آراء حرةعربي ودوليعلاء رزقمانشيتات

سيكولوجية القرار وديناميكية الإختيار 

د. علاء رزق 

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام 

[email protected]

اثار رفع سعر رغيف الخبز المدعم 300% إلى 20 قرشا اعتباراً من أول يونيو الحالى العديد من رود الفعل ،فالبعض يرى ان سعر الخبز المدعم لم يتم تحريكه منذ أكثر من 30 عاما، وإن سعر الخبز خلال تلك الفترة تضاعف عدة مرات، وأن تكلفة رغيف الخبر على الدولة 1.25 جنيه بينما تبيعه بـ 5 قروش. كما يرى أنصار هذا الرأي بأن قيمة الدعم السنوي للخبز في مصر تبلغ 120 مليار جنية، والإنتاج اليومي يصل إلى 100 مليار رغيف.وهو ما ترتب عليه أن مصر أصبحت أكبر مستورد للقمح في العالم، وان رفع سعر رغيف الخبز المدعوم لأول مرة منذ 3 عقود من خمسة قروش إلى 20 قرشا، اعتباراً الأول من يونيو، هي خطوة ضرورية لتتناسب مع الزيادة الكبيرة في الأسعار العالمية نتيجة التضخم العالمى غير المسبوق،بعد العديد من الأزمات الاقتصادية العالمية المتتالية ،وفى المقابل فإن إجمالي الدعم في موازنة العام المالي الحالي 2023-2024 ،يبلغ نحو 529.7 مليار جنيه (11.2 مليار دولار)، فيما يسجل في موازنة العام المالي المقبل2024-2025 ، نحو 635.9 مليار جنيه (13.5 مليار دولار). وهذا الرأى يستند أيضاً إلى أن نحو 50% من الدعم العيني غير موجه للمستحقين. وان الدعم النقدي يعد الخيار الأنسب في الدول الناشئة والتي تميل إلى الإستهلاك أكثر من الادخار ، مع وجود بعض التفاهمات مع صندوق النقد الدولي بالتنبية على مسألة الدعم العيني وتفضيل الدعم النقدي عليه، وذلك منذ إقرار الحكومة المصرية البرنامج الأول للإصلاح الاقتصادي في عام 2016، بتحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي. وفى المقابل فإن الرأى الآخر يرى أن هناك تأثير كبير نتيجة تحول الدعم من عيني إلى نقدى على حياة أكثر من 106 ملايين مصري يعتمد معظمهم على الدعم، ويعيش نسبة ليست بالقليلة تحت خط الفقر أو فوقه بقليل. وبالتالى فإن ان هذه الخطوة إلى جانب ما قد تتسبب فيه من ضغوط تضخمية على الطبقات الفقيرة والتحديات التي ستواجهها ،ستحدث أيضا خللا في المجتمع المصري،حيث سيتجه بعض الأشخاص إلى استخدام هذه الأموال في مواضيع لا تتعلق بالإعانة على الحياة اليومية من شراء السلع والخدمات، مثل المخدرات وغيرها وهو ما سينعكس على المجتمع وقد يزيد من معدلات الجريمة.كما أن أصحاب هذا الرأي يرون أن الأموال عادة ما تتراجع قيمتها مع الوقت ومن الأفضل الحصول على السلع والخدمات المدعومة من الدولة.

مع وجود بعض التقارير تؤكد على وجود بعض أشكال الفساد والمحسوبية في المحليات، مما يحول دون وصول الدعم إلى مستحقيه ضمن برنامج الدعم النقدي تكافل وكرامة.وبالتالى فإننا نرى أن الإقدام على خطوة الدعم النقدي ظل وجود معايير محددة في الأساس لإختيار الأسر والمستحقين للدعم سواء النقدي أو العيني ستزيد من فاعلية وسيكلوجية هذا القرار . وبالتالى يجب أن تكون الأولوية لمعالجة الفساد في مختلف مراحله. مع ضرورة التأكيد حسب كثير من الدراسات أن الدعم النقدى أكثر فعالية وأقل فساداً ويذهب مباشرة إلى المواطن، وهناك دول طبقت الدعم النقدي ويمكن الإستعانة بهذه التجارب للإستفادة منها ورصد الإيجابيات والسلبيات، ومنها البرازيل والهند والمكسيك وكينيا، وغيرها، كما أن لدينا في مصر تجربة الدعم النقدي من خلال برنامج “تكافل وكرامة” والضمان الاجتماعي، ويمكن البناء على هذه التجربة مع تدقيق بيانات المستحقين وحصرهم.كذلك التأكيد على أن أبرز مميزات الدعم النقدي أنه بموجبه يتم تحويل الأموال مباشرة إلى المستفيدين، مما يقلل من التكاليف والهدر ، بما يضمن وصول الدعم للمستحقين فقط والحد من الفساد، وخفض معدل الفقر ودعم الأسر الأولى بالرعاية والأكثر إحتياجا ،وبالتالى فإنه يمكن أن نخلص من هذه الآراء أن الدعم النقدي يساهم في خفض معدل الفقر ودعم الأسر الأولى بالرعاية والأكثر إحتياجا، والمساعدة على تمكين المرأة اقتصاديا، وتحفيز النمو الإقتصادي وتعزيز ثقافة الإنتاج لدى المواطنين وترشيد الإستهلاك، وتحقيق الضمان الإجتماعي للأسر والمساهمة فى تحقيق الأمن المجتمعي، والاستثمار فى رأس المال البشري، والارتقاء بالمستوى التعليمي لأفراد الأسر المستفيدة،وتحسين مستوى تغذية الأطفال والرعاية الصحية للأم والطفل، وتحويل الأسر متلقية الدعم الى أسر منتجة.وهو ما يمثل أحد اهم ركائز الجمهورية الجديدة التى وضع أركانها الرئيس عبد الفتاح السيسى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى