آراء حرةمانشيتات

زينة عبد القادر وحوار وطني مع اللواء الدكتور سمير فرج عن (ماذا حدث في الخامس من يونيو عام ١٩٦٧ م ؟؟)

الأحداث المتوترة التي تحدث حالياً في المنطقة العربية تذكرنا بما حدث من قبل من احتلال وحروب وثغرات ودماء ودمار وخراب واغتصاب للأرض من القوات الاسرائيلية علي مصر في عام ١٩٦٧م .

حوار مع سيادة اللواء سمير فرج عن ذكرياته عن هذا اليوم في تاريخ مصر ٥ يونيو ١٩٦٧م ..

إذا بدأ يقول وبصوت به حسرة مازلت اذكر ماحدث في هذا اليوم المشؤوم بكل تفاصيله ولا أظنها ستمحى ما دمت على قيد الحياة ..

لماذا ؟؟ لان ذلك اليوم الذي لقي فيه الجيش المصري هزيمة من إسرائيل لم يكن له فيها يد إذ لم يحارب ولم يختبر حتى في أي لحظة من تلك الحرب ولكنه وُصم بالهزيمة في هذا اليوم.

ممكن تحكلنا القصة من البداية سيادة اللواء !!

القصة بدأت في شهر مايو ١٩٦٧م عندما تواردت أنباء عن احتشاد قوات إسرائيلية أمام الحدود السورية في اتجاه هضبة الجولان، وهو ما نبأ بنية إسرائيل لشن هجوم على سوريا، والاستيلاء على هضبة الجولان فصدرت الأوامر في مصر بتحريك القوات المصرية إلى سيناء في مظاهرة عسكرية بهدف تأييد الأخوة في سوريا، ولردع العدو الإسرائيلي عن تنفيذ مخططه بالهجوم واحتلال الأراضي السورية، ولعل أولى أخطاء القيادة العسكرية المصرية حينها هو عدم تحديد مهمة القوات المصرية التي تتحرك إما في مهمة دفاعية، أو لتنفيذ عملية هجومية، أما تواجدها بهدف مظاهرة عسكرية، فهو ما لم يرد في مراجع القتال العسكري.

كلمنا سيادة اللواء عن قوة القوات المسلحة المصرية وقتها وهل كانت مستعدة للتصدي والدفاع عن سوريا وقتها؟؟

في ذلك الوقت، كان جزءاً كبيراً من القوات المسلحة المصرية يحارب في اليمن، أما باقي القوات الموجودة في مصر، فكان معظمها عائداً من تلك الحرب وقد كنت شخصياً ضمن تلك القوات العائدة من اليمن، بعد ثلاث سنوات، قضيتها فيما لا يمكن تصنيفه بأنه حرباً بمفهومها التقليدي الحديث، وإنما كانت معارك جبلية ضد قبائل، تنفذ كمائن على الطرق الرئيسية وهو ما كان أحد أسباب افتقار القوات المصرية العائدة من اليمن لأساليب ومناهج الحروب الحديثة.

المهم أنني تحركت ونفذت الأوامر وأنا وقتها برتبة ملازم أول، ضمن القوات المقاتلة إلى سيناء ووصلت إلى الحدود مع العدو الإسرائيلي في منطقة الكونتيلا، ضمن كتيبتي المشاة، ورأينا علم إسرائيل يرفرف أمامنا على برج المراقبة على مسافة ۱۲۰۰ متر داخل حدود فلسطين المحتلة.

وعندما جاء يوم الخامس من يونيو ٦٧، شنت قوات العدو الإسرائيلي ضربة جوية ضد المطارات والقواعد الجوية المصرية وفي غضون ساعة واحدة، حققت سيادة جوية على سماء مصر، مُركزة على منطقة العمليات في سيناء. وحتى الطائرات المصرية التي لم تنجح إسرائيل في تدميرها، لم تستطع الطيران بسبب استخدام إسرائيل في ذلك اليوم لنوع جديد من القنابل الفرنسية الصنع ضد الممرات في المطارات، مما أصابها بأضرار جسيمة وهو ما يستلزم أيام من العمل المتواصل لتصليحها وذلك لم يكن بمتاح وقتها.

لماذا أخذت القيادة العسكرية المصرية قرار انسحاب قواتها ؟

القرار دا حصل بعد الضربة الجوية الإسرائيلية، بعدها صدرت لنا الأوامر بالانسحاب من على خط الحدود إلى عمق سيناء، ومع الأسف تم الانسحاب تحت سيطرة جوية كاملة، لطيران العدو الإسرائيلي، ووصلنا إلى منطقة نخل، وبعدها إلى ممر يسمي متلا، الذي يصل طوله إلى ۳۲ كيلو، ويضم حارتين؛ إحداهما ذهاباً، والأخرى إياباً، فإذا بالطيران الاسرائيلي ينفذ أحد التكتيكات المعروفة في العلوم العسكرية بأن أغلق مدخل ومخرج الممر، ليصبح الممر مصيدة للقوات المسلحة المصرية، فاستشهد من دخله من قواتنا، بينما واصل الناجون من تلك العملية بالانسحاب سيراً على الأقدام في اتجاه السويس، تحت وابل من قذائف الطائرات الإسرائيلية، حتى وصلنا إلى قناة السويس، لنجد كل الكباري وقد دمرها العدو، لمنع عودة القوات المصرية بأسلحتها من سيناء، فعبرنا إلى الضفة الغربية، باستخدام القوارب المطاطية، التابعة للمهندسين العسكريين، بينما طيران العدو يدمر ما بقي من أسلحة ومعدات الجيش المصري المحدودة في سيناء.

وقد كانت أكبر أخطاء القيادة العسكرية، حينها، أنها حركت القوات المصرية إلى سيناء دون وضع خطة علمية واضحة للانسحاب، فاستغرقت تلك الرحلة الحزينة خمسة أيام حتي وصلنا إلى قناة السويس في الخامسة من مساء يوم 9 يونيو ٦٧، فيما أعتبره أسوأ أيام تاريخ مصر الحديث لنرى العلم الإسرائيلي يرفرف على الضفة الشرقية للقناة، بينما الجيش المصري يتم تدميره في سيناء، والرئيس عبد الناصر يعلن تنحيه عن الحكم إلا أن الشعب المصري أعلن في نفس اللحظة رفضه للهزيمة، ورفضه لتنحي عبد الناصر ومدي حب الشعب لجمال عبد الناصر برغم اي شيء وتأييده له، وتعيين الفريق أول محمد فوزي وزيراً للحربية، ومعه الفريق عبد المنعم رياض رئيساً للأركان، لينقذ مصر بصموده من مصير مجهول، وليبدأ عهد إعادة بناء الدفاعات على القناة.

وماكان مخطط الجيش المصري بعد ذلك؟!

مرت شهور، ونحن نحفر الخنادق، وزرع الألغام، لمنع إسرائيل من عبور القناة والوصول للعاصمة، ونتدرب على استخدام الأسلحة الجديدة، وقضيت السنوات الست وهو عمر حرب الاستنزاف، على الخط الأول للضفة الشرقية لقناة السويس، يفصلني عن خط بارليف مسافة ۲۰۰ متر، هي عرض القناة.

وكان المخطط المصري خلالها، يضع خطته لعبور قناة السويس التي عُرفت، في عهد الرئيس عبد الناصر باسم “خطة المآذن العالية”، وتطورت إلى “الخطة جرانيت”، في عهد الرئيس محمد انور السادات.

اوصفلي معاناه الشعب وقتها يافندم؟

خلال حرب الاستنزاف وكانت ٦سنوات عانى الشعب المصري العظيم الكثير من المصاعب، منها التهجير من مدن القناة الثلاثة؛ بورسعيد والإسماعيلية والسويس، إلا أنه تحملها، دعماً لجيشه، ليحول هزيمة يونيو ٦٧، إلى نصر كبير في السادس من أكتوبر من عام١٩٧٣ م، وليؤكد مجدداً، أن مصر لن تهزم أبداً، ما دام لها جيشاً قوياً، وشعباً مسانداً.

الشعوب هي عماد الدول، وحائط الصد ضد أي محاولات للنيل منها بوعيها وإدراكها وتلاحم أفرادها على طريق تحقيق الغايات المنشودة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى