وبالنظر إلى نقطة أخرى بخلاف مميزات نظام الدمج، وإزاحته لعبء القبول المجتمعي للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وتيسير فرص إلحاقهم بالمدارس، فإن رحلة الذهاب إلى المدرسة ذاتها لكثير من هؤلاء الملائكة لا تتعدى النزهة اليومية ذات الأثر النفسي الإيجابي لهم ولأسرهم، وأنا أعني كلمة نزهة، ليأتي الدمج كإطار إن أصاب في زيادة قدراتهم الدراسية فسيكون خير وبركة، وإن لم يصب فقد تحقق الهدف الأسمى من الدمج وهو الاختلاط والقبول المجتمعي والاستيعاب الإنساني، ومعظم أسر هذه الحالات الخاصة على يقين تام من ذلك، ويسعدون لسعادة أبنائهم طالما قادرون على تحمل أعبائها. لأنهي مقالي بالحمد والشكر لله، والدعاء بالصمود لكل أولياء الأمور ممن رزقهم الله بأي حالة من هؤلاء الملائكة، ليعيشوا رحلتهم الدنيوية معهم بهباتها وتفاصيلها وأعبائها، وكل الرجاء في إعادة النظر في تلك النقاط التي تضمنها قرار الدمج تخفيفاً على أسر هؤلاء الملائكة من أبنائنا.
د/ شيماء سراج الدين عمارة
خبيرة اقتصادية
رحلة أولياء أمور ذوي الاحتياجات الخاصة إلى الدمج التعليمي